السياق العام لمتى 28
الفصل 28 من إنجيل متى هو ختام هذا الإنجيل، وهو يتضمن بعضًا من أهم الأحداث في المسيحية: قيامة يسوع، وظهور يسوع للتلاميذ، وتكليفهم بالمهمة العظيمة.
القيامة: يبدأ الفصل بذكر قيامة يسوع في اليوم الثالث بعد صلبه ودفنه. تصف الآيات الملائكة الذين أتوا إلى القبر، والزلازل التي حدثت، وذهاب المريمات إلى القبر لإعلان الخبر.
الظهورات: بعد القيامة، ظهر يسوع لتلاميذه عدة مرات. يذكر متى على وجه التحديد ظهور يسوع للمريمات وللتلاميذ في الجليل.
المهمة العظيمة: يختتم الفصل بتقديم يسوع للمهمة العظيمة لتلاميذه، حيث يأمرهم بالذهاب إلى جميع الأمم وتلميذهم وتعميدهم باسم الآب والابن والروح القدس.
متى 28:15: تفصيل الآية
تقرأ الآية 15 من متى 28 كما يلي:
“فأخذوا الدراهم وفعلوا كما علموا. فشاع هذا القول بين اليهود إلى هذا اليوم.”
لتوضيح هذه الآية، دعونا نفصلها:
“فأخذوا الدراهم”: تشير هذه العبارة إلى قادة اليهود الذين أعطوا الجنود الرومان المال.
“وفعلوا كما علموا”: يشير هذا إلى أن القادة اليهود دفعوا للجنود ليقولوا إن تلاميذ يسوع سرقوا جثته.
“فشاع هذا القول بين اليهود إلى هذا اليوم”: يشير هذا إلى أن هذه القصة الكاذبة انتشرت على نطاق واسع بين اليهود وظلت شائعة في وقت كتابة إنجيل متى.
تحليل الآية
تقدم هذه الآية نظرة ثاقبة على عدة جوانب:
محاولة قمع الحقيقة: يظهر هذا النص محاولة متعمدة لإخفاء حقيقة قيامة يسوع. كان القادة اليهود قلقين بشأن تأثير قيامة يسوع على سلطتهم وشعبيتهم. لذلك، قاموا برشوة الجنود لنشر كذبة.
الفساد: يوضح هذا النص كيف يمكن للفساد أن يؤدي إلى تشويه الحقيقة. لقد استخدم القادة اليهود المال لشراء صمت الجنود الرومان وتضليل الناس.
الانتشار المستمر للكذب: يوضح هذا النص أيضًا كيف يمكن للأكاذيب أن تنتشر بسرعة وتستمر لفترة طويلة. على الرغم من أن قيامة يسوع كانت حقيقة، إلا أن الكذبة التي نشرها القادة اليهود استمرت في الانتشار بين اليهود.
الأحداث التي سبقت الآية
لفهم متى 28:15 بشكل كامل، من الضروري النظر في الأحداث التي سبقتها:
تآمر القادة اليهود: قبل صلب يسوع، تآمر القادة اليهود معًا لإلقاء القبض عليه ومحاكمته بتهمة التجديف. كانوا يخشون أن يتبعه الناس ويدمروا سلطتهم.
صلب يسوع: بعد محاكمة سريعة، حكم بيلاطس البنطي على يسوع بالصلب. كان هذا هو أقصى عقوبة في ذلك الوقت.
دفن يسوع: بعد صلبه، دفن يسوع في قبر جديد في حديقة. وضعوا حجرًا كبيرًا على باب القبر.
حراسة القبر: طلب القادة اليهود من بيلاطس أن يحرس القبر، خوفًا من أن يسرق التلاميذ جثة يسوع ويدّعون أنه قام من بين الأموات.
القيامة: في اليوم الثالث بعد صلبه، قام يسوع من بين الأموات. هز زلزال المنطقة، ونزل ملاك من السماء، ودحرج الحجر عن باب القبر.
الأحداث التي تلت الآية
متى 28:15 ليست نهاية القصة. هناك أحداث أخرى مهمة تحدث في الفصل نفسه:
ظهور يسوع: بعد أن أعطى الجنود الرومان القادة اليهود القصة الكاذبة، ظهر يسوع لتلاميذه في الجليل.
المهمة العظيمة: في ظهورهم في الجليل، أمر يسوع تلاميذه بالذهاب إلى جميع الأمم وتلميذهم وتعميدهم باسم الآب والابن والروح القدس. هذه هي المهمة العظيمة التي أعطاها يسوع لتلاميذه.
