الحياة المبكرة والخدمة العسكرية
وُلد هاربهاجان سينغ في 30 أغسطس 1946 في قرية باثادا في منطقة كابرثالا في البنجاب، الهند. التحق بالجيش الهندي في عام 1965، وخدم في فوج البنجاب، الكتيبة 14. خلال فترة خدمته، أظهر سينغ تفانياً والتزاماً بواجبه، مما أكسبه احترام زملائه وقادته. بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، انضم إلى الجيش الهندي في عام 1965. خدم في كتيبة البنجاب رقم 14. خلال فترة وجوده في الجيش، كان سينغ جندياً مخلصاً ومثالياً، وتميز بشجاعته ووطنيته.
تم نقله إلى الحدود الهندية الصينية، حيث شارك في العديد من العمليات العسكرية. في عام 1968، أثناء مهمة استطلاعية في منطقة تونغ تشو لا في ولاية سيكيم، اختفى سينغ. كان ذلك في ظروف غامضة، ويعتقد أنه فقد حياته بسبب انهيار جسر أثناء عبوره. بدأت القصة الأسطورية لـ “بابا” هاربهاجان سينغ بعد وفاته.
الأسطورة والتقاليد
وفقاً للأسطورة، ظهر سينغ في حلم لأحد زملائه الجنود وأخبره عن مكان جثته. تم العثور على الجثة، وتم بناء ضريح له في مكان الحادث. ومنذ ذلك الحين، بدأ الجنود في الاعتقاد بأن روح سينغ لا تزال تحرس المنطقة الحدودية وتحميها. تطورت هذه القصة إلى تقاليد راسخة في الجيش الهندي.
يعتقد الجنود الهنود أن روح بابا هاربهاجان سينغ تحرسهم وتحميهم من المخاطر. في البداية، كان يتم تخصيص مقعد له في القطار عندما يتم نقل الجنود إلى الجبهة، حتى يعطى إجازة سنوية لزيارة منزله، وتُرسل له رواتب شهرية. مع مرور الوقت، تحولت هذه الاعتقادات والتقاليد إلى جزء لا يتجزأ من الثقافة العسكرية الهندية. يعتبره الجنود “إلهاً” أو “حامياً” لهم.
تم بناء معبد تكريماً له، يُعرف باسم “معبد بابا” أو “مندير بابا هاربهاجان سينغ”، في منطقة تونغ تشو لا. يقع المعبد على ارتفاع عالٍ، ويُعتبر مزاراً مقدساً للجنود والمدنيين على حد سواء. يزوره الجنود بانتظام، ويتركون له الهدايا والرسائل كعلامات احترام وتوسل للحماية.
التقاليد والطقوس في معبد بابا
يشتهر معبد بابا هاربهاجان سينغ بالعديد من التقاليد والطقوس الفريدة. أحد أبرز هذه التقاليد هو الاحتفاظ بغرفة خاصة له داخل المعبد، حيث يتم الاحتفاظ بملابسه وأحذيته وأمتعته الشخصية. يعتقد الجنود أن هذه المتعلقات لا تزال تحتفظ بوجوده الروحي.
- تغيير الملابس والأحذية: يتم تغيير ملابس وأحذية بابا بشكل دوري. يعتقد الجنود أن هذه العملية تحافظ على “حضوره” في المعبد.
- زيارة المعبد: يقوم الجنود بزيارة المعبد بانتظام، ويقدمون الصلاة والقرابين.
- المشاركة في الاجتماعات: يعتقد الجنود أن روح بابا تحضر الاجتماعات العسكرية وتساعد في اتخاذ القرارات.
- إجازة سنوية: تُمنح روح بابا إجازة سنوية، حيث يتم إرسال الجنود بملابسه إلى قريته.
من التقاليد الأخرى، يقوم الجنود بإعداد وجبات الطعام لـ “بابا” وتركها في المعبد. يُعتقد أن الطعام يختفي، مما يدل على أن بابا يتناوله. كذلك، يتم إرسال رسائل إليه، ويُعتقد أنه يجيب عليها بطرق غامضة.
