سياق الآية
لفهم متى 10:26 بشكل كامل، من الضروري النظر في سياقها الأوسع. في هذا الفصل، يوجه يسوع تلاميذه ويمنحهم السلطة لطرد الأرواح الشريرة وشفاء المرضى. إنه يخبرهم بما يمكن توقعه من حيث الرفض والاضطهاد. الآية 10:26 تأتي بعد سلسلة من التحذيرات والتوجيهات حول كيفية التعامل مع الأعداء والخوف المحتمل.
يبدأ يسوع بالتحذير من أنهم سيرسلون “كالحملان بين الذئاب” (متى 10:16). هذا التصوير يعطي فكرة عن الضعف والتعرض للخطر. ثم يوجههم بشأن كيفية التصرف عند مواجهة المعارضة. في هذا السياق، تأتي الآية 10:26 كرسالة تشجيع وتأكيد.
نص الآية وتفسيرها
نص الآية كما ورد في إنجيل متى هو:
“فلا تخافوا منهم. فليس مكتومًا لن يستعلن، ولا خفيًا لن يُعرف.”
هذه الآية تحتوي على رسالتين رئيسيتين:
- عدم الخوف: يبدأ يسوع بقوله “فلا تخافوا منهم”. هنا، يوجه تلاميذه بعدم الخوف من أولئك الذين قد يضطهدونهم أو يعارضونهم. هذا التوجيه ليس مجرد نصيحة؛ إنه أمر. إنه يدرك أن الخوف يمكن أن يكون قوة معيقة، خاصة في مواجهة الشدائد.
- الكشف عن الحقيقة: الجزء الثاني من الآية يتعلق بالكشف عن الحقيقة. يوضح يسوع أن كل ما هو مخفي سيُكشف في النهاية. هذا يشير إلى أن كل ما يتم فعله في الخفاء، سواء كان جيدًا أو سيئًا، سيظهر في النهاية. وبالمثل، كل ما يتم كتمانه أو حجبه سيُعلن.
عندما يقال “فليس مكتومًا لن يستعلن”، فإن يسوع يؤكد أن الحقائق التي يعلمها تلاميذه وينشرونها ستصبح معروفة للجميع. هذا الوعد هو مصدر عزاء وتشجيع لهم. حتى لو تعرضوا للتهديد أو الاضطهاد، فإن رسالتهم ستنتشر.
الأهمية الروحية
تحمل متى 10:26 أهمية روحية عميقة للمؤمنين في جميع العصور. الرسالة الرئيسية هي أن الخوف لا ينبغي أن يمنعهم من عيش إيمانهم أو مشاركة رسالة الإنجيل. يمكن أن يكون الخوف مشلًا، لكن يسوع يحث تلاميذه على الوثوق بالله، الذي سيكشف الحقيقة في النهاية.
تغلب على الخوف: تشجع الآية المؤمنين على مواجهة الخوف وعدم السماح له بالسيطرة على أفعالهم. هذا يتطلب الثقة في أن الله معهم وأن رسالتهم ذات قيمة. كما يشجعهم على أن يضعوا ثقتهم في الله وليس في قوى هذا العالم.
الثقة في الحقيقة: تذكّر الآية المؤمنين بأن الحقيقة ستنتصر دائمًا. حتى لو بدت الأمور مظلمة أو معقدة، فإن الحقيقة ستظهر في النهاية. هذا يعطي المؤمنين الأمل والشجاعة للاستمرار في نشر رسالة الإنجيل حتى في مواجهة المعارضة.
العدالة الإلهية: تتضمن الآية فكرة العدالة الإلهية. عندما تُكشف الحقائق المخفية، فإن ذلك يعني أن الله سيحاكم أعمال الناس. هذا يمكن أن يكون محفزًا للمؤمنين للعيش حياة صالحة وتجنب الشر.
تطبيق عملي
يمكن تطبيق متى 10:26 في الحياة اليومية بطرق عديدة:
- الشجاعة في الشهادة: يشجع المؤمنين على مشاركة إيمانهم دون خوف، حتى لو واجهوا الرفض أو الانتقاد.
