نشأتها و عائلتها
ولدت إليزابيث في 24 مايو 1765 في قصر أسبيرن، في إدنبرة. كانت الابنة الكبرى لجون ساذرلاند، إيرل ساذرلاند السابع عشر، وجاريت مورسون. ورثت لقب كونتيسة ساذرلاند في عام 1766 بعد وفاة والدها، وبذلك أصبحت “كونتيسة ساذرلاند” بحقها الخاص. كانت إليزابيث تنتمي إلى عائلة نبيلة ذات نفوذ، حيث كان أجدادها يتمتعون بسلطة كبيرة في اسكتلندا.
تلقت إليزابيث تعليمًا جيدًا، وكانت تحب القراءة والفنون. نشأت في بيئة ثقافية مزدهرة، وكان لديها اهتمام كبير بالشعر والأدب. كانت أيضًا ماهرة في الموسيقى والرسم. انعكس هذا الاهتمام بالفنون في حياتها اللاحقة، حيث أصبحت راعية للفنون وداعمة للعديد من الفنانين.
في عام 1785، تزوجت إليزابيث من جورج غرانفيل ليفيسون-غاور، الذي أصبح فيما بعد أول دوق ساذرلاند. كان جورج رجلًا ثريًا وذا نفوذ، وكان زواجهما بمثابة اتحاد قوي. كان لديهما العديد من الأبناء، من بينهم جورج ليفيسون-غاور، الإيرل الثاني لساذرلاند. لعبت إليزابيث وجورج دورًا مهمًا في المجتمع البريطاني، وقاما برعاية العديد من الأنشطة الاجتماعية والخيرية.
زواجها ودورها في المجتمع
تزوجت إليزابيث من جورج غرانفيل ليفيسون-غاور في 14 أبريل 1785. كان جورج سياسيًا بارزًا وصاحب أراضي، وورث لقب دوق ساذرلاند في عام 1833. لعب زواج إليزابيث وجورج دورًا مهمًا في تعزيز نفوذ عائلة ساذرلاند. كانا زوجين مؤثرين في المجتمع البريطاني، واستضافا العديد من الأحداث الاجتماعية الفاخرة في قصريهما في لندن و ستافوردشاير.
كانت إليزابيث شخصية بارزة في المجتمع البريطاني، وشغلت منصب سيدة حجرة الملكة تشارلوت. كانت تتمتع بشخصية جذابة وكاريزمية، وأقامت علاقات قوية مع العديد من الشخصيات المؤثرة في ذلك الوقت. كانت معروفة أيضًا بدعمها للفنون والثقافة، وكانت راعية للعديد من الفنانين والكتاب. ساهمت في تعزيز الحياة الثقافية في بريطانيا، وشجعت على تطوير الفنون والآداب.
كانت إليزابيث ناشطة في القضايا الاجتماعية، وشاركت في العديد من الأعمال الخيرية. اهتمت بتحسين أوضاع الفقراء والمهمشين، ودعمت العديد من المبادرات الاجتماعية. كان لديها اهتمام خاص بتحسين أوضاع النساء، وعملت على دعم حقوقهن ومشاركتهن في المجتمع. تركت إرثًا دائمًا كشخصية مؤثرة في المجتمع البريطاني.
دوقة ساذرلاند و التطهير في المرتفعات الاسكتلندية
يُذكر اسم إليزابيث ساذرلاند ارتباطًا وثيقًا بـ “التطهير في المرتفعات” (Highland Clearances)، وهي سلسلة من عمليات الإخلاء القسرية التي طالت آلاف الأسر من أراضيهم في المرتفعات الاسكتلندية خلال الفترة من أواخر القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر. كانت إليزابيث وزوجها جورج يمتلكان مساحات شاسعة من الأراضي في منطقة ساذرلاند، وشهدت أراضيهما عمليات إخلاء واسعة النطاق.
كانت عمليات التطهير تهدف إلى تحويل الأراضي إلى مزارع للأغنام، والتي كانت أكثر ربحية من نظام الزراعة التقليدي الذي كان يعتمد عليه السكان المحليون. تم طرد المستأجرين من أراضيهم بالقوة، وهدمت منازلهم، وأجبروا على الانتقال إلى مناطق أخرى، غالبًا ما كانت ظروفهم المعيشية فيها صعبة للغاية. أدت هذه العمليات إلى معاناة هائلة للسكان، وفقدانهم لمنازلهم وأسلوب حياتهم التقليدي.
