السياق العام
لفهم متى 28: 9 بشكل كامل، من الضروري النظر في السياق الأوسع للإصحاح 28 من إنجيل متى. يروي هذا الإصحاح الأحداث الحاسمة التي أعقبت صلب يسوع ودفنه، بما في ذلك اكتشاف القبر الفارغ وظهورات يسوع القائم. تبدأ القصة بوصول مريم المجدلية ومريم الأخرى إلى القبر في فجر اليوم الأول من الأسبوع. يخبرهن ملاك أن يسوع قد قام من الأموات وأنهن مدعوات لرؤيته. بعد ذلك، تذهب المريمات لإخبار التلاميذ.
الآية 9 تصف اللحظة التي يظهر فيها يسوع نفسه للمريمات أثناء عودتهن من القبر. هذا الظهور هو جزء أساسي من إثبات قيامة يسوع وتأكيد إيمانهن.
نص الآية وتفسيرها
نص متى 28: 9 هو:
“وإذ هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه، إذا يسوع لاقاهما وقال: سلام. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له.”
دعونا نحلل هذا النص:
- “وإذ هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه”: يشير هذا إلى أن المريمات كن في طريقهن لإبلاغ التلاميذ بالرسالة التي تلقينها من الملاك: أن يسوع قد قام. يوضح هذا السلوك طاعتهن ورغبتهن في نشر الخبر السار.
- “إذا يسوع لاقاهما وقال: سلام”: يظهر يسوع بشكل غير متوقع للمريمات. تحيته “سلام” هي تحية تقليدية، ولكنها تحمل أيضًا معنى أعمق في هذه الحالة. إنها إعلان للسلام والوئام بعد الاضطراب واليأس اللذين تسببا فيهما الصلب.
- “فتقدمتا وأمسكتا بقدميه”: تعبر هذه الحركة عن مزيج من الخوف والفرح والإعجاب. إمساك قدمي يسوع هو فعل عبادة وتقدير للرجل الذي اعتقدوا أنه مات. إنهن يدركن أنه حي حقًا.
- “وسجدتا له”: السجود هو فعل عبادة وتقدير. هذه اللحظة هي اعتراف صريح بألوهية يسوع. يمثل هذا السجود استجابة طبيعية للظهور الإلهي والتحقق من قيامته.
بشكل عام، تصور الآية 9 لقاءً حميمًا ومؤثرًا. إنه يؤكد قيامة يسوع، ويوفر إحساسًا بالسلام والأمل للمريمات، ويعطي مثالًا على الاستجابة المناسبة لظهور يسوع القائم.
الأهمية اللاهوتية
متى 28: 9 له أهمية لاهوتية كبيرة:
- إثبات قيامة يسوع: هذا الظهور هو دليل مادي على أن يسوع لم يبق في القبر. يؤكد على مركزية قيامة يسوع في الإيمان المسيحي.
- طبيعة يسوع الإلهية: السجود ليسوع يدل على الإقرار بألوهيته. هذا يؤكد الاعتقاد المسيحي بأن يسوع هو ابن الله.
- دعوة إلى الإنجيل: تظهر استجابة المريمات للإعلان عن قيامة يسوع دعوة للمؤمنين لنشر الأخبار السارة.
- الرد على الشك: يوفر هذا اللقاء دليلًا ملموسًا على حقيقة قيامة يسوع، مما يساعد على التغلب على الشكوك والإيمان.
متى 28: 9، جنبًا إلى جنب مع الآيات الأخرى في الإصحاح، يمثل أساسًا للإيمان المسيحي. إنه يؤكد على أن يسوع هو المسيح، وأنه قام من بين الأموات، وأنه يجب على المؤمنين أن يشاركوا هذه الأخبار مع الآخرين.
الظهورات الأخرى ليسوع بعد القيامة
متى 28: 9 هو واحد من عدة ظهورات ليسوع بعد قيامته. هذه الظهورات ضرورية لتأكيد قيامته وتعزيز إيمان تلاميذه. من بين الظهورات الأخرى المذكورة في الأناجيل:
- الظهور لمريم المجدلية (يوحنا 20: 11-18): يظهر يسوع لمريم المجدلية بالقرب من القبر الفارغ.
- الظهور للتلاميذ في الغرفة العلوية (يوحنا 20: 19-23): يظهر يسوع للتلاميذ في الغرفة العلوية، ويمنحهم الروح القدس.
- الظهور للتلاميذ على بحيرة طبريا (يوحنا 21: 1-14): يظهر يسوع للتلاميذ أثناء صيد السمك.
- الظهور لأكثر من 500 أخ (1 كورنثوس 15: 6): يذكر الرسول بولس ظهورًا جماعيًا ليسوع بعد قيامته.
- الظهور للتلاميذ في الجليل (متى 28: 16-20): يظهر يسوع للتلاميذ في الجليل، ويعطيهم الأمر العظيم.
تؤكد هذه الظهورات المتعددة على أن القيامة ليست مجرد وهم، بل هي حقيقة تاريخية.
