نشأته وحياته المبكرة
ولد رولانت سافري في كورتريك (كورتريه) في فلاندرز (بلجيكا الحالية) حوالي عام 1576. كان ينتمي إلى عائلة من الفنانين، حيث كان شقيقه الأكبر، جاكوب سافري الأكبر، رسامًا أيضًا. فرت العائلة من كورتريك عام 1580 بسبب الاضطهاد الديني ضد البروتستانت، واستقرت في هارلم بهولندا. هناك، بدأ رولانت تدريبه الفني على يد شقيقه جاكوب، الذي علمه أساسيات الرسم والتصوير.
بعد وفاة جاكوب سافري الأكبر، انتقل رولانت إلى أمستردام لمواصلة دراسته. في أمستردام، تأثر بأسلوب رسامي المناظر الطبيعية الآخرين، مثل خيلس فان كونينكسلو وبيتر ستيفنز. بدأ سافري في تطوير أسلوبه الخاص، الذي تميز بالدقة في تصوير التفاصيل الطبيعية، واستخدامه للألوان الزاهية، واهتمامه الخاص بتصوير الحيوانات والطيور.
العمل في البلاط الإمبراطوري في براغ
في عام 1604، انتقل رولانت سافري إلى براغ بناءً على دعوة من الإمبراطور رودولف الثاني، الذي كان راعيًا للفنون والعلوم. عمل سافري رسامًا للبلاط الإمبراطوري لمدة عقد من الزمان تقريبًا، وأنتج خلال هذه الفترة بعضًا من أشهر أعماله. كان رودولف الثاني مهتمًا بشكل خاص بجمع الحيوانات النادرة والغريبة، وكلف سافري برسم العديد من اللوحات التي تصور هذه الحيوانات في حديقة الحيوانات الإمبراطورية.
كانت فترة عمل سافري في براغ فترة ازدهار فني. تعرف على العديد من الفنانين والعلماء الآخرين الذين كانوا يعملون في البلاط الإمبراطوري، وتبادل معهم الأفكار والخبرات. كما سافر إلى مناطق مختلفة في أوروبا، مثل تيرول وترانسيلفانيا، لدراسة المناظر الطبيعية والحيوانات المحلية. أثرت هذه الرحلات بشكل كبير على أسلوبه الفني، وأضافت إلى لوحاته المزيد من الواقعية والتنوع.
من بين أشهر اللوحات التي رسمها سافري خلال فترة عمله في براغ لوحة “الفردوس الأرضي”، التي تصور حديقة عدن مليئة بالحيوانات والطيور المختلفة. تتميز هذه اللوحة بالتفاصيل الدقيقة والأسلوب التصويري الذي يجمع بين الواقعية والخيال. كما رسم سافري العديد من اللوحات الأخرى التي تصور الحيوانات، مثل الأسود والنمور والقرود والببغاوات، بالإضافة إلى المناظر الطبيعية الخلابة.
العودة إلى هولندا والسنوات الأخيرة
بعد وفاة الإمبراطور رودولف الثاني في عام 1612، عاد رولانت سافري إلى هولندا واستقر في أوتريخت. استمر في الرسم وإنتاج اللوحات، لكنه لم يعد يتمتع بالشهرة والرعاية التي كان يتمتع بها في براغ. عانى سافري من مشاكل مالية وصحية في سنواته الأخيرة، وتوفي في أوتريخت عام 1639.
على الرغم من الصعوبات التي واجهها في سنواته الأخيرة، إلا أن رولانت سافري ترك إرثًا فنيًا كبيرًا. تعتبر لوحاته من أهم الأمثلة على الرسم الفلمنكي والهولندي في القرن السابع عشر. تتميز أعماله بالدقة والتفاصيل والأسلوب التصويري الذي يجمع بين الواقعية والخيال. كما أنها تعكس اهتمامه العميق بالطبيعة والحيوانات.
