متى 10:4 (Matthew 10:4)

السياق التاريخي والثقافي

لكي نفهم متى 10:4، يجب أن نضعها في سياقها التاريخي والثقافي. كُتب إنجيل متى في الغالب لليهود الذين يعيشون في القرن الأول الميلادي. كان هؤلاء الأشخاص على دراية عميقة بالعهد القديم، وخاصة الكتب الخمسة الأولى (التوراة). يهدف متى إلى إظهار أن يسوع هو المسيح الموعود به في العهد القديم، وملك إسرائيل. هذا يعني أن متى غالباً ما يستخدم الكتاب المقدس العبري كمرجع، ويقدم يسوع على أنه الشخص الذي يكمل النبوات.

في وقت كتابة إنجيل متى، كانت فلسطين تحت الحكم الروماني. كان هناك توتر سياسي واجتماعي كبير، مع وجود جماعات مختلفة من اليهود لديهم آراء مختلفة حول كيفية التعامل مع الرومان. كان هناك الفريسيون، والصدوقيون، والغيورون، وغيرهم. كان يسوع وتلاميذه جزءًا من هذا المشهد المعقد.

كان يسوع يهوديًا، وقد وُلد وعاش ومات في فلسطين. كان يتحدث الآرامية، وهي اللغة السائدة في ذلك الوقت، على الرغم من أنه ربما كان على دراية باليونانية أيضًا، والتي كانت لغة التجارة والتواصل في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. ركزت خدمة يسوع على الوعظ والتعليم والشفاء. سافر مع تلاميذه، وذهب إلى القرى والمدن، معلنًا عن ملكوت الله.

في سياق الفصل العاشر من إنجيل متى، يرسل يسوع تلاميذه الاثني عشر في مهمة لتبشير الآخرين. في هذا الفصل، يعطي يسوع تلاميذه سلطة لممارسة الشفاء وطرد الأرواح الشريرة. يوضح لهم أيضًا ما يمكن أن يتوقعوه من حيث المعارضة والاضطهاد. وهكذا، تضع هذه الآية في سياق واسع لهذه المهمة الرسولية.

تحليل متى 10:4

تقول الآية: “سِمعانُ القانَويُّ ويَهوذا الإسخَريوطيُّ، الذي أسلمَه.” تذكر هذه الآية اثنين من تلاميذ يسوع. سيمون القانوي، ويهوذا الإسخريوطي. يذكر متى اثني عشر تلميذًا في الفصل العاشر، وعادة ما يسرد أسمائهم بترتيب معين. في هذه الحالة، يضع متى اسم يهوذا الإسخريوطي في نهاية القائمة، ويصفه بأنه “الذي أسلمه”. هذا الوصف يوضح أهمية هذا الشخص في الأحداث التي تلت.

سيمون القانوي: يُشار إليه أيضًا باسم “الغَيور”، وربما كان عضوًا في حزب الغيورين. كان الغيورون جماعة يهودية متطرفة سعت للإطاحة بالرومان. اختيار يسوع لسيمون، أو قبوله، كواحد من تلاميذه الاثني عشر يدل على استعداد يسوع للعمل مع أشخاص من خلفيات مختلفة. يمثل سيمون جزءًا من النسيج المتنوع لتلاميذ يسوع.

يهوذا الإسخريوطي: هو التلميذ الذي خان يسوع. اسم “الإسخريوطي” يشير على الأرجح إلى مكان إقامة يهوذا، ربما من قريوت. إن ذكر يهوذا في هذه الآية يذكرنا بالدراما الوشيكة التي تنتظر يسوع. على الرغم من أنه كان تلميذًا ليسوع، إلا أنه اختار في النهاية أن يسلمه. هذه الآية تظهر طبيعة القرار البشري وحرية الاختيار.

يُعد ذكر هذين التلميذين، جنبًا إلى جنب مع الآخرين، جزءًا من قائمة أوسع بالتلاميذ. هذه القائمة مهمة لأنها تحدد الأشخاص الذين أرسلهم يسوع للتبشير. إنها تحدد أيضًا الأشخاص الذين كانوا شهودًا على حياته وموته وقيامته. إنهم الذين أصبحوا الأساس لكنيسة يسوع.

الأهمية اللاهوتية

لمتّى 10:4 أهمية لاهوتية كبيرة. أولًا، يؤكد اختيار يسوع لتلاميذه على طبيعة الدعوة الإلهية. لم يتم اختيار هؤلاء الرجال على أساس وضعهم الاجتماعي أو السياسي، بل على أساس اختيار الله نفسه. هذا يذكرنا بأن الله يعمل من خلال الناس العاديين. ثانيًا، يذكرنا وجود يهوذا الإسخريوطي بحرية الإرادة البشرية. على الرغم من معرفة يسوع بأنه سيتعرض للخيانة، إلا أنه سمح ليهوذا بأن يكون جزءًا من مجموعته، مما يؤكد على أهمية الاختيار الحر. ثالثًا، يساعدنا هذا المقطع على فهم طبيعة يسوع. على الرغم من أنه يعلم ويعرف كل شيء، إلا أنه قبل أن يكون لديه تلميذ سيخونه. هذا يبرز تواضعه وتفانيه.