أهمية المرأة في رواية القيامة
متى 28: 9 يسلط الضوء على دور المرأة في رواية القيامة. كانت المريمات أول من رأى يسوع القائم، وهن اللواتي أرسلن لإخبار التلاميذ. يعكس هذا الدور الهام:
- شهادة موثوقة: في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى شهادة المرأة على أنها أقل موثوقية. ومع ذلك، اختار يسوع أن يكشف عن قيامته للمرأة أولاً، مما يشير إلى أن رسالته تتجاوز الحدود الاجتماعية والثقافية.
- إيمان عميق: على الرغم من الخوف والحزن، ذهبت المريمات إلى القبر، مما يدل على إيمانهن العميق بيسوع.
- التبشير بالإنجيل: كانت المريمات أول مبشرات بالقيامة، وقمن بتوصيل الأخبار السارة إلى التلاميذ.
يظهر هذا الدور أهمية المرأة في الإنجيل، ويؤكد على أن الجميع مدعوون ليصبحوا شهودًا على يسوع القائم.
الاختلافات بين الأناجيل
بينما تتناول الأناجيل الأربعة رواية القيامة، هناك اختلافات طفيفة في التفاصيل. في متى 28: 9، يركز متى على ظهور يسوع للمريمات وعلى سلوكهن في السجود له. مقارنة مع الأناجيل الأخرى تظهر الاختلافات التالية:
- مرقس 16: 9-11: يذكر ظهور يسوع لمريم المجدلية أولاً، ولكنه لا يصف لقاءه مع المريمات في طريقهن لإبلاغ التلاميذ.
- لوقا 24: 1-12: يركز على اكتشاف القبر الفارغ، ويذكر المريمات اللواتي ذهبن إلى القبر.
- يوحنا 20: 1-18: يصف لقاء مريم المجدلية مع يسوع بشكل تفصيلي، ولكنه لا يذكر ظهور يسوع للمريمات في طريقهن إلى التلاميذ.
تظهر هذه الاختلافات أن الإنجيل كتب من وجهات نظر مختلفة، ولكل منها تركيز فريد. ومع ذلك، فإن الروايات تتفق في الأساسيات: القبر الفارغ، وظهور يسوع، وقيامته.
التطبيقات العملية
متى 28: 9 له تطبيقات عملية للمؤمنين اليوم:
- العبادة: يجب أن نعبد يسوع، ونعترف به كربنا وإلهنا.
- الإيمان: يجب أن نؤمن بقيامة يسوع ونثق فيه.
- الإنجيل: يجب أن نشارك الأخبار السارة عن قيامة يسوع مع الآخرين.
- الخدمة: يجب أن نخدم الآخرين، كما فعل يسوع.
- الأمل: يجب أن نتمسك بالأمل الذي يوفره يسوع من خلال قيامته.
من خلال التأمل في متى 28: 9، يمكننا أن نتعلم كيف نعيش حياتنا بطريقة تليق بقيامة يسوع.
الرد على الشكوك
في عالم اليوم، قد يواجه الناس شكوكًا حول قيامة يسوع. يقدم متى 28: 9 إجابات على بعض هذه الشكوك:
- الشهود: يقدم ظهور يسوع للمريمات (والتلاميذ الآخرين) شهادة مباشرة على قيامته.
- التغيير في التلاميذ: بعد قيامة يسوع، تغير التلاميذ من الخوف إلى الشجاعة، مما يدل على أنهم شهدوا شيئًا غير عادي.
- التاريخ: القيامة هي حدث تاريخي له أدلة قوية.
من خلال دراسة الأدلة التاريخية والروحية، يمكننا أن نجد إجابات على أسئلتنا وشكوكنا حول قيامة يسوع.
المنظور المسيحي
من وجهة النظر المسيحية، متى 28: 9 هو جزء أساسي من رسالة الإنجيل. إنه يؤكد على:
- محبة الله: يوضح أن الله يحبنا لدرجة أنه أرسل ابنه ليموت من أجلنا ويقوم من بين الأموات.
- الخلاص: من خلال قيامة يسوع، تقدم لنا فرصة الخلاص والحياة الأبدية.
- الحياة الجديدة: القيامة تعطينا أملًا في حياة جديدة في المسيح.
هذا الآية تدعو المؤمنين إلى الإيمان بيسوع، وأن يعيشوا حياة تتفق مع إيمانهم.
خاتمة
متى 28: 9 هو آية قوية تصف لقاءً مؤثرًا للمريمات مع يسوع القائم. إنه يؤكد على قيامة يسوع، ويظهر ألوهيته، ويوفر إحساسًا بالسلام والأمل للمؤمنين. هذه الآية هي جزء أساسي من قصة القيامة، وتذكّرنا بأهمية الإيمان والعبادة والتبشير بالإنجيل. إنه يوضح أن يسوع قد انتصر على الموت، وأن لديه القدرة على تغيير حياتنا.
المراجع
- Bible Gateway – Matthew 28:9
- Encyclopedia Britannica – Resurrection of Jesus
- Got Questions – What is the resurrection of Jesus?
- Crossway – The Significance of the Resurrection
“`