مقدمة
ماري إنجراهام بونتينغ (10 يوليو 1910 – 21 يناير 1998) كانت عالمة وراثة بكتيرية ورئيسة جامعية أمريكية مؤثرة. اشتهرت بكونها خامس رئيس لكلية رادكليف، حيث خدمت من عام 1960 إلى عام 1972، وخلال فترة ولايتها، عملت على تحويل الكلية من مؤسسة تابعة لهارفارد إلى كلية مستقلة بذاتها. كما كانت بونتينغ ناشطة في مجال المساواة بين الجنسين في التعليم والعلوم، ودعت إلى توفير فرص أكبر للنساء في هذه المجالات.
حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت ماري إنجراهام بونتينغ في بروكلين، نيويورك، لعائلة ملتزمة بالتعليم. كان والدها، هنري أ. إنجراهام، محاميًا، وكانت والدتها، مارثا هوبر إنجراهام، خريجة كلية فاسار. تلقت ماري تعليمها في مدرسة ويستليك في كاليفورنيا، ثم التحقت بكلية فاسار، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في علم الحيوان عام 1931.
بعد تخرجها من فاسار، واصلت بونتينغ دراستها في علم البكتيريا في جامعة ويسكونسن ماديسون، حيث حصلت على درجة الماجستير في عام 1932 والدكتوراه في عام 1934. كان بحثها للدكتوراه يركز على علم الوراثة البكتيرية، وهو مجال كانت لا تزال في مراحله الأولى في ذلك الوقت. عملت تحت إشراف إيرا بالدوين، المتخصص في علم الأحياء الدقيقة الزراعية.
مسيرتها المهنية
بعد حصولها على الدكتوراه، بدأت بونتينغ مسيرتها المهنية في مجال البحث والتدريس. عملت كباحثة في جامعة ويسكونسن ماديسون من عام 1935 إلى عام 1936، ثم انتقلت إلى كلية بنينغتون في فيرمونت، حيث عملت كأستاذة في علم الأحياء من عام 1937 إلى عام 1941.
خلال الحرب العالمية الثانية، انضمت بونتينغ إلى مشروع مانهاتن، وهو برنامج بحث وتطوير سري للغاية أدى إلى إنتاج أول أسلحة نووية. عملت في مختبر كلينتون (الآن مختبر أوك ريدج الوطني) في تينيسي، حيث أجرت أبحاثًا حول تأثير الإشعاع على الكائنات الحية. كانت هذه الفترة حاسمة في مسيرتها المهنية، حيث اكتسبت خبرة واسعة في إدارة المشاريع العلمية المعقدة.
بعد الحرب، عادت بونتينغ إلى الأوساط الأكاديمية، حيث عملت كأستاذة في علم الأحياء في كلية ويليسلي في ماساتشوستس من عام 1946 إلى عام 1955. خلال هذه الفترة، واصلت أبحاثها في علم الوراثة البكتيرية، ونشرت العديد من المقالات العلمية في المجلات الرائدة.
رئاسة كلية رادكليف
في عام 1960، تم تعيين ماري بونتينغ رئيسة لكلية رادكليف، وهي كلية نسائية مرموقة تابعة لجامعة هارفارد. كانت هذه خطوة مهمة في مسيرتها المهنية، حيث أصبحت واحدة من أوائل النساء اللائي شغلن منصبًا قياديًا رفيعًا في مؤسسة تعليمية كبرى.
خلال فترة ولايتها كرئيسة لكلية رادكليف، عملت بونتينغ على تحويل الكلية من مؤسسة تابعة لهارفارد إلى كلية مستقلة بذاتها. سعت إلى زيادة استقلالية رادكليف المالية والإدارية، وعملت على توسيع البرامج الأكاديمية والأنشطة اللامنهجية المتاحة للطالبات.
