السياق العام
لكي نفهم بشكل كامل متى 9:38، من الضروري أن ننظر إلى السياق الأوسع للإصحاح التاسع من إنجيل متى. في هذا الإصحاح، يسوع يمارس العديد من المعجزات، بما في ذلك شفاء المرضى وإقامة الموتى. هذه المعجزات ليست مجرد أعمال خارقة للطبيعة، بل هي أيضًا علامات على مجيء ملكوت الله.
يبدأ الإصحاح بحديث يسوع عن مغفرة الخطايا، ثم يدعو متى ليكون تلميذًا. يتبع ذلك وصف لمائدة يقيمها يسوع مع العشارين والخطاة، مما يثير استياء الفريسيين. بعد ذلك، يشرع يسوع في سلسلة من المعجزات التي تُظهر سلطانه على المرض والأرواح الشريرة والموت. هذه المعجزات تهدف إلى إثبات أنه المسيح المنتظر.
الآية 9:38 بالتفصيل
الآية 9:38 تقول: “فَاطلبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.” هذه الآية تأتي بعد أن رأى يسوع الجموع وتعاطف معهم لأنهم كانوا متعبين ومنهكين كالغنم التي لا راعي لها. في هذا السياق، يشير “الحصاد” إلى عملية جمع الناس إلى ملكوت الله. “رب الحصاد” هو الله نفسه، والذي يملك السلطان على كل شيء.
هذه الآية تتضمن عدة أفكار مهمة:
- الطلب بالصلاة: يدعو يسوع المؤمنين إلى أن يطلبوا، أي يصلوا، من الله. هذا يؤكد على أهمية الصلاة في عمل الله.
- رب الحصاد: يوضح أن الله هو الذي يتحكم في الحصاد. إنه يدعو الناس ويجهزهم للعمل في ملكوته.
- إرسال الفعلة: يطلب يسوع من المؤمنين أن يصلوا من أجل إرسال العمال. هذا يشير إلى الحاجة إلى المزيد من الأشخاص الذين يكرسون حياتهم لنشر رسالة الإنجيل.
- الحصاد: يشير إلى الفرصة الهائلة لجمع الناس إلى الإيمان. هناك حاجة إلى عمال لحصاد هذه الفرصة.
أهمية الآية
متى 9:38 تحمل أهمية كبيرة لعدة أسباب:
- الدعوة إلى الصلاة: تعلمنا هذه الآية أهمية الصلاة. إنها تذكرنا بأننا يجب أن نطلب من الله أن يزودنا بالعمال اللازمين.
- التركيز على الحاجة إلى العمال: يسلط يسوع الضوء على الحاجة إلى الأشخاص المستعدين للعمل في الحصاد الروحي. هناك حاجة ماسة إلى الذين يكرسون وقتهم وجهدهم لمشاركة الإنجيل مع الآخرين.
- نظرة الله للناس: تظهر الآية تعاطف يسوع مع الناس، الذين يشبهون “الغنم التي لا راعي لها”. هذا يعكس محبة الله ورغبته في خلاص جميع الناس.
- طبيعة الحصاد: تستخدم الآية صورة الحصاد لتوضيح عمل جمع المؤمنين. هذا يعطينا فهمًا أعمق لعملية نشر الإنجيل.
تطبيقات عملية
هناك العديد من التطبيقات العملية لمتى 9:38 في حياة المؤمنين:
- الصلاة من أجل العمال: يجب على المؤمنين أن يصلوا بانتظام من أجل إرسال المزيد من العمال إلى الحصاد الروحي.
- الاستعداد للعمل: يجب على المؤمنين أن يكونوا على استعداد للعمل بأنفسهم في نشر الإنجيل.
- دعم العمال: يجب على المؤمنين أن يدعموا ماديًا وروحيًا أولئك الذين يعملون في الحصاد.
- تقدير الحاجة: يجب على المؤمنين أن يدركوا أهمية عمل التبشير وجمع الناس إلى الإيمان.
العلاقة مع آيات أخرى
متى 9:38 ترتبط ارتباطًا وثيقًا بآيات أخرى في الكتاب المقدس، بما في ذلك:
- متى 10:16: “هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَحَمَلَانٍ بَيْنَ ذِئَابٍ.” هذه الآية تكمل متى 9:38، حيث تحذر التلاميذ من التحديات التي سيواجهونها في عملهم.
