الحياة المبكرة والنشأة
ولد تونس كامبل في مدينة نيويورك، وُلد لأبوين حرين. تلقى تعليمه في شبابه في مدرسة خاصة للأطفال الملونين في نيويورك، وهو ما وفر له أساسًا جيدًا للقراءة والكتابة والحساب. كانت عائلته ملتزمة بشدة بالقضايا الدينية والاجتماعية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على مسيرته المهنية المستقبلية. في سن مبكرة، أظهر كامبل اهتمامًا بالتعليم والإنجيل، وبدأ في المشاركة في الأنشطة الكنسية.
انضم كامبل إلى الكنيسة الإفريقية الميثودية الأسقفية، وهي طائفة لعبت دورًا حيويًا في حياة السود في أمريكا. سرعان ما برز كشخصية قيادية، حيث بدأ في إلقاء الخطب وتولي مناصب قيادية داخل الكنيسة. لعبت الكنيسة دورًا محوريًا في حياته، حيث وفرت له منصة للتعبير عن آرائه وممارسة نشاطه الاجتماعي والسياسي.
المشاركة في حركة إلغاء الرق
بصفته عضوًا ملتزمًا بالإيمان وحقوق الإنسان، أصبح كامبل ناشطًا قويًا في حركة إلغاء الرق. استخدم منصبه في الكنيسة لإدانة العبودية والظلم الاجتماعي. عمل كامبل مع منظمات إلغاء الرق في جميع أنحاء البلاد، وقام بتنظيم المؤتمرات والاجتماعات لدعم قضية التحرير. كان يلقي الخطب الملهمة ويشارك في النقاشات العامة لزيادة الوعي حول معاناة المستعبدين.
ساعد كامبل في تنظيم شبكات “السكك الحديدية السرية” (Underground Railroad)، وهي شبكة سرية لمساعدة العبيد الهاربين على الوصول إلى الحرية في الولايات الشمالية أو في كندا. كان يوفر المأوى والمساعدة المالية والمشورة للهاربين، مما يعرض حياته للخطر. كان يعتقد أن مساعدة الآخرين في الحصول على الحرية هي واجب أخلاقي.
الحرب الأهلية وإعادة الإعمار
خلال الحرب الأهلية، لعب كامبل دورًا مهمًا في دعم جهود الاتحاد. عمل كواعظ ومبشر في معسكرات الجنود السود، وقدم لهم الدعم الروحي والمعنوي. بعد الحرب، تحول تركيزه إلى إعادة إعمار الجنوب وتوفير الفرص للأفارقة الأمريكيين المحررين حديثًا.
انتقل كامبل إلى جزيرة سانت سيمونز في ولاية جورجيا، حيث شارك في برنامج خاص لإعادة التوطين عرف باسم “المستوطنات الساحلية”. اشترى الأراضي الزراعية وقام بتقسيمها إلى قطع صغيرة لبيعها للأفارقة الأمريكيين، بهدف إنشاء مجتمعات مستقلة ومزدهرة. كان يعتقد أن امتلاك الأراضي هو مفتاح الاستقلال الاقتصادي والسياسي.
ومع ذلك، واجه كامبل مقاومة شديدة من قبل البيض الذين كانوا يعارضون حقوق السود ويسعون للحفاظ على هيمنتهم. تعرض كامبل للتهديد والاعتداء، ولكنه ظل ثابتًا في التزامه بتحقيق العدالة. عمل كامبل في السياسة، حيث شغل منصبًا محليًا، وساهم في الدفاع عن حقوق التصويت والتعليم والمساواة أمام القانون.
النشاط السياسي والتعليمي
بالإضافة إلى عمله الديني ونشاطه في مجال إلغاء الرق وإعادة الإعمار، كان كامبل ناشطًا سياسيًا بارزًا. شغل عدة مناصب سياسية محلية، بما في ذلك منصب حاكم مقاطعة ماكنتوش في ولاية جورجيا. استخدم منصبه للدفاع عن حقوق الأفارقة الأمريكيين، ومكافحة التمييز العنصري، وتعزيز المساواة.
أدرك كامبل أهمية التعليم في تمكين الأفارقة الأمريكيين. عمل على إنشاء المدارس وتوفير فرص التعليم للأطفال والبالغين. دعم إنشاء الكليات والجامعات السوداء، وأدرك أن التعليم هو وسيلة لتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي. كان يؤمن بأن المعرفة والقراءة والكتابة هي أدوات أساسية للتحرر والتقدم.
كان كامبل أيضًا من رواد الأعمال، حيث أسس عددًا من الشركات والمشاريع التجارية لتعزيز التنمية الاقتصادية في مجتمعات السود. شجع على إنشاء مشاريع تجارية مملوكة للسود، وساعد في توفير فرص العمل والتدريب.
الإرث والتأثير
ترك تونس كامبل إرثًا دائمًا كمدافع عن العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة. ألهمت حياته وأعماله أجيالًا من الأمريكيين من أصل أفريقي، وألهمت الآخرين على جميع الأعراق والأصول للقتال من أجل عالم أكثر عدالة وإنصافًا. كان له تأثير كبير على حركة الحقوق المدنية في القرن العشرين.
اعترف به كشخصية تاريخية مهمة في أمريكا. تم تكريمه من خلال نصب تذكارية وتماثيل ومؤسسات تعليمية. تذكر أعماله وبطولاته في الكتب المدرسية والوثائق التاريخية، مما يضمن استمرار تذكر إرثه.
ساهم كامبل في تغيير مسار التاريخ الأمريكي. كان صوته قويًا في مواجهة الظلم، وساعد في بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا. أظهر إيمانه الراسخ بإمكانية التغيير الإيجابي، وتشجيع الآخرين على عدم الاستسلام في مواجهة الصعاب.
أعماله في مجال التعليم ساهمت في رفع مستوى الوعي والمعرفة في المجتمعات السوداء. قيادته السياسية ساعدت في تمهيد الطريق للعديد من الإصلاحات التشريعية التي دعمت حقوق السود. أدواره في الكنيسة وفرت ملاذًا آمنًا ومنصة للتعبير عن الآراء. مشاركته في حركة إلغاء الرق أظهرت شجاعته وتفانيه في سبيل تحقيق العدالة.
الحياة الشخصية
تزوج تونس كامبل من ريبيكا ديفيس في عام 1835. أنجب الزوجان العديد من الأطفال، وشاركوا في تنشئتهم على قيم الإيمان والعدالة الاجتماعية. كان كامبل رب أسرة ملتزمًا، وكان لعائلته دور مهم في دعمه خلال مسيرته.
توفي تونس كامبل في 4 ديسمبر 1891، ودفن في مقبرة في ولاية جورجيا. على الرغم من وفاته، استمرت أعماله وإرثه في التأثير على الآخرين. بقيت رؤيته ورسالته حية في قلوب وعقول الكثيرين.
خاتمة
كان تونس كامبل شخصية تاريخية بارزة، لعب دورًا حيويًا في حركة إلغاء الرق، وإعادة الإعمار، والنشاط السياسي والتعليمي في الولايات المتحدة. من خلال عمله الديني والسياسي والاجتماعي، ترك إرثًا دائمًا كمدافع عن العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة. أثرت حياته وأعماله في حياة الأمريكيين من أصل أفريقي، وألهمت أجيالًا من النشطاء والمدافعين عن الحقوق المدنية. كان مثالًا حيًا على الشجاعة والإيمان والإصرار على مواجهة الظلم والعمل من أجل عالم أفضل.