نشأته وبداياته
ولد جيسي شيرا في مدينة أوكان، أوهايو، في عام 1903. حصل على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة ميامي في أوهايو عام 1925، ثم حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة ييل عام 1927. عمل بعد ذلك في عدد من المكتبات، حيث اكتسب خبرة عملية في إدارة المكتبات وتنظيمها. خلال هذه الفترة، بدأ شيرا في تطوير اهتمامه بمسائل تنظيم المعرفة وتصنيفها.
مسيرته المهنية
بدأ شيرا مسيرته المهنية في علم المكتبات في الثلاثينيات من القرن العشرين. شغل مناصب قيادية في عدد من المكتبات، بما في ذلك مكتبة سكريبس في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. في عام 1952، انضم إلى جامعة كيس ويسترن ريزيرف في كليفلاند، أوهايو، حيث أسس مدرسة علم المكتبات والمعلومات. شغل منصب عميد هذه المدرسة حتى تقاعده في عام 1970. خلال فترة عمله في جامعة كيس ويسترن ريزيرف، قام بتدريس العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة في مجال علم المكتبات.
إسهاماته في علم المكتبات
تعتبر إسهامات شيرا في علم المكتبات والمعلومات واسعة ومتنوعة. من أبرز هذه الإسهامات:
- المنهج الكمي: كان شيرا من أوائل من استخدموا الأساليب الكمية في دراسة علم المكتبات. وقد ساعد هذا النهج في تحويل علم المكتبات من مجال يعتمد على الحدس والخبرة إلى مجال يعتمد على البحث العلمي والتحليل.
- الفلسفة الاجتماعية لعلم المكتبات: اهتم شيرا بدراسة الدور الاجتماعي للمكتبات والمعلومات. وقد رأى أن المكتبات تلعب دورًا حيويًا في المجتمع من خلال توفير الوصول إلى المعلومات وتعزيز التعلم.
- تنظيم المعرفة: قدم شيرا مساهمات مهمة في مجال تنظيم المعرفة، بما في ذلك دراسة تصنيف ديوي العشري وتطوير نظام تصنيف جديد.
- تاريخ الكتب: كان شيرا مؤرخًا بارزًا للكتب، وقام بتأليف العديد من الكتب والمقالات حول تاريخ الكتب وتأثيرها على المجتمع.
أعماله البارزة
قام جيسي شيرا بتأليف العديد من الكتب والمقالات التي أثرت بشكل كبير في مجال علم المكتبات والمعلومات. من أبرز هذه الأعمال:
- “Foundations of the Public Library: The Origins of the Public Library Movement in New England, 1629-1855” (أسس المكتبة العامة: أصول حركة المكتبة العامة في نيو إنجلاند، 1629-1855): نُشر هذا الكتاب عام 1949، وهو دراسة تاريخية رائدة لحركة المكتبة العامة في الولايات المتحدة.
- “Libraries and the Organization of Knowledge” (المكتبات وتنظيم المعرفة): نُشر هذا الكتاب عام 1965، وهو مجموعة من المقالات التي توضح أفكار شيرا حول تنظيم المعرفة ودور المكتبات في المجتمع.
- “The Compleat Librarian and Other Essays” (أمين المكتبة الكامل ومقالات أخرى): نُشر هذا الكتاب عام 1971، وهو مجموعة من المقالات التي تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات في علم المكتبات.
نظرياته وأفكاره
تميزت أفكار شيرا بالعمق والشمولية. كان يؤمن بأهمية استخدام الأساليب الكمية في دراسة علم المكتبات، ولكنه في الوقت نفسه كان يدرك أهمية الجوانب الإنسانية والاجتماعية للمعلومات. رأى شيرا أن المكتبات تلعب دورًا حيويًا في المجتمع من خلال توفير الوصول إلى المعلومات وتعزيز التعلم، وأن على أمناء المكتبات أن يكونوا على دراية بالاتجاهات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على استخدام المعلومات.
ركز شيرا على دراسة سلوك المستفيدين من المكتبات وفهم احتياجاتهم. كان يرى أن تصميم الخدمات المكتبية يجب أن يستند إلى فهم عميق للمستفيدين، وأن على أمناء المكتبات أن يكونوا على استعداد لتكييف خدماتهم لتلبية احتياجاتهم المتغيرة.
من بين أفكاره الرئيسية، كان يشدد على أهمية التعاون بين المكتبات. رأى أن التعاون يمكن أن يساعد المكتبات على مشاركة الموارد والمعلومات، وتحسين الخدمات المقدمة للمستفيدين. كما دعا إلى استخدام التكنولوجيا في المكتبات، مع التأكيد على أهمية استخدام التكنولوجيا بطرق تعزز الوصول إلى المعلومات وتعزز التعلم.