الدور الحدودي والتعاون مع الجيش الصيني
يُعتقد أن روح بابا هاربهاجان سينغ تقوم بدور هام في حماية الحدود الهندية. وفقاً لبعض الروايات، يعتقد أن الجنود الصينيين رأوا “روح” سينغ يقوم بدوريات على الحدود، مما دفعهم إلى احترام هذه المعتقدات وتقديم الهدايا في المناسبات الخاصة. يقول البعض إن الجنود الصينيين يبلغون الجانب الهندي عن أي تحركات يقوم بها الجنود في الليل، وذلك من خلال إشارات ورموز متفق عليها.
هذا التعاون المزعوم بين الجنود الهنود والصينيين يعكس الاحترام المتبادل للمعتقدات الدينية والثقافية. على الرغم من التوتر السياسي بين الهند والصين، فإن قصة بابا هاربهاجان سينغ توفر لمحة عن الاحترام المتبادل الذي يمكن أن يوجد بين الجنود على الحدود.
التقدير والاعتراف
حظي بابا هاربهاجان سينغ بتقدير كبير من قبل الجيش الهندي والمجتمع الهندي بشكل عام. تم بناء العديد من المعابد والنصب التذكارية تكريماً له. تُظهر هذه المعابد التفاني العميق والإيمان الراسخ الذي يكنه الجنود والمدنيون لروح بابا.
يُعتبر بابا هاربهاجان سينغ رمزاً للشجاعة والتفاني والروحانية في الجيش الهندي. قصته تذكرنا بأهمية الإيمان والتقاليد في حياة الجنود، وكيف يمكن أن تكون هذه العوامل حاسمة في الحفاظ على الروح المعنوية العالية في مواجهة التحديات.
التأثير الثقافي
أثرت قصة بابا هاربهاجان سينغ في الثقافة الهندية بطرق عديدة. ألهمت العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية والكتب. أصبحت قصته جزءاً من الفلكلور الشعبي الهندي، وتُروى للأجيال القادمة. ساهمت في تعزيز الوعي بأهمية التقاليد والمعتقدات الدينية في المجتمع الهندي.
يُظهر هذا التأثير الثقافي كيف يمكن لشخصية عسكرية أن تتحول إلى رمز روحي وثقافي. قصة بابا هاربهاجان سينغ تعكس العلاقة المعقدة بين الجيش والمجتمع، وكيف يمكن للأساطير أن تلعب دوراً هاماً في تشكيل الهوية الوطنية.
الجدل والانتقادات
على الرغم من شعبيته الواسعة، أثارت قصة بابا هاربهاجان سينغ بعض الجدل والانتقادات. شكك البعض في صحة القصة، واعتبروها مجرد خرافات لا أساس لها من الصحة. يرى النقاد أن هذه المعتقدات قد تؤثر على العقلانية والتفكير النقدي للجنود. ومع ذلك، لا تزال هذه الانتقادات أقلية مقارنة بالاحترام والتبجيل الواسع النطاق الذي يحظى به بابا هاربهاجان سينغ.
بغض النظر عن وجهات النظر المختلفة، تظل قصة بابا هاربهاجان سينغ جزءاً مهماً من تاريخ الجيش الهندي، وتعكس جوانب هامة من الثقافة الهندية.
خاتمة
بابا هاربهاجان سينغ هو شخصية أسطورية في الجيش الهندي، يُنظر إليها على أنها حامية للحدود وحارسة للجنود. قصته هي مزيج من التاريخ والأساطير والمعتقدات الدينية. على الرغم من الجدل المحيط بها، إلا أنها لا تزال تحظى باحترام كبير في الجيش الهندي والمجتمع الهندي. يعتبر معبده في تونغ تشو لا مزاراً مقدساً يزوره الجنود بانتظام، وتُعتبر تقاليده وطقوسه جزءاً لا يتجزأ من الثقافة العسكرية الهندية. قصة بابا هاربهاجان سينغ هي تذكير بقوة الإيمان والتقاليد في حياة الجنود، وكيف يمكن أن تشكل الأساطير جزءاً مهماً من الهوية الوطنية.
المراجع
- ويكيبيديا – هاربهاجان سينغ
- هندوستان تايمز – أسطورة الجندي الهندي
- آوت لوك إنديا – بابا هاربهاجان: الجندي القديس
- ذا تريبيون – بابا هاربهاجان سينغ: أسطورة
“`