خلفية تاريخية
تأسس الأممية الشيوعية (الكومنترن) في مارس 1919 في موسكو، بهدف توحيد الحركات الشيوعية والاشتراكية في جميع أنحاء العالم وتعزيز الثورة العالمية. جاء المؤتمر الثاني في سياق بالغ الأهمية، حيث كانت الثورة الروسية قد ترسخت، وكانت هناك صراعات ونقاشات داخل الحركة العمالية حول طبيعة الثورة وسبل تحقيقها. كان المؤتمر الثاني بمثابة فرصة حاسمة لوضع الأسس الأيديولوجية والتنظيمية للأممية الشيوعية، وتحديد الاستراتيجيات والتكتيكات التي يجب على الأحزاب الشيوعية اتباعها.
أهداف المؤتمر
ركز المؤتمر الثاني على عدة أهداف رئيسية، من بينها:
- توضيح العلاقة بين الأحزاب الشيوعية والأممية.
- تحديد شروط الانضمام إلى الأممية.
- مناقشة المسائل المتعلقة بالحرب والإمبريالية.
- وضع استراتيجية موحدة للثورة العالمية.
أبرز المندوبين
شارك في المؤتمر الثاني عدد كبير من الشخصيات البارزة في الحركة الشيوعية العالمية. فيما يلي قائمة ببعض أبرز المندوبين:
- فلاديمير لينين (روسيا): الزعيم الرئيسي للثورة البلشفية ومؤسس الاتحاد السوفيتي. لعب لينين دوراً محورياً في قيادة المؤتمر ووضع أسسه الأيديولوجية.
- ليون تروتسكي (روسيا): أحد أبرز قادة الثورة البلشفية، وقائد الجيش الأحمر. كان تروتسكي من المؤيدين المتحمسين للثورة العالمية.
- غريغوري زينوفايف (روسيا): رئيس الأممية الشيوعية.
- كارل راديك (ألمانيا): ناشط شيوعي ألماني بارز.
- نيكولاي بوخارين (روسيا): منظّر شيوعي مؤثر.
- ألكسندرا كولونتاي (روسيا): ناشطة نسوية شيوعية.
- بيلا كون (المجر): الزعيم الشيوعي المجري.
- جوزيف ستالين (روسيا): في ذلك الوقت، كان ستالين يمثل دوراً أقل بروزاً في المؤتمر مقارنة بشخصيات مثل لينين وتروتسكي.
- كلارا زيتكين (ألمانيا): ناشطة شيوعية بارزة، ومدافعة عن حقوق المرأة.
- أنطونيو غرامشي (إيطاليا): مفكر شيوعي إيطالي، لعب دوراً هاماً في الحركة الشيوعية الإيطالية.
- سين كاتاياما (اليابان): ناشط شيوعي ياباني.
- أمايو (الصين): ممثل الحزب الشيوعي الصيني.
مندوبو الدول المختلفة
شهد المؤتمر حضور مندوبين من دول مختلفة، مما يعكس الطابع العالمي للأممية الشيوعية. فيما يلي قائمة ببعض الدول التي شاركت في المؤتمر:
- روسيا السوفيتية: مثلتها مجموعة كبيرة من المندوبين، بمن فيهم لينين وتروتسكي.
- ألمانيا: كان للحزب الشيوعي الألماني تمثيل كبير، بمشاركة شخصيات مثل كارل راديك وكلارا زيتكين.
- فرنسا: حضر مندوبون من الحزب الاشتراكي الفرنسي.
- إيطاليا: شارك مندوبون من الحزب الاشتراكي الإيطالي، بما في ذلك أنطونيو غرامشي.
- بريطانيا: شارك مندوبون من الحزب الاشتراكي البريطاني.
- الولايات المتحدة: حضر مندوبون من الحزب الشيوعي الأمريكي.
- المجر: شارك بيلا كون، زعيم الجمهورية المجرية السوفيتية القصيرة الأجل.
- اليابان: مثلها سين كاتاياما.
- الصين: مثلها أمايو.
- دول أخرى: شملت دولاً مثل هولندا، السويد، النرويج، الدنمارك، بولندا، بلغاريا، رومانيا، يوغوسلافيا، تركيا، إيران، الهند، كوريا، الأرجنتين، البرازيل، المكسيك، وكندا.