أحد أهم إنجازات بونتينغ كرئيسة لكلية رادكليف هو إنشاء معهد بونتينغ (الآن معهد رادكليف للدراسات المتقدمة) في عام 1960. كان المعهد عبارة عن برنامج زمالة يوفر للنساء الباحثات والفنانات فرصة للعمل على مشاريعهن الخاصة في بيئة داعمة ومحفزة. ساهم المعهد بشكل كبير في تعزيز دور المرأة في الأوساط الأكاديمية والفنية.
كما كانت بونتينغ ناشطة في مجال المساواة بين الجنسين في التعليم والعلوم. دعت إلى توفير فرص أكبر للنساء في هذه المجالات، وعملت على إزالة الحواجز التي تعيق تقدمهن. ألقت العديد من الخطابات والمحاضرات حول هذا الموضوع، وكتبت العديد من المقالات التي تدعو إلى المساواة بين الجنسين.
مبادرة “نساء يعاودن الدخول”
أدركت بونتينغ التحديات الفريدة التي تواجهها النساء اللاتي يسعين إلى استئناف حياتهن المهنية بعد انقطاع، غالبًا بسبب مسؤوليات عائلية. ولمعالجة هذه القضية، قامت بتطوير مبادرة “نساء يعاودن الدخول” في رادكليف. كان هذا البرنامج الرائد مصممًا لمساعدة النساء المتعلمات اللاتي توقفن عن العمل لإعالة أسرهن على إعادة دخول القوى العاملة. قدم البرنامج الدعم الأكاديمي والمهني والشخصي، مما مكن النساء من تحديث مهاراتهن، واستكشاف خيارات وظيفية جديدة، واستعادة ثقتهن. أثبتت مبادرة “نساء يعاودن الدخول” نجاحًا كبيرًا وأصبحت نموذجًا للبرامج المماثلة في جميع أنحاء البلاد.
التقدير والجوائز
حصلت ماري بونتينغ على العديد من الجوائز والأوسمة تقديراً لإسهاماتها في التعليم والعلوم. حصلت على الدكتوراه الفخرية من العديد من الجامعات، بما في ذلك جامعة هارفارد وجامعة برينستون. كما تم انتخابها زميلة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم.
بالإضافة إلى ذلك، حصلت بونتينغ على ميدالية الجمعية الوطنية للخدمة العامة في عام 1964. تعتبر هذه الجائزة واحدة من أعلى التكريمات التي يمكن أن يحصل عليها الأفراد لخدمتهم المتميزة للجمهور.
حياتها الشخصية
تزوجت ماري بونتينغ من هنري ليونز بونتينغ جونيور، وهو عالم رياضيات، في عام 1937. كان لديهما أربعة أطفال: سوزان، وأليسون، وهنري، ومارغريت. كانت بونتينغ امرأة ملتزمة بعائلتها وعملها، ونجحت في تحقيق التوازن بينهما.
إرثها
تركت ماري بونتينغ إرثًا دائمًا في مجال التعليم والعلوم. كانت رائدة في مجال المساواة بين الجنسين، وعملت بلا كلل لتوفير فرص أكبر للنساء في هذه المجالات. ساهمت أبحاثها في علم الوراثة البكتيرية في تقدم هذا المجال، وساعدت قيادتها لكلية رادكليف في تحويل الكلية إلى مؤسسة مستقلة ومزدهرة.
تظل ماري بونتينغ شخصية ملهمة للعديد من النساء والرجال الذين يسعون إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مجالات الحياة. إن إرثها يذكرنا بأهمية التعليم والفرص المتساوية للجميع.
خاتمة
كانت ماري بونتينغ شخصية بارزة في القرن العشرين، حيث جمعت بين التفوق العلمي والقيادة التعليمية والدعوة إلى المساواة بين الجنسين. من خلال عملها الرائد في علم الوراثة البكتيرية ورئاستها التحويلية لكلية رادكليف، تركت بصمة لا تُمحى على التعليم العالي ودور المرأة في العلوم والمجتمع. يظل إرثها مصدر إلهام، ويشجعنا على السعي لتحقيق تكافؤ الفرص للجميع ومواصلة كسر الحواجز التي تعيق التقدم.