أعماله وأسلوبه الفني
تتميز أعمال رولانت سافري بتنوعها وغناها. رسم المناظر الطبيعية، والحيوانات، والطيور، والزهور، والفواكه، بالإضافة إلى اللوحات التاريخية والدينية. كان يتمتع بمهارة فائقة في تصوير التفاصيل الدقيقة، واستخدم الألوان الزاهية لإضفاء الحيوية على لوحاته.
يعتبر سافري من رواد رسم المناظر الطبيعية الحيوانية. كان مهتمًا بتصوير الحيوانات في بيئتها الطبيعية، وأظهر معرفة كبيرة بعاداتها وسلوكها. رسم العديد من اللوحات التي تصور الحيوانات النادرة والغريبة، مثل الأسود والنمور والقرود والببغاوات، بالإضافة إلى الحيوانات المحلية، مثل الأبقار والأغنام والخيول.
بالإضافة إلى لوحاته الزيتية، أنتج سافري العديد من الرسومات التوضيحية النباتية. كانت هذه الرسومات دقيقة للغاية، وتظهر معرفة عميقة بالنباتات. استخدمت هذه الرسومات في الكتب العلمية والحدائق النباتية.
يمكن تقسيم أسلوب سافري الفني إلى ثلاث مراحل رئيسية:
- المرحلة الأولى (حتى عام 1604): تميزت هذه المرحلة بتأثره بأسلوب رسامي المناظر الطبيعية الآخرين، مثل خيلس فان كونينكسلو وبيتر ستيفنز. كانت لوحاته في هذه المرحلة تتميز بالدقة في تصوير التفاصيل الطبيعية، واستخدامه للألوان الزاهية، واهتمامه الخاص بتصوير الحيوانات والطيور.
- المرحلة الثانية (1604-1612): تميزت هذه المرحلة بعمله في البلاط الإمبراطوري في براغ. خلال هذه الفترة، أنتج سافري بعضًا من أشهر أعماله، مثل لوحة “الفردوس الأرضي”. تميزت لوحاته في هذه المرحلة بالدقة والتفاصيل والأسلوب التصويري الذي يجمع بين الواقعية والخيال.
- المرحلة الثالثة (1612-1639): تميزت هذه المرحلة بعودته إلى هولندا واستقراره في أوتريخت. استمر في الرسم وإنتاج اللوحات، لكنه لم يعد يتمتع بالشهرة والرعاية التي كان يتمتع بها في براغ. تميزت لوحاته في هذه المرحلة بالواقعية والبساطة.
أهم أعماله
تشمل أهم أعمال رولانت سافري:
- الفردوس الأرضي (The Paradise)
- منظر طبيعي مع حيوانات (Landscape with Animals)
- دودة دودو (Dodo)
- زهور في مزهرية خشبية (Flowers in a Wooden Vase)
- منظر طبيعي جبلي مع حيوانات (Mountainous Landscape with Animals)
تأثيره وإرثه
كان لرولانت سافري تأثير كبير على تطور رسم المناظر الطبيعية الحيوانية في هولندا. ألهم العديد من الفنانين الآخرين، مثل جان بروخل الأكبر وأمبروسيوس بوسشارت الأكبر. تعتبر لوحاته من أهم الأمثلة على الرسم الفلمنكي والهولندي في القرن السابع عشر.
توجد أعمال سافري في العديد من المتاحف والمعارض الفنية حول العالم، بما في ذلك متحف ريكز في أمستردام، ومتحف اللوفر في باريس، والمتحف الوطني في براغ، ومتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك.
خاتمة
كان رولانت سافري رسامًا فلمنكيًا بارزًا في العصر الذهبي الهولندي. اشتهر بلوحاته للمناظر الطبيعية، وخاصة تلك التي تصور الحيوانات والطيور. تميزت أعماله بالدقة والتفاصيل والأسلوب التصويري الذي يجمع بين الواقعية والخيال. كان له تأثير كبير على تطور رسم المناظر الطبيعية الحيوانية، وتعتبر لوحاته من أهم الأمثلة على الرسم الفلمنكي والهولندي في القرن السابع عشر.