قرارات المؤتمر وتأثيرها
اتخذ المؤتمر الثاني العديد من القرارات الهامة التي شكلت مسار الحركة الشيوعية العالمية. من بين أهم هذه القرارات:
- شروط الانضمام إلى الأممية: وضع المؤتمر 21 شرطاً للانضمام، تهدف إلى ضمان نقاء الأحزاب الشيوعية ورفض الإصلاحية والانتهازية.
- المسألة الوطنية والاستعمارية: ناقش المؤتمر المسألة الوطنية والاستعمارية، وأكد على دعم حركات التحرر الوطني في المستعمرات.
- العمل النقابي: وضع المؤتمر سياسات للعمل النقابي، بهدف توجيه النقابات نحو الثورة الاشتراكية.
- مكافحة الحرب والإمبريالية: دعا المؤتمر إلى مكافحة الحرب والإمبريالية، وأكد على ضرورة تحويل الحرب الإمبريالية إلى حرب أهلية ثورية.
أثرت قرارات المؤتمر الثاني بشكل كبير على تطور الحركة الشيوعية. ساعدت هذه القرارات على توحيد الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم، وتحديد أهدافها واستراتيجياتها. ومع ذلك، أدت هذه القرارات أيضاً إلى انقسامات داخل الحركة العمالية، حيث رفضت بعض الأحزاب الشروط الصارمة للانضمام إلى الأممية.
الانقسامات والتحديات
شهدت الحركة الشيوعية بعد المؤتمر الثاني انقسامات وتحديات. كان أحد أهم هذه التحديات هو صعود الستالينية. بعد وفاة لينين، سيطر جوزيف ستالين على الأممية الشيوعية، وفرض سياساته الخاصة على الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم. أدت هذه السياسات إلى تطهيرات داخل الأحزاب الشيوعية، وتشويه الأفكار الماركسية، وتهميش المعارضين.
بالإضافة إلى ذلك، واجهت الحركة الشيوعية تحديات خارجية، مثل صعود الفاشية في إيطاليا وألمانيا. قامت الأممية الشيوعية بتغيير استراتيجيتها في مواجهة الفاشية، حيث دعت إلى تشكيل جبهات شعبية واسعة تضم الشيوعيين والاشتراكيين والليبراليين لمواجهة التهديد الفاشي. ومع ذلك، لم تكن هذه الجبهات دائماً ناجحة، وساهمت في اندلاع الحرب العالمية الثانية.
أهمية المؤتمر الثاني
على الرغم من الانقسامات والتحديات التي واجهتها الحركة الشيوعية، يظل المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية حدثاً تاريخياً هاماً. فقد ساعد المؤتمر على:
- تحديد الأسس الأيديولوجية والتنظيمية للأممية الشيوعية.
- توحيد الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم.
- تحديد استراتيجيات وتكتيكات الثورة العالمية.
- دعم حركات التحرر الوطني في المستعمرات.
لا يزال المؤتمر الثاني موضوعاً للدراسة والبحث، حيث يقدم رؤى قيمة حول تطور الحركة الشيوعية، والصراعات الفكرية والسياسية التي واجهتها، وتأثيرها على القرن العشرين.
خاتمة
مثل المؤتمر الشيوعي الأممي الثاني علامة فارقة في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية. فقد وضع المؤتمر أسسًا أيديولوجية وتنظيمية قوية للأممية، وساهم في توحيد الأحزاب الشيوعية وتحديد استراتيجياتها. على الرغم من الانقسامات والتحديات التي واجهتها الحركة الشيوعية بعد المؤتمر، إلا أنه يظل حدثًا تاريخيًا هامًا، يلقي الضوء على الصراعات الفكرية والسياسية التي شكلت القرن العشرين. يمثل المؤتمر الثاني نقطة تحول في مسار الحركة الشيوعية، ويقدم دروسًا قيمة حول أهمية الوحدة، والتنظيم، والالتزام بالمبادئ الثورية.
المراجع
- The Second Congress of the Communist International
- Second Congress of the Communist International
- The Second Congress of the Communist International: A Study in Political Tactics and Ideology
- Communist International, Second Congress
“`