أهمية متى 28:15
متى 28:15 مهمة لعدة أسباب:
تكشف عن رفض الحقيقة: تظهر هذه الآية كيف يمكن للناس أن يرفضوا الحقيقة عندما تتعارض مع مصالحهم أو معتقداتهم.
تحذر من الفساد: تذكرنا هذه الآية بمخاطر الفساد وكيف يمكن أن يؤدي إلى تشويه الحقيقة.
تشجع على التفكير النقدي: تشجعنا هذه الآية على التفكير النقدي في المعلومات التي نتلقاها وعدم قبول كل ما نسمعه على أنه صحيح.
تؤكد على أهمية قيامة يسوع: على الرغم من محاولات القادة اليهود لإخفاء حقيقة قيامة يسوع، إلا أنها حدثت بالفعل، وهي حجر الزاوية في الإيمان المسيحي.
المعنى اللاهوتي
من الناحية اللاهوتية، يمكن تحليل هذه الآية من عدة زوايا:
الصراع بين الخير والشر: يمثل القادة اليهود الشر الذي حاول إخفاء الحقيقة، بينما يمثل يسوع الخير الذي غلب الموت والظلام.
انتصار الحقيقة: على الرغم من محاولات إخفاء الحقيقة، فإن قيامة يسوع هي دليل على انتصار الحقيقة والخير على الشر. الحقيقة لا يمكن إخفاؤها إلى الأبد.
دعوة إلى الإيمان: تذكرنا هذه الآية بأهمية الإيمان بيسوع المسيح، الذي غلب الموت وفتح لنا طريقًا إلى الحياة الأبدية.
وجهات نظر مختلفة
هناك وجهات نظر مختلفة حول تفسير متى 28:15:
المنظور المسيحي: يرى المسيحيون هذه الآية كدليل على رفض القادة اليهود ليسوع المسيح، وعلى انتشار الكذب لمحاولة إخفاء حقيقة قيامته. كما يعتبرون هذه الآية جزءًا من القصة الأكبر لانتصار يسوع على الموت.
المنظور اليهودي: يختلف اليهود في تفسير هذه الآية. يرى بعضهم أن قصة قيامة يسوع هي كذبة اخترعها تلاميذ يسوع. يعتقد آخرون أن هذه الآية تعكس الصراع بين اليهودية والمسيحية في وقت كتابة إنجيل متى.
المنظور النقدي: يرى بعض النقاد أن هذه الآية هي مثال على الدعاية التي تهدف إلى تشويه صورة اليهود. يشيرون إلى أن هذه الآية قد استخدمت عبر التاريخ لتبرير معاداة السامية.
التأثير التاريخي
كان لمتى 28:15 تأثير كبير على التاريخ. فقد تم استخدامها:
- لتبرير معاداة السامية
- لإثبات حقيقة قيامة يسوع
- لتشجيع الإيمان بالمسيحية
من المهم أن نفهم السياق التاريخي لهذه الآية وأن ندرك كيف تم تفسيرها واستخدامها عبر التاريخ.
التطبيق العملي
ماذا يمكننا أن نتعلم من متى 28:15؟
- كن حذرًا من الفساد: يجب أن نكون على دراية بمخاطر الفساد وكيف يمكن أن يؤدي إلى تشويه الحقيقة.
- ابحث عن الحقيقة: يجب أن نبحث دائمًا عن الحقيقة، حتى لو كان ذلك صعبًا أو غير مريح.
- لا تدع الكذب يخدعك: يجب ألا نصدق كل ما نسمعه، ولكن يجب أن نفكر بعقلانية ونسعى للحصول على المعلومات من مصادر موثوقة.
- تمسك بالإيمان: يجب أن نتمسك بإيماننا، حتى عندما نواجه تحديات أو شكوك.
خاتمة
متى 28:15 هي آية مهمة تقدم نظرة ثاقبة على تصرفات القادة اليهود بعد قيامة يسوع. تظهر الآية محاولتهم لإخفاء الحقيقة من خلال رشوة الجنود لنشر كذبة. على الرغم من هذه المحاولات، فإن قيامة يسوع هي حقيقة لا يمكن إنكارها، وتذكرنا الآية بأهمية البحث عن الحقيقة، والابتعاد عن الفساد، والتمسك بالإيمان. الآية لها أهمية دينية وتاريخية كبيرة، وتستمر في إثارة النقاش والتفكير النقدي حتى يومنا هذا.
المراجع
- Bible Gateway: Matthew 28
- Encyclopedia Britannica: Resurrection of Jesus
- Christianity Today: The Great Commission
- PBS: Resurrection: The Gospels Tell the Story
“`