نشأته وتعليمه
ولد وليام تروفانت فوستر في نيو هيفن، كونيتيكت، في عام 1879. حصل على درجة البكالوريوس من جامعة هارفارد عام 1901، ثم حصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة كولومبيا. بدأ مسيرته الأكاديمية كأستاذ للفلسفة والأخلاق في كلية ريد في بورتلاند، أوريغون، حيث عمل من 1910 إلى 1917. خلال فترة عمله في كلية ريد، بدأ فوستر في تطوير اهتمامه بالاقتصاد، خاصةً بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في أوائل القرن العشرين.
مساهماته في الفكر الاقتصادي
تعتبر مساهمات فوستر في الفكر الاقتصادي ذات أهمية بالغة، خاصة في مجال تحليل سلوك المستهلك وتأثيره على الاقتصاد الكلي. يرى فوستر أن الإنفاق الاستهلاكي هو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، وأن التباطؤ في هذا الإنفاق يمكن أن يؤدي إلى الركود الاقتصادي. كان هذا الرأي يختلف عن الآراء الاقتصادية السائدة في عصره، والتي كانت تركز بشكل أكبر على الإنتاج والاستثمار.
أحد أبرز أعمال فوستر هو كتابه المشترك مع واديل كتشين “المال والتقدم” (Money and Progress) الذي نشر في عام 1923، والذي قدم فيه رؤيته حول دور المال والائتمان في الاقتصاد الحديث. كما كتب فوستر العديد من المقالات والكتب الأخرى التي تناولت قضايا الاقتصاد الكلي، بما في ذلك كتاب “أزمة الازدهار” (The Road to Plenty) الذي نشر في عام 1928 بالاشتراك مع ويلفريد كتشين.
نظرية التوازن
ركز فوستر على نظرية “التوازن” في الاقتصاد، والتي تنص على أن الاقتصاد يجب أن يحافظ على توازن بين الإنتاج والاستهلاك. يرى فوستر أن عدم التوازن بين الإنتاج والاستهلاك يمكن أن يؤدي إلى أزمات اقتصادية. على سبيل المثال، إذا أنتجت الشركات أكثر مما يمكن للمستهلكين شراؤه، فسوف تتراكم المخزونات، وتقل الأرباح، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض الإنتاج وتسريح العمال.
اقترح فوستر عدة سياسات لتحقيق التوازن الاقتصادي، بما في ذلك:
- زيادة الأجور
- تخفيض ساعات العمل
- توزيع الأرباح على نطاق أوسع
- تقديم إعانات للعاطلين عن العمل
اعتقد فوستر أن هذه السياسات ستزيد من الإنفاق الاستهلاكي وتحفز النمو الاقتصادي.
نقد نظرياته
على الرغم من أهمية مساهمات فوستر، فقد تعرضت نظرياته للانتقادات. اتهم البعض فوستر بتجاهل أهمية العوامل الأخرى التي تؤثر على الاقتصاد، مثل الاستثمار والادخار. كما انتقد البعض الآخر اقتراحاته بشأن السياسات الاقتصادية، معتبرين أنها غير واقعية أو غير فعالة.
بالإضافة إلى ذلك، لم تحظ أفكار فوستر بالقبول الواسع في الأوساط الأكاديمية السائدة في عصره. ومع ذلك، كان لأعماله تأثير كبير على الفكر الاقتصادي، خاصة خلال فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات، عندما بدأت الحكومات في جميع أنحاء العالم في النظر في سياسات لتحفيز الإنفاق الاستهلاكي.
تأثيره على الفكر الكينزي
يُعتقد أن أفكار فوستر قد أثرت على أعمال الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز، أحد أبرز الاقتصاديين في القرن العشرين. تشترك نظريات فوستر وكينز في تركيزهما على أهمية الإنفاق الاستهلاكي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. ومع ذلك، اختلف كينز مع فوستر في بعض التفاصيل، خاصة فيما يتعلق بدور الحكومة في الاقتصاد.
على سبيل المثال، اقترح كينز استخدام السياسات المالية والنقدية لتحفيز الاقتصاد، بينما ركز فوستر بشكل أكبر على أهمية زيادة الأجور وتوزيع الأرباح. على الرغم من هذه الاختلافات، فإن تأثير فوستر على الفكر الكينزي لا يمكن إنكاره.
إسهامات أخرى
بالإضافة إلى مساهماته في الاقتصاد، كان فوستر ناشطًا في العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية. كان مؤيدًا قويًا للإصلاحات الاجتماعية، بما في ذلك حقوق العمال والتعليم العام. كما شارك في العديد من المنظمات والمجموعات التي تعمل على تعزيز السلام والعدالة الاجتماعية.
قام فوستر أيضًا بتأسيس “معهد بوليسيست” (Pollak Foundation for Economic Research) عام 1937، والذي يهدف إلى دراسة قضايا الاقتصاد الكلي والسياسات الاقتصادية. قدم المعهد الدعم المالي للعديد من الباحثين والعلماء، وساهم في نشر الأفكار الاقتصادية المتقدمة.
أعماله المنشورة
كتب وليام تروفانت فوستر العديد من الكتب والمقالات، من بينها:
- “المال والتقدم” (Money and Progress) بالاشتراك مع واديل كتشين (1923)
- “أزمة الازدهار” (The Road to Plenty) بالاشتراك مع ويلفريد كتشين (1928)
- “الادخار والاستثمار” (Saving and Investing) (1930)
ساهمت هذه الأعمال في نشر أفكاره حول الاقتصاد الكلي، وأثرت على العديد من الاقتصاديين وصناع السياسات.
إرثه
ترك وليام تروفانت فوستر إرثًا مهمًا في مجال الاقتصاد. لقد ساهمت أفكاره حول دور الإنفاق الاستهلاكي في النمو الاقتصادي في تطوير الفكر الاقتصادي الحديث. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى نظرياته، إلا أن عمله قد أثر على العديد من الاقتصاديين وصناع السياسات، ولا يزال يُنظر إليه على أنه مساهمة قيمة في فهم الاقتصاد.
خاتمة
كان وليام تروفانت فوستر شخصية بارزة في مجال الاقتصاد، اشتهر بنظرياته حول أهمية الإنفاق الاستهلاكي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى أفكاره، إلا أن مساهماته في الفكر الاقتصادي لا يمكن إنكارها. لقد أثر عمله على العديد من الاقتصاديين وصناع السياسات، ولا يزال يُنظر إليه على أنه مساهمة قيمة في فهم الاقتصاد.
المراجع
- William Trufant Foster | American economist | Britannica
- William Trufant Foster – Wikipedia
- William Trufant Foster – Oxford Reference
- William Trufant Foster – Famous Economists
“`