- لوقا 10:2: “فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.” هذه الآية في إنجيل لوقا تقدم نفس التعليمات التي أعطاها يسوع في متى.
- يوحنا 4:35: “أَلَيْسَ تَقُولُونَ: بَعْدُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يَأْتِي الْحَصَادُ؟ هَا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ: ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ.” هذه الآية تشير إلى أن وقت الحصاد قد حان بالفعل.
المعنى اللاهوتي
متى 9:38 لها أهمية لاهوتية كبيرة. فهي تعلمنا عن:
- سيادة الله: تؤكد الآية على سيادة الله على الحصاد. الله هو الذي يختار ويرسل العمال.
- طبيعة ملكوت الله: تظهر الآية أن ملكوت الله هو عمل مستمر في النمو والانتشار.
- أهمية الصلاة: تؤكد الآية على دور الصلاة في عمل الله.
- مسؤولية المؤمنين: تحث الآية المؤمنين على المشاركة في نشر الإنجيل.
التحديات والفرص
يواجه المؤمنون اليوم تحديات وفرصًا ذات صلة بمتى 9:38. التحديات تشمل:
- قلة العمال: لا يزال هناك نقص في الأشخاص المستعدين للعمل في الحصاد.
- المقاومة: قد يواجه العمال مقاومة من الناس والثقافة المحيطة بهم.
- الإرهاق: قد يشعر العمال بالإرهاق بسبب حجم العمل والمسؤولية.
الفرص تشمل:
- الوصول إلى التكنولوجيا: يمكن استخدام التكنولوجيا لنشر الإنجيل على نطاق واسع.
- التعاون: يمكن للمؤمنين العمل معًا لدعم بعضهم البعض في عملهم.
- الصحوة الروحية: هناك دائمًا إمكانية لحدوث صحوة روحية جديدة، مما يؤدي إلى زيادة عدد العمال.
أمثلة من التاريخ
على مر التاريخ، كان لمتى 9:38 تأثير كبير على حياة المؤمنين وجهود التبشير. على سبيل المثال:
- الحركات التبشيرية: ألهمت هذه الآية العديد من الحركات التبشيرية في جميع أنحاء العالم.
- بناء الكنائس: ساعدت الآية في تشجيع بناء الكنائس الجديدة وتوسيع نطاق عمل الكنائس القائمة.
- الخدمة الاجتماعية: أدت الآية إلى زيادة الاهتمام بالخدمة الاجتماعية وتقديم المساعدة للمحتاجين.
التأثير على الحياة اليومية
متى 9:38 لها تأثير كبير على الحياة اليومية للمؤمنين. إنها تشجعهم على:
- البحث عن فرصة للخدمة: يجب على المؤمنين أن يبحثوا عن طرق لخدمة الآخرين ومشاركة الإنجيل.
- الصلاة بانتظام: يجب على المؤمنين أن يصلوا بانتظام من أجل إرسال المزيد من العمال إلى الحصاد.
- العيش كشهود: يجب على المؤمنين أن يعيشوا حياتهم كشهود للمسيح في كل ما يفعلونه.
- التدريب والتلمذة: يجب على المؤمنين أن يكرسوا أنفسهم لتدريب وتلمذة الآخرين.
أهمية مستمرة
متى 9:38 لا تزال ذات أهمية كبيرة في العصر الحديث. إنها تذكير دائم بالحاجة إلى مشاركة الإنجيل مع الآخرين والصلاة من أجل العمال. في عالم اليوم، حيث تنتشر المعلومات بسرعة، هناك حاجة متزايدة إلى نشر رسالة الأمل والرجاء التي يقدمها الإنجيل.
خاتمة
متى 9:38 هي آية قوية تدعونا إلى الصلاة من أجل إرسال عمال إلى الحصاد الروحي. إنها تذكرنا بأهمية عمل التبشير والحاجة إلى التعاطف مع الآخرين. من خلال فهم هذه الآية وتطبيقها في حياتنا، يمكننا أن نساهم في نمو ملكوت الله ونشر رسالة الإنجيل في جميع أنحاء العالم.
المراجع
- Bible Gateway – Matthew 9:38
- Got Questions – What does Matthew 9:38 mean?
- Crosswalk – Matthew 9:38 Meaning and Significance
- Bible Study Tools – Matthew 9:38 Meaning
“`