متى 12:19 (Matthew 12:19)

سياق الآية

لفهم متى 12:19 بشكل كامل، من الضروري النظر في السياق الأوسع للإصحاح 12 من إنجيل متى. في هذا الإصحاح، يواجه يسوع العديد من الخلافات مع الفريسيين، بما في ذلك مناقشة حول سبت وسلطان يسوع على الشياطين. يتهم الفريسيون يسوع بأنه يخرج الشياطين بقوة بعلزبول، أمير الشياطين. يرد يسوع على هذا الاتهام، موضحًا أن عمله يتم بقوة الروح القدس. بعد ذلك، يتحدث يسوع عن علامة يونان، ثم عن أفراد عائلته الروحيين. متى 12:19 يأتي ضمن رد يسوع على الفريسيين، حيث يقتبس من سفر إشعيا، مما يوضح طبيعة خدمته وتواضعه.

نص الآية وتفسيرها

النص الكامل لمتى 12:19 هو: “لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته.” هذه الآية هي اقتباس مباشر من إشعيا 42:2، وهي جزء من نبوءة عن العبد المتألم، والذي يعتبره المسيحيون نبوءة عن يسوع المسيح. تفسير هذه الآية يتضمن عدة جوانب:

الهدوء والاتزان: تؤكد الآية على أن يسوع لم يكن يبحث عن الشهرة أو الجدل. لم يكن يسعى إلى إثارة الفتنة أو إحداث ضجة. بدلاً من ذلك، كان يسعى إلى نشر رسالة السلام والمحبة.
التواضع: يبرز هذا المقطع تواضع يسوع. لم يكن يصرخ في الشوارع أو يثير الجدل حول نفسه. كان يفضل أن يخدم بصمت، دون أن يطلب الاعتراف أو المجد.
إتمام النبوءة: من خلال اقتباس من إشعيا، يؤكد متى أن يسوع كان يفي بالنبوات التي تحدثت عنه. كان يسوع يدرك دوره كخادم لله، ويعمل وفقًا لما هو مكتوب في الكتب.
التركيز على الجوهر: بدلًا من التركيز على المظاهر الخارجية أو الجدل، كان يسوع يركز على جوهر رسالته: محبة الله، والخلاص، والحياة الأبدية.

أهمية الآية

تعتبر متى 12:19 ذات أهمية كبيرة لعدة أسباب:

توضح طبيعة المسيح: تكشف الآية عن شخصية يسوع المسيح، وتظهر أنه كان متواضعًا وهادئًا، ولم يسعَ إلى إثارة الجدل.
تدعم لاهوت يسوع: من خلال اقتباس من سفر إشعيا، تؤكد الآية على أن يسوع هو المسيح المنتظر، الذي أُعلن عنه في العهد القديم.
توفر نموذجًا للمؤمنين: تشجع الآية المؤمنين على اتباع مثال يسوع، والتحلي بالهدوء والتواضع في حياتهم.
تسلط الضوء على رسالة يسوع: تؤكد الآية على أن رسالة يسوع كانت رسالة سلام ومحبة، وليست رسالة صراع أو جدل.

متى 12:19 في سياق العهد الجديد

لكي نفهم بشكل أفضل متى 12:19، من المفيد النظر في كيفية تكرار هذا الموضوع في أجزاء أخرى من العهد الجديد. على سبيل المثال:

موعظة الجبل: في موعظة الجبل، يعلم يسوع عن التواضع والبركات على أصحاب القلب الوديع. هذا يتوافق مع طبيعة الهدوء والتواضع الموضحة في متى 12:19.
خدمة يسوع السرية: غالبًا ما طلب يسوع من الناس الذين شفاهم عدم إخبار الآخرين بهويته. يتماشى هذا مع رغبته في عدم إثارة الجدل أو طلب الشهرة.
صمت يسوع أمام بيلاطس: عندما حُكم على يسوع بالإعدام، صمت أمام بيلاطس، على الرغم من أنه كان لديه القدرة على الدفاع عن نفسه. يعكس هذا صمته وتواضعه المذكور في متى 12:19.

العلاقة مع سفر إشعيا

الآية متى 12:19 هي اقتباس من إشعيا 42:2. لفهم المعنى الكامل لهذه الآية، من الضروري أن ننظر في سياقها في سفر إشعيا. في هذا المقطع، يتحدث الله عن خادمه المختار، الذي سيجلب العدل للأمم. يصف إشعيا هذا الخادم بأنه هادئ ومتواضع، ولن يصرخ أو يرفع صوته. يظهر هذا التشابه في متى 12:19. يربط متى يسوع بهذا الخادم المتواضع، مما يوضح أن يسوع هو الذي يفي بنبوءة إشعيا.

الخلافات حول الآية

على الرغم من أن متى 12:19 غالبًا ما يتم تفسيرها بشكل موحد، إلا أن هناك بعض النقاط التي يمكن أن تثير بعض الجدل أو النقاش:

حدود الهدوء: يطرح البعض سؤالًا حول حدود الهدوء الذي وصفه يسوع. هل يعني هذا أنه يجب على المؤمنين أن يلتزموا الصمت في جميع الأوقات، حتى عندما يواجهون الظلم؟
التوازن بين الهدوء والشهادة: قد يتساءل البعض عن كيفية تحقيق التوازن بين الهدوء والتواضع من ناحية، والشهادة للآخرين عن الإيمان من ناحية أخرى.
تأثير الآية على السلوك: كيف يجب أن يؤثر فهم هذه الآية على سلوك المؤمنين في حياتهم اليومية؟

تطبيقات عملية

يمكن تطبيق متى 12:19 في الحياة اليومية بعدة طرق:

التواضع: تعلم هذه الآية المؤمنين أهمية التواضع، والامتناع عن السعي وراء الشهرة أو المجد الذاتي.
الصبر: تشجع هذه الآية المؤمنين على التحلي بالصبر، وعدم الاستسلام للغضب أو الجدل.
السلام: تساعد هذه الآية المؤمنين على السعي إلى السلام، وتجنب الصراعات والنزاعات.
الشهادة الصامتة: تشجع هذه الآية المؤمنين على أن يشهدوا للإيمان من خلال أفعالهم، وليس فقط من خلال كلماتهم.

الخاتمة

متى 12:19 هي آية مهمة في إنجيل متى، تقدم نظرة ثاقبة على شخصية يسوع المسيح. من خلال اقتباس من سفر إشعيا، يوضح متى أن يسوع هو المسيح المنتظر، الذي جاء ليخدم ويتواضع. تشجع هذه الآية المؤمنين على اتباع مثال يسوع، والتحلي بالهدوء والتواضع في حياتهم اليومية. إن فهم سياق الآية، والعلاقة مع العهد القديم، والتطبيقات العملية، يمكن أن يساعد المؤمنين على فهم أعمق لمعنى هذه الآية، وكيف يمكن أن تؤثر على حياتهم.

المراجع

“`