السياق العام
يأتي متى 28:10 في سياق بالغ الأهمية ضمن سرد القيامة في إنجيل متى. بعد أن صُلب يسوع المسيح وقُبر، يصف الإنجيل كيف ذهبت مريم المجدلية ومريم الأخرى إلى القبر في صباح اليوم الأول من الأسبوع. يصف الكتاب المقدس كيف أنزل ملاك الرب من السماء، وأزاح الحجر عن القبر، وجلس عليه. خافت الحارسات وارتعدن وصِرن كالأموات. ثم خاطب الملاك النساء، قائلاً لهن: “لا تخافا أنتن، فإني أعلم أنكن تطلبن يسوع المصلوب. إنه ليس ههنا، لأنه قد قام كما قال. هلمّوا انظُرن الموضع الذي كان الرب مضطجعاً فيه. واذهبن سريعاً قُلن لتلاميذه إنه قد قام من الأموات، وها هو يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه. ها أنا قد قلت لكُنَّ”.
بعد ذلك، تصف الآية 9 كيف التقت النساء بيسوع، وسجدن له وأمسكن بقدميه. ثم يتوجه متى 28:10 مباشرة إلى كلام يسوع لهن.
نص الآية وتفسيرها
نص متى 28:10 هو:
“حينئذٍ قال لهن يسوع: لا تخفن. اذهبن وأخبرن إخوتي أن يذهبوا إلى الجليل، وهناك يرونني.”
دعونا نحلل هذه الآية:
- “حينئذٍ قال لهن يسوع”: يوضح هذا بداية حديث يسوع المباشر للنساء. إنه يعكس الإحساس بالوقت والحدث المهم الذي أعقب ظهور الملاك واللقاء السابق بين يسوع والنساء.
- “لا تخفن”: هذه الكلمات هي في المقام الأول كلمة طمأنة. لقد عانين تجربة مرعبة (الزلازل، ظهور الملاك، الجلوس على الحجر) وأكثر من ذلك بكثير. يدرك يسوع خوفهن، ويطالبن بعدم الخوف.
- “اذهبن وأخبرن إخوتي”: يشير يسوع إلى تلاميذه الذكور بـ “إخوتي”. وهذا يدل على علاقة وثيقة وحميمة بينهم جميعًا. إنهم أصبحوا الآن أفرادًا في عائلته الروحية، بغض النظر عن الجنس.
- “أن يذهبوا إلى الجليل”: الجليل له أهمية كبيرة في حياة يسوع. كان المكان الذي نشأ فيه، حيث بدأ خدمته، وألقى عظاته، وقام بالعديد من المعجزات. يوجههم يسوع للعودة إلى الجليل، مما يشير إلى عودة إلى مكان مألوف وإعادة الاتصال.
- “وهناك يرونني”: هذه هي رسالة الأمل والإعلان. إنها ليست مجرد دعوة للعودة إلى مكان معين، ولكنها أيضًا دعوة إلى لقاء شخصي مع يسوع. إنها وعد بالظهور، وتجربة شخصية للوجود الإلهي.
الأهمية اللاهوتية
يحمل متى 28:10 أهمية لاهوتية كبيرة. فهو يؤكد على عدة نقاط أساسية:
- القيامة حقيقة واقعة: من خلال ظهوره للنساء، يؤكد يسوع قيامته من بين الأموات. هذا هو حجر الزاوية في الإيمان المسيحي.
- طبيعة يسوع الإلهية: يؤكد على طبيعة يسوع الإلهية. إنه حي، ويتعامل مع تلاميذه، ويوجههم.
- وحدة المؤمنين: استخدام كلمة “إخوتي” يدل على وحدة المؤمنين في جسد المسيح، بغض النظر عن الجنس.
- أهمية الإنجيل: الآية تؤكد على أهمية نشر بشرى القيامة. فالنساء مأمورات بإخبار التلاميذ.
- الرجاء: يمثل رجاء للمؤمنين في الحياة الأبدية. وعد يسوع بلقائهم في الجليل، وهو يمثل اللقاء الروحي النهائي معه في السماء.
التأثير على المسيحية
كان لمتى 28:10 تأثير عميق على المسيحية على مر القرون. لقد ألهم:
- التبشير والتبشير: أدرك المسيحيون منذ البداية أنهم مدعوون لمشاركة بشرى القيامة مع الآخرين.
- العبادة والاجتماع: شكلت الدعوة إلى لقاء يسوع في الجليل أساسًا للعبادة المسيحية والاجتماع الروحي.
- الرجاء في الحياة الأبدية: ساعدت الآية المؤمنين على فهم أن الموت ليس النهاية، وأن هناك لقاءًا ينتظرهم مع يسوع.
- الوحدة المسيحية: أكدت الآية على أهمية الوحدة في الإيمان، وتجاوز الاختلافات الاجتماعية والثقافية.
المقارنة مع الآيات الأخرى
من المهم مقارنة متى 28:10 بآيات أخرى في الأناجيل. على سبيل المثال:
- مرقس 16:7: في إنجيل مرقس، يقول الملاك للنساء: “ولكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس: إنه يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه كما قال لكم”. تختلف التفاصيل قليلاً، لكن الرسالة الأساسية هي نفسها.
- لوقا 24:9-10: يصف إنجيل لوقا كيف أخبرت النساء التلاميذ بهذا الحدث، لكن التلاميذ لم يصدقوهن. يظهر هذا كيف كان من الصعب على التلاميذ في البداية فهم حقيقة القيامة.
- يوحنا 20:17: في إنجيل يوحنا، يظهر يسوع لمريم المجدلية ويخبرها “اذهبي إلى إخوتي وقل لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم”. يعزز هذا التوازي الرسالة الأساسية للمحبة والوحدة.
تكشف هذه المقارنات عن الإجماع على أن القيامة هي حقيقة مركزية في الإيمان المسيحي.
الرسالة العملية
تتمتع متى 28:10 برسالة عملية مهمة للمؤمنين اليوم:
- لا تخف: على الرغم من صعوبات الحياة، يجب على المؤمنين أن يثقوا في أن الله معهم دائمًا.
- شارك الإنجيل: يجب على المؤمنين أن يشاركوا إيمانهم مع الآخرين.
- ابحث عن المسيح: يجب على المؤمنين أن يبحثوا عن المسيح في العبادة وفي علاقاتهم مع الآخرين.
- عش بالإيمان: يجب على المؤمنين أن يعيشوا حياتهم بالإيمان، مع العلم أن لديهم رجاء في الحياة الأبدية.
الجماليات الأدبية
تتميز الآية بجماليات أدبية بسيطة ولكنها فعالة. فاللغة مباشرة، والرسالة واضحة. استخدام الفعل “قال” يدل على سلطة يسوع. يعطي التكرار، مثل “لا تخفن” و “الجليل”، تركيزًا على الرسالة الرئيسية. هذا النمط البسيط، جنبًا إلى جنب مع الرسالة القوية، يجعل الآية مؤثرة.
خاتمة
متى 28:10 هي آية مهمة في إنجيل متى، والتي تقدم وصفًا دقيقًا لظهور يسوع لتلاميذه بعد قيامته. تحمل الآية رسالة قوية من التشجيع والإرشاد والتأكيد على قيامة يسوع، والدعوة إلى الإيمان، والإعلان عن الأمل في الحياة الأبدية. إنها تدعو إلى الإيمان والثقة، وتدعو المؤمنين إلى مشاركة هذه البشارة مع العالم. هذه الآية هي حجر الزاوية في فهمنا للإيمان المسيحي وتأثيره على حياة المؤمنين.