خلفية الأحداث
شهدت جنوب إفريقيا في السنوات التي سبقت انتخابات عام 1921 تحولات كبيرة. ففي عام 1910، تم توحيد أربع مستعمرات بريطانية سابقة لتشكيل اتحاد جنوب إفريقيا. وقد وحد هذا الاتحاد مستعمرة كيب، ومستعمرة ناتال، ومستعمرة ترانسفال، ودولة أورانج الحرة. كان أحد الأهداف الرئيسية للاتحاد هو توحيد سياسات البيض في المنطقة، ولكن سرعان ما ظهرت التوترات العرقية والاقتصادية.
خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، دعمت جنوب إفريقيا الحلفاء وشاركت في الحملات العسكرية في إفريقيا وأوروبا. ومع ذلك، تسببت الحرب في ضغوط اقتصادية واجتماعية كبيرة. ارتفعت تكلفة المعيشة، وازدادت البطالة، وتصاعدت الإضرابات والاحتجاجات العمالية. كان لدى العديد من البيض الأفريقانيين شعور بالاستياء تجاه الحكومة، بينما طالب السكان السود بحقوق سياسية واقتصادية أكبر.
في عام 1920، اندمج الحزب الوطني (الذي يمثل مصالح الأفريقانيين البيض) وحزب الاتحاد (الذي يمثل مصالح البيض الناطقين باللغة الإنجليزية) لتشكيل حزب جديد يسمى حزب جنوب إفريقيا. كان يقود هذا الحزب يان سموتس، الذي كان رئيسًا للوزراء منذ عام 1919.
الأحزاب المتنافسة
تنافست عدة أحزاب رئيسية في انتخابات عام 1921، بما في ذلك:
- حزب جنوب إفريقيا (SAP): بقيادة يان سموتس، كان يمثل مصالح البيض الناطقين باللغة الإنجليزية والأفريقانيين المعتدلين. دعم الحزب سياسات المصالحة العرقية والتعاون مع بريطانيا.
- الحزب الوطني (NP): بقيادة جيمس باري مونيك هيرتزوغ، كان يمثل مصالح الأفريقانيين البيض الذين كانوا أكثر قومية ومعارضة للنفوذ البريطاني. دعا الحزب إلى سياسات الفصل العنصري وحماية المصالح الاقتصادية للأفريقانيين البيض.
- حزب العمل (LP): كان يمثل مصالح العمال البيض ودعا إلى تحسين ظروف العمل وزيادة الأجور. كان للحزب قاعدة دعم قوية في المناطق الصناعية.
- حزب الاتحاد الديمقراطي (DUP): حزب صغير يمثل مصالح البيض الناطقين باللغة الإنجليزية في ناتال.
الحملة الانتخابية
تميزت الحملة الانتخابية لعام 1921 بالحدة والاستقطاب. ركز حزب جنوب إفريقيا على سجل الحكومة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمصالحة العرقية. وحذر الحزب من أن فوز الحزب الوطني سيؤدي إلى الفوضى والانقسام.
من جانبه، انتقد الحزب الوطني حكومة سموتس لكونها موالية جدًا لبريطانيا وغير حساسة لمصالح الأفريقانيين البيض. دعا الحزب إلى سياسات أكثر حماية للأفريقانيين البيض وإلى تقليل النفوذ البريطاني في جنوب إفريقيا.
لعبت القضايا الاقتصادية دورًا مهمًا في الحملة الانتخابية. كان العديد من العمال البيض يعانون من البطالة وانخفاض الأجور. وعد حزب العمل بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور للعمال البيض.
نتائج الانتخابات
أسفرت انتخابات عام 1921 عن النتائج التالية:
- حزب جنوب إفريقيا: 79 مقعدًا
- الحزب الوطني: 44 مقعدًا
- حزب العمل: 9 مقاعد
- حزب الاتحاد الديمقراطي: مقعدان
على الرغم من أن حزب جنوب إفريقيا فاز بأكبر عدد من المقاعد، إلا أنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة في مجلس الجمعية. اضطر يان سموتس إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الاتحاد الديمقراطي للبقاء في السلطة.
تداعيات الانتخابات
كان لنتائج انتخابات عام 1921 تداعيات كبيرة على جنوب إفريقيا. أظهرت الانتخابات أن الحزب الوطني كان يزداد قوة وأن العديد من الأفريقانيين البيض كانوا غير راضين عن حكومة سموتس.
شكلت الحكومة الائتلافية بين حزب جنوب إفريقيا وحزب الاتحاد الديمقراطي ائتلافًا ضعيفًا وغير مستقر. واجهت الحكومة صعوبات في التعامل مع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه جنوب إفريقيا.
في عام 1924، هُزم حزب جنوب إفريقيا في الانتخابات العامة، وشكل الحزب الوطني وحزب العمل حكومة ائتلافية جديدة. كانت هذه بداية حقبة جديدة في تاريخ جنوب إفريقيا، حيث نفذت الحكومة سياسات الفصل العنصري التي استمرت حتى عام 1994.
تحليل النتائج
يمكن تفسير نتائج انتخابات عام 1921 بعدة عوامل:
- الاستياء الاقتصادي: كان العديد من العمال البيض يعانون من البطالة وانخفاض الأجور، مما أدى إلى دعم حزب العمل.
- القومية الأفريقانية: كان العديد من الأفريقانيين البيض غير راضين عن النفوذ البريطاني في جنوب إفريقيا ودعموا الحزب الوطني.
- الانقسامات العرقية: ساهمت الانقسامات العرقية في جنوب إفريقيا في الاستقطاب السياسي ودعمت الأحزاب التي دافعت عن مصالح مجموعات عرقية معينة.
- القيادة: كان يان سموتس زعيمًا يحظى بالاحترام، لكنه واجه صعوبة في إرضاء جميع الفصائل المختلفة في حزبه. كان جيمس باري مونيك هيرتزوغ زعيمًا كاريزميًا تمكن من حشد دعم الأفريقانيين البيض.
إرث انتخابات 1921
كانت انتخابات جنوب إفريقيا العامة لعام 1921 حدثًا مهمًا في تاريخ جنوب إفريقيا. أظهرت الانتخابات أن الانقسامات العرقية والاقتصادية كانت تتزايد في جنوب إفريقيا وأن الحزب الوطني كان يزداد قوة. مهدت الانتخابات الطريق لحكومة الفصل العنصري التي حكمت جنوب إفريقيا لعقود.
تُذكر انتخابات عام 1921 كمثال على كيف يمكن للانقسامات السياسية والاجتماعية أن تؤدي إلى نتائج غير متوقعة وكيف يمكن للسياسات أن يكون لها عواقب طويلة الأجل.
خاتمة
كانت انتخابات جنوب إفريقيا العامة لعام 1921 نقطة تحول حاسمة في تاريخ البلاد. عكست هذه الانتخابات تصاعد التوترات العرقية والاقتصادية، وأدت إلى صعود الحزب الوطني وتشكيل حكومة ائتلافية غير مستقرة. على الرغم من فوز حزب جنوب إفريقيا بأكبر عدد من المقاعد، إلا أن عدم حصوله على الأغلبية المطلقة أضعف موقفه السياسي، مما مهد الطريق لتشكيل حكومة الفصل العنصري في عام 1924. تُظهر هذه الانتخابات كيف يمكن للانقسامات السياسية والاجتماعية أن تؤثر بشكل كبير على مستقبل دولة ما.