- التحلي بالصبر في الشدائد: يذكر المؤمنين بأن الشدائد مؤقتة وأن الله سيستخدمها لتحقيق غاياته.
- التمسك بالحق: يشجع المؤمنين على التمسك بالحقيقة والعيش وفقًا لتعاليم يسوع، حتى لو كان ذلك صعبًا.
- الثقة في الله: يذكر المؤمنين بأن الله يتحكم في كل شيء وأنهم يمكنهم الوثوق به لحمايتهم وتوجيههم.
الآية في سياق الكتاب المقدس
متى 10:26 ليست آية معزولة. بل هي جزء من موضوع أوسع في الكتاب المقدس حول الخوف والشجاعة والإيمان. في سفر التثنية، على سبيل المثال، يوصي الله شعبه بعدم الخوف من أعدائهم. في المزامير، يؤكد داود على ثقته بالله في أوقات الشدائد. في العهد الجديد، يكرر يسوع هذه الرسالة مرارًا وتكرارًا، ويحث تلاميذه على عدم الخوف من الاضطهاد.
مقابلات أخرى:
- متى 10:28: “ولا تخافوا الذين يقتلون الجسد، ولكن لا يقدرون أن يقتلوا النفس. بل خافوا بالأحرى الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد في جهنم.”
- لوقا 12:2-3: “فليس مكتومًا لن يستعلن، ولا خفيًا لن يُعرف. لذلك، كل ما قلتموه في الظلام سيُسمع في النور، وما تكلمتم به في الأذان في المخادع، سينادى به على السطوح.”
- مرقس 4:22: “لأنه ليس شيء خفيًا إلاّ ليُعلن، ولا صار سرًا إلاّ ليأتي إلى النور.”
هذه الآيات الأخرى تشترك في نفس الموضوع الرئيسي: أهمية عدم الخوف، والثقة في الله، والكشف النهائي عن الحقيقة.
أهمية الآية عبر التاريخ
لآية متى 10:26 تاريخ طويل من التأثير على المسيحيين عبر العصور. لقد ألهمت المؤمنين ليقفوا بثبات في إيمانهم حتى في مواجهة الاضطهاد. خلال العصور الوسطى، على سبيل المثال، استخدمت هذه الآية لتشجيع المسيحيين على مواجهة التعذيب والموت من أجل إيمانهم.
حتى في العصر الحديث، لا تزال الآية ذات صلة. في العديد من البلدان، يتعرض المسيحيون للاضطهاد بسبب إيمانهم. متى 10:26 توفر لهم الشجاعة والأمل، وتذكرهم بأن الله معهم وأن الحقيقة ستنتصر في النهاية.
الخلاصة
متى 10:26 هي آية قوية تقدم رسالة بسيطة ولكنها عميقة: لا تخف. يذكر يسوع تلاميذه بألا يخافوا من أولئك الذين قد يضطهدونهم أو يرفضونهم. بدلاً من ذلك، يجب عليهم أن يثقوا بالله، الذي سيكشف الحقيقة في النهاية. هذه الآية هي مصدر تشجيع وأمل للمؤمنين في جميع أنحاء العالم، وتذكرهم بأهمية الشجاعة والإيمان والثقة في الله.
خاتمة
متى 10:26 هي دعوة إلى الشجاعة والثقة بالله. إنها تذكرنا بأن الخوف يمكن أن يكون مشلًا، وأن الثقة في الله ضرورية. من خلال فهم سياق الآية وتطبيقها عمليًا، يمكن للمؤمنين أن يعيشوا حياتهم بإيمان وشجاعة، مع العلم بأن الحقيقة ستظهر في النهاية. الآية تذكير قوي بأن الله يتحكم في كل شيء وأن رسالة الإنجيل ستنتشر دائمًا.
المراجع
- Bible Gateway: Matthew 10:26
- Encyclopaedia Britannica: Gospel According to Matthew
- Christianity Today: What Does the Bible Say About Fear?
- Got Questions: What does Matthew 10:26 mean?
“`