السياق العام
يقع متى 9:7 ضمن سياق أوسع يصف معجزات يسوع ورحلاته التعليمية. في هذا الفصل، نرى يسوع وهو يقوم بالعديد من الأعمال الخارقة، بما في ذلك شفاء المرضى وإحياء الموتى. تُظهر هذه الأحداث قوة يسوع وتؤكد على أنه المسيح المنتظر.
قبل هذه الآية مباشرة، نجد قصة شفاء يسوع للمفلوج الذي أُنزل من السقف. يعلن يسوع مغفرة خطايا المفلوج، ثم يشفيه. هذه الأحداث تثير غضب الكتبة والفريسيين، الذين يتهمون يسوع بالتجديف. بعد ذلك، ينتقل يسوع ويظهر له تلميذه الجديد، متى، جابي الضرائب، ويدعوه ليتبعه. هذا السياق يُمهد الطريق لما سيحدث في متى 9:7.
نص الآية وتفسيرها
نص متى 9:7 كما ورد في إنجيل متى هو:
“فَلَمَّا مَضَى يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ.”
يتضمن هذا النص عدة عناصر رئيسية:
- انتقال يسوع: يُظهر هذا الانتقال استمرارية عمل يسوع وسعيه لنشر رسالته في مناطق مختلفة.
- رؤية متى: يركز النص على رؤية يسوع لمتى، جابي الضرائب، وهو جالس في مكان الجباية. هذا الأمر مهم، لأن جباة الضرائب كانوا منبوذين في المجتمع اليهودي، ويعتبرون متعاونين مع الرومان، وهم بذلك أعداء للشعب.
- دعوة يسوع: يقول يسوع لمتى، “اتبعني”. هذه الدعوة هي دعوة مباشرة للانضمام إلى يسوع وتلاميذه.
- استجابة متى: يظهر النص استجابة متى الفورية لهذه الدعوة، حيث “قام وتبعه”. هذه الاستجابة السريعة تعكس إيمان متى ورغبته في تغيير حياته.
أهمية الآية
تحمل هذه الآية أهمية كبيرة لعدة أسباب:
- دعوة التلمذة: تُظهر الآية كيف يختار يسوع تلاميذه. لا يختار يسوع الأشخاص الأكثر صلاحًا أو الأكثر احترامًا في المجتمع، بل يختار أشخاصًا من خلفيات مختلفة، بما في ذلك أولئك الذين يعتبرهم الآخرون خطاة أو منبوذين. هذا يُظهر شمولية رسالة يسوع ورحمته.
- التحول والتبعية: يُظهر النص كيف يستجيب الناس لدعوة يسوع للتغيير. إن استجابة متى الفورية ترمز إلى تحول القلب والتزام المرء باتباع يسوع.
- شمولية الإنجيل: من خلال اختيار متى، يُظهر يسوع أن رسالته مفتوحة للجميع، بغض النظر عن ماضيهم أو مكانتهم الاجتماعية. هذا يؤكد على أن الإنجيل موجه للجميع، ويدعوهم إلى التوبة والإيمان.
- تأثير التلمذة: اختيار متى له تأثير كبير، حيث يصبح متى واحدًا من التلاميذ الإثني عشر، ويشارك في مهمة يسوع ويشهد على حياته وتعليمه، ويكتب لاحقًا إنجيل متى.
معاني إضافية
بالإضافة إلى المعاني المذكورة أعلاه، يمكن استخلاص معانٍ إضافية من هذه الآية:
- الرحمة والمغفرة: يُظهر اختيار متى أن يسوع يأتي للعثور على الضالين وتقديم الرحمة والمغفرة لهم.
- التواضع: يسوع لا يختار الشخصيات البارزة، بل يختار شخصًا يعمل في وظيفة غير محترمة، مما يظهر تواضعه ونهجه المختلف.
- قوة الدعوة: دعوة يسوع قوية لدرجة أنها تؤثر على حياة الناس بشكل جذري، مما يجعلهم يتركون كل شيء ويتبعونه.
العلاقة بمتى 9:9
من المهم ملاحظة العلاقة بين متى 9:7 ومتى 9:9، حيث يسجل الأخير اختيار متى كأحد التلاميذ: “وَبَيْنَمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ”.
متى 9:9 هو ببساطة إعادة سرد لما ورد في متى 9:7، ولكنه يضيف تفاصيل إضافية حول المكان الذي وجد فيه يسوع متى. هذه الآيات تعملان معًا لإبراز أهمية اختيار متى وتأثيره على حياة كليهما.
التأثير اللاحق
لقصة اختيار متى تأثير كبير على الفن والأدب والثقافة المسيحية. غالبًا ما يتم تصوير هذه القصة في اللوحات والنحت، وتُستخدم في الوعظ والتعليم لتعليم أهمية الإيمان والتبعية ليسوع. تُظهر هذه القصة أنه حتى الشخصيات التي تعتبر بعيدة عن الله يمكن أن تجد الخلاص من خلال قبول دعوة يسوع.
إن اختيار متى يعطي الأمل للخطاة، ويظهر أن التوبة والإيمان يمكن أن يغيران حياة المرء بشكل جذري. يمثل متى نموذجًا لمن يمكن أن يتركوا كل شيء ويتبعوا يسوع.
التطبيق العملي
هناك دروس عملية يمكن استخلاصها من متى 9:7:
- الاستعداد للاستجابة: يجب أن نكون مستعدين للاستجابة لدعوة الله في حياتنا، بغض النظر عن خلفيتنا أو ماضينا.
- التوبة والتحول: يجب أن ندرك حاجتنا إلى التوبة والتحول، وأن نكون على استعداد لتغيير حياتنا من أجل اتباع يسوع.
- الرحمة والشمولية: يجب أن نكون رحماء وشاملين تجاه الآخرين، وأن ندرك أن رسالة الإنجيل موجهة للجميع.
- التلمذة: يجب أن نلتزم بالتلمذة ونتبع يسوع، وأن نعيش حياتنا وفقًا لتعليمه.
أسئلة للنقاش
يمكن أن تثير هذه الآية أسئلة للنقاش والتأمل:
- ماذا يعني أن نتبع يسوع في حياتنا اليومية؟
- كيف يمكننا أن نكون أكثر رحمة وشملًا تجاه الآخرين؟
- ما هي العوائق التي تمنعنا من الاستجابة لدعوة الله؟
- كيف يمكننا أن نشارك رسالة الإنجيل مع الآخرين؟
خاتمة
متى 9:7 هي آية مهمة في إنجيل متى تقدم لنا مثالًا قويًا على دعوة يسوع للتلمذة وقوته في الشفاء والرحمة. تُظهر الآية اختيار يسوع لمتى، جابي الضرائب، وتدعو المؤمنين إلى التوبة والتحول والتبعية. تُذكرنا هذه الآية بأن رسالة الإنجيل مفتوحة للجميع، وتشجعنا على أن نكون رحماء وشاملين تجاه الآخرين وأن نعيش حياتنا وفقًا لتعاليم يسوع. إن قصة متى هي قصة أمل وتحول، وتدعونا إلى أن نتبع يسوع ونشارك رسالته مع العالم.
المراجع
- Bible Gateway – Matthew 9:7
- Encyclopaedia Britannica – Gospel According to Matthew
- StudyLight.org – Commentary on Matthew 9
- Christianity.com – Matthew 9
“`