نشأته وتعليمه
ولد إيفور أتكنز في كارديف، ويلز، ونشأ في بيئة موسيقية حفزته على استكشاف شغفه بالموسيقى منذ صغره. تلقى تعليمه المبكر في مدرسة ماغدالين كوليج تشوير في أكسفورد، حيث اكتسب أساسًا متينًا في الموسيقى الكورالية وعزف الأرغن. ثم واصل دراسته في الكلية الملكية للموسيقى في لندن، حيث صقل مهاراته تحت إشراف معلمين بارزين، مما أهله لمسيرة مهنية ناجحة في عالم الموسيقى.
مسيرته المهنية في كاتدرائية ورسستر
في عام 1897، عُين إيفور أتكنز قائدًا للجوقة وعازفًا على الأرغن في كاتدرائية ورسستر، وهو المنصب الذي شغله لأكثر من خمسة عقود، حتى تقاعده في عام 1950. خلال فترة عمله الطويلة، أحدث أتكنز تحولًا كبيرًا في الموسيقى الكنسية في ورسستر، حيث رفع مستوى الجوقة وقدم مجموعة واسعة من الأعمال الموسيقية، مما جعل الكاتدرائية مركزًا حيويًا للحياة الموسيقية في المنطقة.
بصفته قائدًا للجوقة، كان أتكنز يتمتع بقدرة استثنائية على تدريب المغنين وإلهامهم، وغرس فيهم حب الموسيقى الكورالية والالتزام بأعلى معايير الأداء. كما كان يتمتع بمهارة فائقة في عزف الأرغن، وقدم العديد من الحفلات الموسيقية المنفردة التي أظهرت موهبته الفذة وقدرته على استخلاص أجمل الأصوات من هذه الآلة العريقة.
بالإضافة إلى مهامه في الكاتدرائية، كان أتكنز نشطًا أيضًا في تنظيم المهرجانات الموسيقية في ورسستر، والتي استقطبت موسيقيين وجماهير من جميع أنحاء البلاد. وقد ساهمت هذه المهرجانات في تعزيز مكانة ورسستر كمركز ثقافي مهم، وفي إحياء الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية.
إسهاماته في الموسيقى الباروكية
كان إيفور أتكنز من أوائل الموسيقيين البريطانيين الذين أدركوا أهمية موسيقى العصر الباروكي، وعملوا على إحيائها وتقديمها للجمهور. كان شغوفًا بشكل خاص بأعمال يوهان سباستيان باخ وهنري Purcell، وقام بتحرير ونشر العديد من مؤلفاتهم، مما ساهم في انتشارها وتقديرها على نطاق واسع.
قام أتكنز بتحرير نسخة مرجعية من “آلام المسيح وفقًا للقديس متى” لباخ، والتي ظلت قيد الاستخدام لعقود، وساعدت في ترسيخ مكانة هذا العمل كتحفة فنية خالدة. كما قام بإحياء العديد من أعمال Purcell المسرحية والكورالية، وقدمها في ورسستر وغيرها من المدن البريطانية، مما ساهم في إعادة اكتشاف هذا الملحن الإنجليزي العظيم.
تكريمه
تقديراً لخدماته الجليلة للموسيقى، حصل إيفور أتكنز على العديد من الجوائز والأوسمة، بما في ذلك وسام الفروسية في عام 1921. كما حصل على الدكتوراه الفخرية في الموسيقى من جامعة أكسفورد، وتم انتخابه زميلًا في الكلية الملكية للموسيقى.
حياته الشخصية
تزوج إيفور أتكنز من كاثرين إليانور إليس في عام 1899، وأنجبا ثلاثة أطفال. كان معروفًا بشخصيته الودودة والمتواضعة، وكان يحظى باحترام وتقدير زملائه وطلابه على حد سواء.
توفي إيفور أتكنز في 26 نوفمبر 1953، عن عمر يناهز 83 عامًا، بعد حياة طويلة ومثمرة قضاها في خدمة الموسيقى. وقد ترك إرثًا دائمًا كواحد من أبرز الموسيقيين البريطانيين في القرن العشرين، ومساهمًا بارزًا في إحياء وتقدير موسيقى العصر الباروكي.
أهم أعماله
- قيادة وتطوير جوقة كاتدرائية ورسستر.
- تنظيم المهرجانات الموسيقية في ورسستر.
- تحرير ونشر أعمال يوهان سباستيان باخ وهنري Purcell.
- تأليف العديد من المؤلفات الموسيقية الكورالية والخاصة بالأرغن.
أسلوبه الموسيقي
تميز أسلوب إيفور أتكنز الموسيقي بالدقة والاهتمام بالتفاصيل، وبالقدرة على استخلاص أقصى إمكانات من الموسيقيين الذين يعمل معهم. كان يؤمن بأهمية الأصالة التاريخية في الأداء الموسيقي، ويسعى دائمًا إلى تقديم الأعمال الموسيقية بأقرب صورة ممكنة إلى رؤية المؤلف.
كما كان يتمتع بحس مرهف للإيقاع والهارموني، وقدرة فائقة على خلق جو موسيقي مؤثر ومثير للمشاعر. وقد ساهمت هذه الصفات في جعله قائدًا للجوقة وعازفًا على الأرغن متميزًا، وموسيقيًا يحظى بتقدير واحترام واسع النطاق.
تأثيره وإرثه
ترك إيفور أتكنز تأثيرًا عميقًا على الحياة الموسيقية البريطانية، ولا يزال إرثه حيًا حتى اليوم. فقد ألهم العديد من الموسيقيين الشباب لمتابعة شغفهم بالموسيقى الكورالية وعزف الأرغن، وساهم في إحياء الاهتمام بالموسيقى الباروكية، ورفع مستوى الأداء الموسيقي في الكنائس والكاتدرائيات في جميع أنحاء البلاد.
تظل مساهماته في تحرير ونشر أعمال باخ و Purcell ذات قيمة كبيرة للباحثين والموسيقيين على حد سواء، وتستمر أعماله الموسيقية في العزف والاستمتاع بها في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
كان السير إيفور أتكنز شخصية محورية في الموسيقى البريطانية في أوائل القرن العشرين. من خلال عمله كقائد للجوقة وعازف على الأرغن في كاتدرائية ورسستر، ومن خلال جهوده في إحياء موسيقى الباروك، ترك إرثًا دائمًا سيظل يُذكر لسنوات عديدة قادمة. لقد كان مثالاً للموسيقي المتفاني الذي كرس حياته لخدمة الفن، وترك بصمة لا تُمحى في عالم الموسيقى.