أثرت أفكار شيرا على العديد من جوانب علم المكتبات، بدءًا من تصميم الخدمات المكتبية إلى تطوير أنظمة تصنيف المعلومات. يعتبر إرثه ملهماً لأمناء المكتبات وعلماء المعلومات في جميع أنحاء العالم.
تأثيره وإرثه
كان لجيسي شيرا تأثير كبير على مجال علم المكتبات والمعلومات. فقد ساهمت أفكاره في تحويل هذا المجال من مجال يعتمد على الخبرة إلى مجال يعتمد على البحث العلمي والتحليل. كما أثرت أفكاره على الطريقة التي نفهم بها المعلومات وتنظيمها والوصول إليها. ترك شيرا إرثًا دائمًا في مجال علم المكتبات، ولا تزال أفكاره ذات صلة حتى يومنا هذا.
أسس شيرا مدرسة علم المكتبات والمعلومات في جامعة كيس ويسترن ريزيرف، والتي أصبحت واحدة من أبرز المدارس في هذا المجال. وقد قام بتدريس العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة في علم المكتبات والمعلومات. ترك شيرا إرثًا من خلال كتاباته، التي لا تزال تُقرأ وتُدرس على نطاق واسع. كما ترك إرثًا من خلال طلابه، الذين واصلوا تطوير أفكاره وتعزيزها في مجال علم المكتبات.
حصل شيرا على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لمساهماته في علم المكتبات والمعلومات. فقد حصل على جائزة جوزيف دبليو. ليبنسكي من جمعية المكتبات الأمريكية في عام 1964. كما حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة كينت ستيت في عام 1968. يعتبر شيرا واحدًا من أبرز الشخصيات في تاريخ علم المكتبات والمعلومات.
التحديات التي واجهها
واجه جيسي شيرا العديد من التحديات في حياته المهنية. في بداية مسيرته المهنية، كان عليه أن يواجه التحديات التي تواجه أي شخص يعمل في مجال جديد. كان عليه أن يثبت قيمة الأساليب الكمية في دراسة علم المكتبات، وأن يقنع الآخرين بأهمية هذه الأساليب. كما كان عليه أن يواجه التحديات التي تواجه أي شخص يحاول تغيير الوضع الراهن.
واجه شيرا أيضًا تحديات تتعلق بالتمييز. في عصره، كان هناك تمييز ضد النساء والأقليات في مجال علم المكتبات. ومع ذلك، لم يتوقف شيرا عن الدفاع عن حقوق هؤلاء الأشخاص. لقد آمن بأهمية المساواة والعدالة في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك علم المكتبات.
على الرغم من التحديات التي واجهها، تمكن شيرا من ترك بصمة دائمة في مجال علم المكتبات. لقد كان رائدًا في مجاله، وساهمت أفكاره في تشكيل الطريقة التي نفهم بها المعلومات وتنظيمها والوصول إليها. يعتبر شيرا نموذجًا يحتذى به لأي شخص يعمل في مجال علم المكتبات والمعلومات.
التطورات اللاحقة في علم المكتبات
استمر علم المكتبات في التطور بعد وفاة جيسي شيرا. شهد هذا المجال تطورات كبيرة في مجالات مثل التكنولوجيا، وتنظيم المعلومات، وخدمات المستفيدين. وقد ساهمت أفكار شيرا في توجيه هذه التطورات. على سبيل المثال، أدت الأساليب الكمية التي رائدها شيرا إلى تطوير تقنيات جديدة لتحليل البيانات وتقييم الخدمات المكتبية.
شهدت المكتبات أيضًا تحولًا كبيرًا في دورها في المجتمع. أصبحت المكتبات أكثر من مجرد أماكن لتخزين الكتب. أصبحت مراكز للمعلومات والتعلم والتعاون. لقد تطورت لتلبية احتياجات مجتمعاتها بشكل أفضل.
لا يزال علم المكتبات يواجه تحديات جديدة. وتشمل هذه التحديات زيادة كمية المعلومات المتاحة، والتغيرات في سلوك المستفيدين، والحاجة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية. ومع ذلك، فإن أفكار شيرا لا تزال ذات صلة في مواجهة هذه التحديات. يمكن لأفكاره أن تساعد أمناء المكتبات وعلماء المعلومات على فهم هذه التحديات والاستجابة لها بشكل فعال.
خاتمة
كان جيسي شيرا شخصية بارزة في تاريخ علم المكتبات والمعلومات، حيث ترك إسهامات كبيرة في فهمنا للمعلومات وتنظيمها. من خلال استخدامه للأساليب الكمية، وفلسفته الاجتماعية لعلم المكتبات، ودراساته حول تنظيم المعرفة، ساهم شيرا في تشكيل هذا المجال. يعتبر إرثه ملهماً لأمناء المكتبات وعلماء المعلومات، وتظل أفكاره ذات صلة في عالم المعلومات المتغير باستمرار.