على الرغم من أن إليزابيث لم تكن تتخذ القرارات بشكل مباشر، إلا أنها كانت مسؤولة، بالاشتراك مع زوجها، عن إدارة أراضيهم، وبالتالي تحملت مسؤولية كبيرة عن الأحداث التي وقعت. لقد قام مديرو الأملاك بتنفيذ سياسات الإخلاء، وكانوا يعملون بتوجيهات من الدوقة والدووق. على الرغم من أن بعض المؤرخين يدافعون عن أن إليزابيث كانت تحاول تحسين أوضاع المستأجرين، إلا أن أفعالها أدت إلى نتائج مأساوية للسكان المحليين. لقد تركت هذه الأحداث وصمة عار على سمعتها، ولا تزال تثير جدلاً حتى اليوم.
بسبب دورها في عمليات التطهير، أصبحت إليزابيث شخصية مثيرة للجدل. ينتقدها البعض بشدة بسبب قسوة سياساتها، بينما يحاول آخرون تبرير أفعالها من خلال السياق التاريخي والظروف الاقتصادية في ذلك الوقت. بغض النظر عن وجهات النظر المختلفة، فإن التطهير في المرتفعات يمثل فصلًا مؤلمًا في تاريخ اسكتلندا، ويذكرنا بالظلم والمعاناة التي عانى منها السكان المحليون.
إرثها
تركت إليزابيث إرثًا معقدًا. على الرغم من دورها في التطهير في المرتفعات، إلا أنها كانت أيضًا راعية للفنون وناشطة اجتماعية. كانت تحظى باحترام كبير في المجتمع، وكانت معروفة بشخصيتها الجذابة وذكائها. تركت بصمة في التاريخ البريطاني، سواء من خلال دورها الاجتماعي أو من خلال الجدل المرتبط بأراضيها في اسكتلندا.
بصرف النظر عن الجدل، لعبت إليزابيث دورًا مهمًا في الحياة الاجتماعية والسياسية في عصرها. كانت شخصية مؤثرة في البلاط الملكي، وكانت لها علاقات قوية مع العديد من الشخصيات البارزة. ساهمت في تعزيز الحياة الثقافية في بريطانيا، ودعمت الفنون والآداب. يُنظر إليها كشخصية بارزة في المجتمع البريطاني في تلك الفترة، على الرغم من الجدل المحيط بها.
في نهاية المطاف، يعتبر إرث إليزابيث مزيجًا من النفوذ الاجتماعي والجدل التاريخي. يعكس حياتها تعقيدات فترة زمنية مضطربة، ويذكرنا بأهمية فهم التاريخ من منظور شامل ومتوازن. تعتبر قصتها درسًا حول تأثير السلطة والثروة على حياة الناس، وكيف يمكن أن تترك بصمة دائمة على التاريخ.
وفاتها
توفيت إليزابيث، دوقة ساذرلاند، في 29 يناير 1839 في منصبها في لندن. تركت خلفها إرثًا معقدًا ومتشابكًا من الثروة والنفوذ والجدل. تركت وراءها أطفالًا وزوجًا، بالإضافة إلى عدد كبير من الأراضي والمسؤوليات.
بعد وفاتها، استمر إرثها في التأثير على عائلتها والمجتمع البريطاني. استمر أحفادها في لعب أدوار مهمة في السياسة والمجتمع، وحافظوا على إرث عائلة ساذرلاند. لا تزال قصتها تدرس وتحلل حتى اليوم، كتذكير بالتعقيدات التاريخية، وأهمية فهم السياق التاريخي.
دُفنت إليزابيث في كنيسة بلفاست. يعتبر قبرها مكانًا للزيارة، حيث يخلد ذكراها ويدعو للتفكير في إرثها.
خاتمة
إليزابيث ليفيسون-غاور، دوقة ساذرلاند، كانت شخصية بارزة في المجتمع البريطاني خلال أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. ورثت لقب كونتيسة ساذرلاند، وتزوجت من جورج غرانفيل ليفيسون-غاور، الذي أصبح دوق ساذرلاند. شغلت منصب سيدة حجرة الملكة تشارلوت، وكانت راعية للفنون وناشطة اجتماعية. ارتبط اسمها بـ”التطهير في المرتفعات”، مما جعلها شخصية مثيرة للجدل. تركت إرثًا معقدًا من الثروة والنفوذ والجدل، ولا تزال قصتها تدرس وتحلل حتى اليوم.
المراجع
- Elizabeth Sutherland, Duchess of Sutherland – Wikipedia
- Elizabeth Leveson-Gower, Duchess of Sutherland | Biography – Britannica
- Elizabeth the Duchess of Sutherland – The Sutherland Museum
“`