أهمية السفر
يحظى سفر راعوث بأهمية كبيرة في كل من التقاليد اليهودية والمسيحية لعدة أسباب:
- أصول الملك داود: يربط السفر بين الملك داود وبين امرأة أجنبية (راعوث)، مما يسلط الضوء على فكرة الشمولية في الديانة اليهودية، وأن النسب لا يقتصر على العرق أو الأصل.
- الوفاء والإخلاص: تعتبر قصة راعوث مثالاً قوياً على الوفاء والإخلاص للعائلة، حيث تضحي راعوث بكل شيء لتبقى مع حماتها نعمي.
- اللطف والخلاص: يُظهر السفر أهمية اللطف (بالعبرية: חסד, حِسِد) في العلاقات الإنسانية، وكيف يمكن أن يؤدي إلى الخلاص والبركة.
- مكانة المرأة: يبرز السفر دور المرأة في المجتمع الإسرائيلي القديم، وقدرتها على التأثير في مجرى الأحداث.
ملخص القصة
تبدأ القصة في زمن القضاة، عندما يحلّ الجوع في أرض إسرائيل. يضطر أليمالك وزوجته نعمي وابناهما محلون وكليون إلى الهجرة إلى موآب. هناك، يتزوج الابنان من امرأتين موآبيتين هما عُرْفَة وراعوث. بعد فترة، يموت أليمالك وابناه، وتبقى نعمي أرملة مع زوجتي ابنيها.
تقرر نعمي العودة إلى بيت لحم بعد أن سمعت أن الله قد افتقد شعبه وأعطاه خبزًا. تحاول نعمي إقناع زوجتي ابنيها بالبقاء في موآب، لكن راعوث تصر على الذهاب معها، قائلة لها:
“لا تلحّي عليّ أن أتركك وأرجع عنكِ. لأنه حيثما تذهبين أذهب، وحيثما تبيتين أبيت. شعبك شعبي، وإلهك إلهي. حيثما تموتين أموت، وهناك أُدفن. هكذا يفعل الرب بي وهكذا يزيد، إنما الموت يفصل بيني وبينكِ.” (راعوث 1: 16-17)
تصل نعمي وراعوث إلى بيت لحم في بداية حصاد الشعير. تذهب راعوث لجمع بقايا الحصاد في حقول بوعز، وهو رجل ثري وقريب لأليمالك. يعجب بوعز بإخلاص راعوث لنعمي ويأمر رجاله بمعاملتها بلطف.
بناءً على نصيحة نعمي، تذهب راعوث إلى بوعز في الليل وتطلب منه أن يفديها (أي يتزوجها ويهتم بها) لأنه وليها الأقرب. يوافق بوعز على ذلك، ولكنه يكتشف أن هناك وليًا أقرب منه. يقوم بوعز بحل هذه المسألة أمام شيوخ المدينة، ويتنازل الولي الأقرب عن حقه في الفداء.
يتزوج بوعز من راعوث، وتحبل وتلد ابناً اسمه عوبيد. يصبح عوبيد جد يسى، ويسى هو أبو داود الملك.
الشخصيات الرئيسية
- راعوث: امرأة موآبية تتزوج من محلون، ثم تختار البقاء مع حماتها نعمي بعد وفاة زوجها. تتميز راعوث بالوفاء والإخلاص والعمل الجاد.
- نعمي: امرأة إسرائيلية تفقد زوجها وابنيها في موآب، ثم تعود إلى بيت لحم مع كنتها راعوث. تتميز نعمي بالحكمة والتدبير.
- بوعز: رجل ثري وقريب لأليمالك، يتزوج من راعوث ويفديها. يتميز بوعز بالكرم والعدل والتقوى.
الموضوعات الرئيسية
- الوفاء والإخلاص: يمثل سفر راعوث نموذجًا قويًا للوفاء والإخلاص للعائلة. تضحي راعوث بكل شيء لتبقى مع حماتها نعمي، ويظهر بوعز إخلاصه لنعمي وراعوث من خلال فدائهما.
- اللطف والخلاص: يُظهر السفر أهمية اللطف في العلاقات الإنسانية. يعامل بوعز راعوث بلطف، مما يؤدي إلى خلاصها وخلاص نعمي.
- الشمولية: يبرز السفر فكرة الشمولية في الديانة اليهودية، وأن النسب لا يقتصر على العرق أو الأصل. تصبح راعوث الموآبية جدة الملك داود، وهو رمز للملك المنتظر (المسيح) في التقاليد اليهودية والمسيحية.
- السيادة الإلهية: يُظهر السفر أن الله يعمل خلف الكواليس لتحقيق مقاصده، حتى في الأوقات الصعبة. على الرغم من المآسي التي تمر بها نعمي وراعوث، إلا أن الله يحولهما إلى بركة عظيمة.
الرمزية
يحتوي سفر راعوث على العديد من الرموز:
- بوعز: يرمز إلى الله الذي يفدي شعبه.
- راعوث: ترمز إلى المؤمنين الذين يلجأون إلى الله للخلاص.
- الحقل: يرمز إلى العالم الذي يوفر فرصًا للخلاص.
- الحصاد: يرمز إلى البركة التي ينالها المؤمنون.
التفسير المسيحي
يرى المسيحيون في سفر راعوث رمزًا لعلاقة المسيح بالكنيسة. يعتبرون بوعز رمزًا للمسيح الذي يفدي الكنيسة (راعوث) ويجعلها شريكة في ملكوته. كما يرون في راعوث رمزًا للكنيسة التي تتخلى عن ماضيها الوثني وتلتصق بالمسيح.
خاتمة
سفر راعوث قصة مؤثرة عن الوفاء والإخلاص واللطف والخلاص. يسلط السفر الضوء على أهمية هذه القيم في العلاقات الإنسانية، وكيف يمكن أن تؤدي إلى البركة والخير. كما يذكرنا السفر بأن الله يعمل خلف الكواليس لتحقيق مقاصده، حتى في الأوقات الصعبة. تعتبر قصة راعوث مصدر إلهام لليهود والمسيحيين على حد سواء، وتذكرهم بأهمية الإيمان والرجاء والمحبة.