<![CDATA[
الخلفية التاريخية
في بداية الحرب العالمية الأولى، سرعان ما وصل القتال على الجبهة الغربية إلى طريق مسدود. أدت الخنادق العميقة والأسلاك الشائكة ونيران الرشاشات إلى جعل التقدم مستحيلاً تقريباً. بحثت القوات البريطانية عن طرق جديدة لاختراق خطوط العدو، وظهرت فكرة المركبات المدرعة التي يمكنها عبور الخنادق وتجاوز الأسلاك الشائكة.
في هذا السياق، تم تشكيل لجنة السفن البرية، وهي لجنة تابعة للأميرالية البريطانية، بهدف تطوير مركبة قادرة على اجتياز التضاريس الوعرة واقتحام خطوط العدو. كان ونستون تشرشل، اللورد الأول للأميرالية آنذاك، من المؤيدين المتحمسين لهذا المشروع.
تصميم ويلي الصغير
تم تصميم ويلي الصغير بواسطة ويليام تريتون ووالتر جوردون ويلسون من شركة ويليام فوستر وشركاه في لينكولن. كان التصميم الأولي يعتمد على جرار زراعي من طراز “Bullock Creeping Grip”، ولكن تم تعديله بشكل كبير لجعله مناسباً للاستخدام العسكري.
تميز ويلي الصغير بهيكل صندوقي الشكل مصنوع من الفولاذ، وكان مدعوماً بعجلات كبيرة. كان الهدف من العجلات الكبيرة هو تمكين المركبة من عبور الخنادق والعقبات. تم تركيب برج أسلحة على الجزء العلوي من الهيكل، وكان من المفترض أن يحمل مدفعاً رشاشاً أو مدفعاً أصغر.
أبرز ملامح تصميم ويلي الصغير:
- الهيكل: هيكل صندوقي الشكل مصنوع من الفولاذ.
- العجلات: عجلات كبيرة لتمكين عبور الخنادق والعقبات.
- التسليح: برج أسلحة لحمل مدفع رشاش أو مدفع أصغر.
- المحرك: محرك دايملر بنزين بقوة 105 حصان.
الاختبارات والتطوير
تم الانتهاء من بناء ويلي الصغير في خريف عام 1915، وخضع لسلسلة من الاختبارات في هاتfield Park. كشفت هذه الاختبارات عن العديد من المشاكل في التصميم، بما في ذلك صعوبة التوجيه وعدم كفاية قوة المحرك. بالإضافة إلى ذلك، كان ويلي الصغير ثقيلاً جداً وبطيئاً، مما جعله هدفاً سهلاً لنيران العدو.
على الرغم من هذه المشاكل، أظهر ويلي الصغير إمكانات كبيرة، وقررت لجنة السفن البرية المضي قدماً في تطوير دبابة أكثر تطوراً. تم إجراء تعديلات كبيرة على التصميم، مما أدى إلى ظهور “الأم الكبرى” (Mother)، وهي الدبابة التي أصبحت فيما بعد النموذج الأولي لدبابة مارك 1.
الفرق بين ويلي الصغير و”الأم الكبرى”
على الرغم من أن “الأم الكبرى” تطورت عن ويلي الصغير، إلا أن هناك اختلافات كبيرة بينهما:
- شكل الهيكل: كان هيكل ويلي الصغير صندوقياً، بينما كان هيكل “الأم الكبرى” على شكل ماسي، مما ساعدها على عبور الخنادق بشكل أفضل.
- نظام التعليق: كان نظام التعليق في ويلي الصغير بسيطاً جداً، بينما كان نظام التعليق في “الأم الكبرى” أكثر تطوراً، مما أدى إلى تحسين قدرتها على المناورة.
- المسارات: استخدم ويلي الصغير عجلات كبيرة، بينما استخدمت “الأم الكبرى” مسارات حول الهيكل بأكمله، مما زاد من قوة الجر وقدرتها على عبور التضاريس الوعرة.
- التسليح: كان من المقرر أن يحمل ويلي الصغير مدفع رشاش أو مدفع أصغر، بينما حملت “الأم الكبرى” مدفعين من عيار 6 أرطال في حجرات جانبية، بالإضافة إلى عدد من المدافع الرشاشة.
تأثير ويلي الصغير
على الرغم من أن ويلي الصغير لم يدخل الخدمة الفعلية، إلا أنه لعب دوراً حاسماً في تطوير الدبابات. لقد كان بمثابة منصة اختبار للعديد من الأفكار والمفاهيم التي تم استخدامها لاحقاً في الدبابات اللاحقة. أثبت ويلي الصغير أن فكرة المركبات المدرعة القادرة على عبور الخنادق وتجاوز الأسلاك الشائكة كانت ممكنة، ومهد الطريق لظهور الدبابات كقوة عسكرية مهمة.
أهمية ويلي الصغير:
- كان نموذجاً أولياً في تطوير الدبابات.
- أثبت إمكانية فكرة المركبات المدرعة القادرة على عبور الخنادق.
- مهد الطريق لظهور الدبابات كقوة عسكرية مهمة.
الدور في الحرب العالمية الأولى
بعد تطوير دبابة مارك 1، تم استخدام الدبابات لأول مرة في معركة فليرز كوربليت في سبتمبر 1916. على الرغم من أن الدبابات واجهت بعض المشاكل الميكانيكية، إلا أنها أحدثت صدمة كبيرة في صفوف الألمان وساعدت في تحقيق بعض التقدم. على مر السنين، أصبحت الدبابات قوة حاسمة في الحرب، ولعبت دوراً رئيسياً في كسر الجمود على الجبهة الغربية.
لم يكن ويلي الصغير نفسه مشاركاً في أي معارك، لكنه كان جزءاً لا يتجزأ من قصة تطور الدبابات التي غيرت مسار الحرب العالمية الأولى.
بقايا ويلي الصغير
اليوم، لا يزال هيكل ويلي الصغير موجوداً في متحف الدبابات في بوفينغتون، إنجلترا. إنه بمثابة تذكير بأصول الدبابات وتطورها المذهل على مر السنين. يمكن للزوار رؤية هذا النموذج الأولي بأنفسهم والتعرف على دوره في التاريخ العسكري.
خاتمة
ويلي الصغير هو نموذج أولي مهم في تاريخ الدبابات. على الرغم من أنه لم يدخل الخدمة الفعلية، إلا أنه كان بمثابة منصة اختبار للأفكار والمفاهيم التي أدت إلى تطوير دبابة مارك 1 والدبابات اللاحقة. يمثل ويلي الصغير نقطة تحول في الحرب العالمية الأولى، حيث أثبت إمكانية استخدام المركبات المدرعة لكسر الجمود على الجبهة الغربية. لا يزال ويلي الصغير موجوداً اليوم في متحف الدبابات في بوفينغتون، وهو تذكير دائم بأصول الدبابات وتطورها المذهل.