توفر الآية فهمًا أعمق لطبيعة الخلاص. يهوذا، على الرغم من كونه تلميذًا، لم يتبع طريق الخلاص. إن هذا يظهر أن مجرد الاتصال بيسوع لا يضمن الخلاص؛ بل يجب على المرء أن يختار الإيمان به ويتبعه. إنها رسالة ذات صلة في جميع الأوقات.

أهمية الآية في سياق إنجيل متى

تمثل متى 10:4 جزءًا من الفصل الذي يركز على إرسال يسوع لتلاميذه. في هذا الفصل، يزود يسوع تلاميذه بالسلطة اللازمة لممارسة الخدمة. يعطيهم توجيهات حول كيفية السير في هذه الخدمة، بما في ذلك التحذير من الاضطهاد. إنهم يمثلون الأساس لكنيسة يسوع. من خلال سرد أسماء التلاميذ، يوضح متى من هم الذين سيواصلون مهمة يسوع بعد صعوده.

يُظهر هذا الفصل أيضًا رحمة يسوع وتفانيه. على الرغم من معرفته بما سيحدث ليهوذا، فقد سمح له بالبقاء جزءًا من المجموعة. يظهر هذا استعداده لتجاوز توقعات المجتمع، واختيار هؤلاء الذين قد يُعتبرون غير مؤهلين، وإظهار المحبة والتسامح.

بشكل عام، متى 10:4 هي مجرد جزء صغير من قصة أوسع في إنجيل متى. ومع ذلك، فإنه يقدم رؤى مهمة حول طبيعة التلاميذ، وحرية الإرادة البشرية، وطبيعة الخلاص. تساعد هذه الآية القارئ على فهم أهمية المهمة التي أوكلها يسوع إلى تلاميذه، وأهمية الاستجابة لدعوة يسوع.

التلاميذ الآخرون المذكورون في متى 10

بالإضافة إلى سيمون القانوي ويهوذا الإسخريوطي، يذكر متى أسماء التلاميذ الآخرين في هذا الفصل. من المهم أن نفهم هؤلاء التلاميذ لتقييم أهمية متى 10:4 بشكل كامل.

بطرس: يُشار إليه كونه الأول في القائمة، وكان بطرس هو الذي اعترف بيسوع على أنه المسيح، وله دور قيادي بين التلاميذ.
أندراوس: شقيق بطرس، وكان أيضًا صيادًا، وجلب أندراوس بطرس إلى يسوع.
يعقوب بن زبدي: أحد أبناء الرعد، وكان هو وأخيه يوحنا جزءًا من مجموعة يسوع الداخلية.
يوحنا: شقيق يعقوب، وكان أيضًا من المجموعة الداخلية.
فيليبس: قاد فيليبس نثنائيل إلى يسوع.
برثولماوس: يُعتقد أنه هو نفسه نثنائيل.
توما: اشتهر بتشككه، لكنه اعترف في النهاية بيسوع.
متى: كاتب الإنجيل، وجابي الضرائب السابق.
يعقوب بن حلفى: تلميذ آخر.
تداوس: يُعرف أيضًا باسم لباوس.
سيمون الغيور: (الذي ورد ذكره سابقًا).
يهوذا الإسخريوطي: (الذي ورد ذكره سابقًا).

تعكس قائمة التلاميذ هذه التنوع في خلفياتهم وشخصياتهم. يعكس هذا أيضًا اختيار يسوع لجميع أنواع الناس، بما في ذلك الصيادين وجباة الضرائب والمتشككون. إنهم جميعًا مدعوون لمشاركة رسالة يسوع. بالإضافة إلى ذلك، فإن ذكر يهوذا في هذه القائمة يشير إلى حقيقة أن حتى المقربين قد يختارون أن يخونوا الثقة.

الخلاصات

متى 10:4 هو جزء صغير من قصة أوسع في إنجيل متى. ومع ذلك، فإنه يقدم نظرة ثاقبة مهمة لطبيعة التلاميذ، وحرية الإرادة البشرية، وطبيعة الخلاص. من خلال ذكر أسماء تلاميذ يسوع، بما في ذلك يهوذا الإسخريوطي، يسلط متى الضوء على أهمية اختيار يسوع لتلاميذه، والمسؤولية التي تأتي مع هذا الاختيار. تساعد هذه الآية القارئ على فهم أهمية المهمة التي أوكلها يسوع إلى تلاميذه، وأهمية الاستجابة لدعوة يسوع. إنها تذكرنا بأنه على الرغم من أن يسوع دعا الجميع، إلا أن كل شخص يجب أن يختار ما إذا كان سيتبعه أم لا.

خاتمة

متى 10:4 هي آية مفصلة في إنجيل متى، تقدم نظرة على قائمة التلاميذ الاثني عشر ليسوع. من خلال سرد أسماء هؤلاء الرجال، بمن فيهم سيمون القانوي ويهوذا الإسخريوطي، يسلط متى الضوء على أهمية الاختيار والمسؤولية في السعي وراء الإيمان. تعكس الآية التنوع في خلفيات التلاميذ، وتذكرنا بأن الله يعمل من خلال الأشخاص العاديين. إنها تبرز أهمية المهمة التي أوكلها يسوع إلى تلاميذه، وأهمية الاستجابة لدعوته. يساعد فهم هذه الآية القارئ على تقدير المعنى الأعمق للإنجيل وتأثيره على حياة المؤمنين.

المراجع

“`