نشأته وتعليمه
ولد إليعازر سيلفر في مدينة كراسنوبيلي، في محافظة غرودنو (الآن في بيلاروسيا)، لعائلة متدينة. تلقى تعليمه الأولي في مدارس تقليدية (يشيفوت) في أوروبا الشرقية، حيث درس التلمود والفقه اليهودي على أيدي معلمين بارزين. تميز بذكائه الحاد وتفوقه في دراسة النصوص الدينية، مما أكسبه احترامًا كبيرًا من قبل زملائه ومعلميه. في شبابه، هاجر إلى الولايات المتحدة، حيث واصل دراساته الدينية وتعمق في فهمه للشريعة اليهودية.
مسيرته المهنية وقيادته
بدأ سيلفر مسيرته المهنية كحاخام في عدة تجمعات يهودية في الولايات المتحدة. اشتهر بوعظه المؤثر وقيادته الحكيمة. في عام 1930، انتخب رئيسًا لاتحاد الحاخامات الأرثوذكس في الولايات المتحدة وكندا (أغودات هارابين)، وهي المنظمة التي تمثل الحاخامات الأرثوذكس في أمريكا الشمالية. شغل هذا المنصب لمدة طويلة، وأصبح صوته مسموعًا على نطاق واسع في القضايا التي تهم المجتمع اليهودي الأرثوذكسي.
تحت قيادته، لعب اتحاد الحاخامات دورًا حاسمًا في الحفاظ على التقاليد اليهودية في مواجهة التغيرات الاجتماعية والثقافية. عمل على تعزيز التعليم اليهودي، ودعم المؤسسات الدينية، ومساعدة اللاجئين اليهود الذين فروا من أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. كان سيلفر مدافعًا قويًا عن القيم اليهودية التقليدية، وعمل على تطبيق الشريعة اليهودية في الحياة اليومية.
دوره في إنقاذ اليهود خلال الحرب العالمية الثانية
كان إليعازر سيلفر من القادة البارزين الذين عملوا على إنقاذ اليهود خلال المحرقة النازية. أدرك خطورة الوضع في أوروبا، وعمل بلا كلل على جمع الأموال وتقديم الدعم للاجئين اليهود. استخدم علاقاته الواسعة للتأثير على الحكومات والمنظمات الدولية، وحثها على اتخاذ إجراءات لإنقاذ اليهود من الهولوكوست. لعب دورًا محوريًا في إنشاء “صندوق الإنقاذ” الذي قدم المساعدة المالية واللوجستية لليهود في أوروبا.
عمل سيلفر أيضًا مع المنظمات اليهودية الأخرى لزيادة الوعي بمأساة اليهود في أوروبا. ألقى خطابات قوية، ونظم فعاليات عامة، وحشد الدعم للقضية اليهودية. على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها، فقد كان يشعر بالإحباط من بطء استجابة العالم للمحرقة. ومع ذلك، لم يفقد الأمل أبدًا، واستمر في عمله حتى نهاية الحرب.
إسهاماته في التعليم اليهودي
أدرك إليعازر سيلفر أهمية التعليم اليهودي في الحفاظ على التقاليد اليهودية. عمل على تعزيز التعليم اليهودي في جميع أنحاء أمريكا الشمالية. دعم إنشاء المدارس الدينية (يشيفوت) والمعاهد التعليمية، وسعى إلى توفير تعليم عالي الجودة للطلاب اليهود. كان يؤمن بأن التعليم هو المفتاح للحفاظ على الهوية اليهودية والتراث.
شجع سيلفر على دراسة التلمود والفقه اليهودي، وألهم العديد من الطلاب ليصبحوا علماء وحاخامات. كان يشارك بانتظام في المناقشات الدينية، ويقدم التوجيه والإرشاد للطلاب. ترك تأثيرًا دائمًا على التعليم اليهودي، ولا يزال إرثه حيًا حتى اليوم.
نشاطه السياسي والمجتمعي
لم يقتصر نشاط إليعازر سيلفر على المجال الديني والتعليمي فحسب، بل شارك أيضًا في الحياة السياسية والمجتمعية. كان مدافعًا عن حقوق الإنسان، وعمل على تعزيز العدالة الاجتماعية. استخدم منصبه كرئيس لاتحاد الحاخامات للتأثير على صناع القرار، والدفاع عن مصالح المجتمع اليهودي.
شارك في العديد من القضايا السياسية، بما في ذلك دعم إقامة دولة إسرائيل. كان مؤيدًا قويًا للصهيونية، وعمل على جمع الدعم المالي والسياسي لإسرائيل. ساهم في بناء العلاقات بين المجتمع اليهودي والقيادات السياسية في الولايات المتحدة.
آراؤه ومواقفه
تميز إليعازر سيلفر بآرائه ومواقفه الثابتة في العديد من القضايا. كان يعارض بشدة الإصلاحات في اليهودية التي اعتبرها تهديدًا للتقاليد اليهودية. دافع عن التمسك بالشريعة اليهودية في جميع جوانب الحياة. كان ملتزمًا بالحفاظ على وحدة المجتمع اليهودي، وعمل على توحيد صفوف اليهود الأرثوذكس.
كان سيلفر يعتبر من القادة البارزين في حركة “أغودات يسرائيل”، وهي حركة سياسية يهودية أرثوذكسية. شارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات التي نظمتها الحركة، وعمل على تعزيز أهدافها. كان له تأثير كبير على الحركة، وساهم في تشكيل سياستها ومواقفها.
إرثه
ترك إليعازر سيلفر إرثًا غنيًا ومؤثرًا. يعتبر من أهم القادة اليهود في القرن العشرين. ساهم في الحفاظ على التقاليد اليهودية، وتعزيز التعليم اليهودي، وإنقاذ اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. أثرت قيادته على المجتمع اليهودي الأرثوذكسي في أمريكا الشمالية، ولا يزال إرثه حيًا حتى اليوم.
يُذكر سيلفر كشخصية بارزة في التاريخ اليهودي، كرست حياتها لخدمة المجتمع اليهودي والدفاع عن القيم اليهودية التقليدية. تُعتبر إسهاماته في التعليم والنشاط المجتمعي والسياسة جزءًا لا يتجزأ من تاريخ اليهودية الحديثة.
وفاته
توفي إليعازر سيلفر في 7 فبراير 1968. ترك وراءه إرثًا من القيادة والتفاني في خدمة المجتمع اليهودي. أقيمت له مراسم تشييع جنازة مهيبة حضرها الآلاف من أتباعه ومحبيه. تم تكريمه على نطاق واسع، وتم الاعتراف بإسهاماته الكبيرة في الحفاظ على التقاليد اليهودية وتعزيز التعليم اليهودي.
خاتمة
كان إليعازر سيلفر شخصية قيادية بارزة في اليهودية الأرثوذكسية في القرن العشرين. شغل منصب رئيس اتحاد الحاخامات الأرثوذكس في الولايات المتحدة وكندا، ولعب دورًا محوريًا في الحفاظ على التقاليد اليهودية، وتعزيز التعليم، وإنقاذ اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ترك إرثًا دائمًا على المجتمع اليهودي، ولا يزال إسهامه في التاريخ اليهودي يُحتفى به حتى اليوم.
المراجع
- JTA – Rabbi Eliezer Silver, Orthodoxy Leader, Dies At 85
- Jewish Women’s Archive – Eliezer Silver
- My Jewish Learning – Eliezer Silver
- Orthodox Union – Our History
“`