نشأتها وبداياتها
ولدت مارجي بروفيت في الولايات المتحدة عام 1958. لم تتبع مسارًا تقليديًا نحو دراسة علم الأحياء. بدلاً من ذلك، اهتمت بمجموعة متنوعة من المواضيع، وطورت فهمها الخاص للتطور من خلال القراءة والبحث الذاتي. هذا النهج غير التقليدي منحها منظورًا فريدًا، ولكنه أيضًا جعل من الصعب عليها الحصول على اعتراف واسع النطاق في الأوساط الأكاديمية.
نظرية الحيض كآلية وقائية
أحد أبرز أعمال بروفيت هو نظريتها حول الحيض كآلية وقائية. نشرت هذه النظرية في ورقة بحثية عام 1993 بعنوان “الحيض كدفاع إناثي ضد مسببات الأمراض المنقولة عن طريق الحيوانات المنوية”. اقترحت بروفيت أن الحيض ليس مجرد نتيجة ثانوية للدورة الإنجابية، بل هو آلية تطورية طورتها الإناث للتخلص من مسببات الأمراض التي قد تدخل الرحم عن طريق الحيوانات المنوية.
وفقًا لهذه النظرية، فإن الحيض يمثل عملية تطهير للرحم، حيث يتم التخلص من الدم وبطانة الرحم المحتمل تلوثها بمسببات الأمراض. تجادل بروفيت بأن هذه الآلية الوقائية كانت مفيدة بشكل خاص في الماضي، عندما كانت النساء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا بسبب الظروف الصحية السيئة ومحدودية الوصول إلى وسائل الوقاية.
تحدت هذه النظرية الفهم التقليدي للحيض، الذي كان يعتبر في الغالب نتيجة هرمونية بحتة. أثارت نظرية بروفيت جدلاً واسعًا بين علماء الأحياء، حيث رأى البعض أنها تقدم تفسيرًا مقنعًا لوظيفة الحيض، بينما اعتبرها آخرون مبالغًا فيها وتفتقر إلى الأدلة التجريبية الكافية.
نظرية غثيان الصباح أثناء الحمل
بالإضافة إلى نظريتها حول الحيض، قدمت بروفيت نظرية أخرى مثيرة للجدل حول غثيان الصباح أثناء الحمل. اقترحت أن غثيان الصباح ليس مجرد عرض جانبي للحمل، بل هو آلية وقائية تطورت لحماية الأم والجنين من السموم الموجودة في بعض الأطعمة.
وفقًا لهذه النظرية، فإن النساء الحوامل يصبحن أكثر حساسية لبعض الروائح والأذواق، مما يجعلهن يشعرن بالغثيان عند تناول الأطعمة التي قد تحتوي على سموم ضارة. هذا الغثيان يدفع الأم إلى تجنب هذه الأطعمة، وبالتالي حماية الجنين من التعرض للمواد الضارة التي قد تؤثر على نموه وتطوره.
تستند نظرية بروفيت إلى حقيقة أن غثيان الصباح يميل إلى أن يكون أكثر شيوعًا وشدة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وهي الفترة التي يكون فيها الجنين الأكثر عرضة للخطر. كما أنها تشير إلى أن الأطعمة التي تميل إلى إثارة غثيان الصباح غالبًا ما تكون تلك التي تحتوي على مستويات عالية من السموم الطبيعية، مثل القهوة واللحوم المصنعة وبعض الخضروات.
مثل نظريتها حول الحيض، أثارت نظرية بروفيت حول غثيان الصباح نقاشات حادة بين العلماء. رأى البعض أنها تقدم تفسيرًا معقولًا لوظيفة غثيان الصباح، بينما انتقدها آخرون لعدم وجود أدلة تجريبية كافية تدعمها. ومع ذلك، فقد ألهمت هذه النظرية العديد من الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات حول العلاقة بين غثيان الصباح وصحة الأم والجنين.
الانتقادات والجدل
واجهت نظريات بروفيت انتقادات كبيرة من المجتمع العلمي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى خلفيتها غير التقليدية وعدم حصولها على تدريب رسمي في علم الأحياء. انتقد العديد من العلماء افتقار نظرياتها إلى الأدلة التجريبية القوية، واعتبروا أنها تعتمد بشكل كبير على التخمينات والتفسيرات المحتملة.
بالإضافة إلى ذلك، انتقد البعض أسلوب بروفيت في تقديم نظرياتها، والذي وصفوه بأنه استفزازي ومثير للجدل. اتهمها بعض العلماء بالسعي إلى جذب الانتباه بدلاً من المساهمة بشكل جدي في فهمنا للتطور.
على الرغم من هذه الانتقادات، دافع بعض العلماء عن عمل بروفيت، مشيرين إلى أن نظرياتها أثارت أسئلة مهمة وحفزت البحث في مجالات جديدة. جادل هؤلاء العلماء بأن نظريات بروفيت، حتى لو كانت غير مثبتة بشكل كامل، تقدم منظورًا جديدًا ومثيرًا للاهتمام حول التطور.
تأثيرها وإرثها
على الرغم من الجدل الذي أثارته، تركت مارجي بروفيت بصمة واضحة في مجال علم الأحياء التطوري. ألهمت نظرياتها العديد من الباحثين لإعادة النظر في الافتراضات التقليدية واستكشاف طرق جديدة لفهم الظواهر البيولوجية.
ساهمت بروفيت في تعزيز النقاش حول أهمية المناعة في التطور، ودور العوامل البيئية في تشكيل الاستجابات الفسيولوجية. كما ساعدت في تسليط الضوء على الحاجة إلى دراسة الظواهر البيولوجية من منظور تطوري أوسع، مع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والبيئي الذي تطورت فيه هذه الظواهر.
على الرغم من أنها لم تحقق اعترافًا واسع النطاق في الأوساط الأكاديمية، إلا أن عمل بروفيت لا يزال يحظى بالتقدير من قبل بعض الباحثين والمفكرين الذين يرون فيها رائدة في التفكير التطوري غير التقليدي.
مؤلفاتها
- “الحيض كدفاع إناثي ضد مسببات الأمراض المنقولة عن طريق الحيوانات المنوية” (Menstruation as a Feminine Defense Against Pathogens Transported by Sperm).
خاتمة
مارجي بروفيت هي عالمة بيولوجيا تطورية أمريكية اشتهرت بنظرياتها المثيرة للجدل حول التطور، وخاصة نظريتيها حول الحيض وغثيان الصباح كآليات وقائية. على الرغم من خلفيتها غير التقليدية والانتقادات التي واجهتها، تركت بروفيت بصمة واضحة في مجال علم الأحياء التطوري، وألهمت العديد من الباحثين لإعادة النظر في الافتراضات التقليدية واستكشاف طرق جديدة لفهم الظواهر البيولوجية. يظل إرثها موضوع نقاش وجدل، لكن تأثيرها على التفكير التطوري لا يمكن إنكاره.