<![CDATA[
خلفية تاريخية
جوزيبي سيري (1906-1989) كان شخصية بارزة في الكنيسة الكاثوليكية. شغل منصب رئيس أساقفة جنوة لمدة تزيد عن أربعة عقود، وكان يعتبر محافظًا مؤثرًا في الفكر الكاثوليكي. شارك في عدة مجامع انتخابية بابوية، بما في ذلك انتخابات 1958 و1963 و1978. في كل من هذه الانتخابات، ظهرت شائعات وتكهنات حول دوره وفرصه في أن يصبح البابا.
تعتبر الانتخابات البابوية عملية معقدة وسرية، حيث يجتمع الكرادلة في المجمع المغلق لانتخاب البابا الجديد. تجرى التصويتات في سرية تامة، ولا يتم الكشف عن تفاصيل المناقشات أو نتائج التصويتات الفردية. هذا السرية تزيد من فرص انتشار الشائعات والتكهنات ونظريات المؤامرة.
الانتخابات البابوية عام 1958
تعتبر انتخابات عام 1958، التي أسفرت عن انتخاب البابا يوحنا الثالث والعشرين، هي محور معظم نظريات المؤامرة المتعلقة بجوزيبي سيري. تزعم هذه النظريات أن سيري تم انتخابه في البداية، ولكن تم إجباره على التنحي أو تم التلاعب بالنتائج لصالحه. تستند هذه الادعاءات إلى عدة عوامل:
- الدخان الأبيض المبكر: بعد التصويتات الأولى، ظهر دخان أبيض من مدخنة الفاتيكان، مما يشير تقليديًا إلى انتخاب بابا جديد. ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن اسم البابا الجديد على الفور، وبعد فترة ظهر دخان أسود، مما يشير إلى عدم التوصل إلى اتفاق. يفسر البعض هذا التسلسل بأنه دليل على انتخاب سيري في البداية ثم تغيير النتيجة.
- الغموض في الإعلانات الرسمية: كانت هناك بعض التناقضات والغموض في الإعلانات الرسمية الصادرة عن الفاتيكان حول الدخان والنتائج، مما أثار الشكوك.
- شهادات غير مؤكدة: ظهرت شهادات غير مؤكدة من مصادر مختلفة تزعم أن سيري تم انتخابه بالفعل، ولكن تم الضغط عليه للتنحي.
ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع يدعم هذه الادعاءات. يجادل المؤرخون والمتخصصون في الفاتيكان بأن الدخان الأبيض المبكر قد يكون نتيجة خطأ فني أو سوء فهم، وأن انتخاب يوحنا الثالث والعشرين كان شرعيًا.
الانتخابات البابوية عام 1963
في انتخابات عام 1963، التي أسفرت عن انتخاب البابا بولس السادس، ظهرت أيضًا شائعات حول دور جوزيبي سيري. يزعم البعض أنه كان مرشحًا قويًا، لكنه لم يتمكن من الحصول على الأصوات الكافية للفوز بالمنصب. ومع ذلك، لم تكن هناك ادعاءات قوية بالتلاعب أو التدخل الخارجي في هذه الانتخابات.
الانتخابات البابوية عام 1978
شهد عام 1978 انتخابين بابويين. في الانتخابات الأولى، تم انتخاب البابا يوحنا بولس الأول، الذي توفي بعد 33 يومًا فقط في منصبه. في الانتخابات الثانية، تم انتخاب البابا يوحنا بولس الثاني. ظهرت نظريات المؤامرة حول كلتا الانتخابين، لكن الادعاءات المتعلقة بسيري كانت أكثر بروزًا في الانتخابات الأولى.
تزعم بعض النظريات أن سيري تم انتخابه في البداية بعد وفاة يوحنا بولس الأول، لكن تم إجباره على التنحي بسبب معارضته لبعض الإصلاحات في الكنيسة الكاثوليكية. تدعي هذه النظريات أن قوى خارجية، مثل الدول الشيوعية، تدخلت لمنع سيري من أن يصبح البابا بسبب مواقفه المحافظة القوية.
مرة أخرى، لا يوجد دليل قاطع يدعم هذه الادعاءات. يجادل المؤرخون بأن انتخاب يوحنا بولس الثاني كان نتيجة توافق بين الكرادلة، وأن سيري لم يكن لديه الدعم الكافي للفوز بالمنصب.
الأدلة المؤيدة والمعارضة
تستند نظريات المؤامرة حول انتخاب جوزيبي سيري إلى مجموعة متنوعة من الأدلة الظرفية والشائعات والشهادات غير المؤكدة. تشمل الأدلة المؤيدة:
- التناقضات في الإعلانات الرسمية: كما ذكرنا سابقًا، كانت هناك بعض التناقضات والغموض في الإعلانات الرسمية الصادرة عن الفاتيكان حول الانتخابات.
- شهادات غير مؤكدة: ظهرت شهادات من مصادر مختلفة تزعم أن سيري تم انتخابه بالفعل، ولكن تم الضغط عليه للتنحي.
- مواقف سيري المحافظة: كان سيري معروفًا بمواقفه المحافظة القوية، مما يجعله هدفًا محتملاً للمعارضة من قبل الفصائل الأكثر ليبرالية في الكنيسة أو القوى الخارجية.
ومع ذلك، هناك أيضًا أدلة قوية تعارض هذه النظريات، بما في ذلك:
- غياب الأدلة المادية: لا يوجد دليل مادي قاطع يدعم الادعاءات بالتلاعب أو التدخل الخارجي في الانتخابات.
- السرية الشديدة للانتخابات البابوية: تجرى الانتخابات في سرية تامة، مما يجعل من الصعب التحقق من أي ادعاءات بالتلاعب.
- آراء المؤرخين والمتخصصين: يرفض معظم المؤرخين والمتخصصين في الفاتيكان هذه النظريات، ويؤكدون أن الانتخابات كانت شرعية.
تأثير نظريات المؤامرة
على الرغم من عدم وجود دليل قاطع يدعمها، إلا أن نظريات المؤامرة حول انتخاب جوزيبي سيري لا تزال تحظى بشعبية بين بعض الكاثوليك المحافظين. تساهم هذه النظريات في:
- زيادة الشكوك حول الفاتيكان: تزيد هذه النظريات من الشكوك حول مصداقية الفاتيكان وقراراته.
- تعزيز الانقسامات داخل الكنيسة الكاثوليكية: تساهم هذه النظريات في تعزيز الانقسامات بين الفصائل المحافظة والليبرالية داخل الكنيسة.
- تأجيج المشاعر المعادية للمؤسسات: تساهم هذه النظريات في تأجيج المشاعر المعادية للمؤسسات الدينية والسياسية.
الخلاصة
تعتبر نظرية انتخاب جوزيبي سيري بابا الفاتيكان مجرد نظرية مؤامرة تفتقر إلى الأدلة القاطعة. على الرغم من وجود بعض الأدلة الظرفية والشائعات التي تدعم هذه النظرية، إلا أن هناك أيضًا أدلة قوية تعارضها. يرفض معظم المؤرخين والمتخصصين في الفاتيكان هذه النظريات، ويؤكدون أن الانتخابات البابوية كانت شرعية. ومع ذلك، لا تزال هذه النظريات تحظى بشعبية بين بعض الكاثوليك المحافظين، وتساهم في زيادة الشكوك حول الفاتيكان وتعزيز الانقسامات داخل الكنيسة الكاثوليكية.