نشأته وبداياته
ولد بنيامين برومهل في مدينة ورسستر بإنجلترا. تلقى تعليمه في المدرسة، ثم انخرط في الأعمال التجارية. ومع ذلك، كان لديه اهتمام عميق بالإيمان المسيحي والعمل التبشيري. تأثر برومهل بشدة بالصحوة الدينية التي اجتاحت بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر، والتي دفعت العديد من الشباب إلى تكريس حياتهم للخدمة المسيحية.
في شبابه، بدأ برومهل في المشاركة في الأنشطة الكنسية المحلية، وأصبح مهتمًا بشكل خاص بالإرساليات الأجنبية. بدأ في تقديم الدعم المالي والروحي للمبشرين العاملين في الخارج، وتعمق شغفه بالعمل التبشيري. أدرك برومهل الحاجة إلى تنظيم جهود الإرساليات بشكل أكثر فعالية، مما قاده في النهاية إلى الانضمام إلى مهمة الصين الداخلية.
مهمة الصين الداخلية
تأسست مهمة الصين الداخلية في عام 1865 على يد جيمس هدسون تايلور. كانت هذه المهمة فريدة من نوعها في نهجها للتبشير، حيث ركزت على إرسال المبشرين للعيش والعمل في المناطق الداخلية من الصين، وارتداء الملابس الصينية، وتبني عادات وتقاليد الشعب الصيني. كان هدف تايلور هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الصينيين بالإنجيل.
انضم بنيامين برومهل إلى مهمة الصين الداخلية في عام 1867. سرعان ما أثبت نفسه كإداري موهوب، حيث تمتع بمهارات تنظيمية استثنائية وقدرة على التعامل مع الناس. تولى برومهل مسؤوليات إدارية كبيرة، بما في ذلك الإشراف على شؤون المهمة في بريطانيا، وجمع الأموال، وتجنيد وإعداد المبشرين، والتواصل مع الحكومات والمنظمات الأخرى.
أعماله وإسهاماته
كان لبرومهل دور محوري في نمو وتوسع مهمة الصين الداخلية. عمل بجد لجذب المزيد من المتطوعين، وجمع الأموال اللازمة لدعم العمل التبشيري، وتنسيق الأنشطة المختلفة للمهمة. سافر برومهل على نطاق واسع، وألقى الخطب في الكنائس والاجتماعات العامة، وشجع الناس على دعم مهمة الصين الداخلية.
من أبرز إسهامات برومهل، إصدار مجلة “الصين الداخلية” (China’s Millions)، والتي استخدمت لنشر أخبار عن عمل المهمة، وتشجيع الدعم المالي والروحي. كما قام بتأليف العديد من الكتب والمقالات حول التبشير في الصين، والتي ساعدت في زيادة الوعي بأهمية العمل التبشيري في تلك المنطقة.
بالإضافة إلى عمله الإداري، كان برومهل أيضًا مصلحًا اجتماعيًا ملتزمًا. دافع عن حقوق الشعب الصيني، وعارض الاستغلال والظلم. عمل على تحسين العلاقات بين المبشرين والصينيين، وتعزيز التفاهم المتبادل. كان يؤمن بأهمية تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية للمجتمعات الصينية، إلى جانب نشر الإنجيل.
تحت قيادة برومهل، شهدت مهمة الصين الداخلية نموًا كبيرًا. زاد عدد المبشرين العاملين في الصين، وتم تأسيس العديد من الكنائس والمدارس والمستشفيات. كان لعمل المهمة تأثير كبير على المجتمع الصيني، وساهم في تحسين حياة العديد من الناس.
الحياة الشخصية
تزوج بنيامين برومهل من سوزان إيلين هيل في عام 1855. كان لديهما العديد من الأطفال، وكثير منهم شاركوا في العمل التبشيري في الصين. كان برومهل رجلاً متدينًا ومتواضعًا، وكان يكرس وقته وجهده لخدمة الله والآخرين. كان معروفًا بنزاهته وصدقه، وكان يحظى باحترام كبير من قبل زملائه والمجتمع ككل.
التحديات والصعوبات
واجه برومهل والآخرون في مهمة الصين الداخلية العديد من التحديات والصعوبات. كانت الظروف المعيشية في الصين صعبة، وكان المبشرون عرضة للأمراض والظروف المناخية القاسية. واجهوا أيضًا معارضة من بعض الصينيين، الذين لم يكونوا دائمًا متقبلين للتبشير المسيحي. بالإضافة إلى ذلك، كان على برومهل التعامل مع المشاكل الإدارية والمالية، والحفاظ على معنويات المبشرين.
على الرغم من هذه التحديات، ظل برومهل ملتزمًا بعمله. كان يتمتع بإيمان قوي، وكان يعتمد على الله للحصول على القوة والتوجيه. عمل بجد للتغلب على العقبات، وواصل دفع مهمة الصين الداخلية إلى الأمام.
إرثه
ترك بنيامين برومهل إرثًا دائمًا. يعتبر أحد الشخصيات الرئيسية في تاريخ الإرساليات المسيحية في الصين. ساهم عمله في نمو وتوسع مهمة الصين الداخلية، وألهم العديد من الناس لخدمة الله والآخرين. ألهمت قيادته القوية والملتزمة، وأعماله في جمع التبرعات والتوعية، أجيالًا من المبشرين.
بعد وفاته، استمرت مهمة الصين الداخلية في العمل في الصين لعقود عديدة، وأدت دورًا مهمًا في نشر الإنجيل والخدمات الاجتماعية. لا يزال تأثير برومهل محسوسًا حتى اليوم، حيث يستمر عمله في إلهام الناس للعمل من أجل عالم أفضل.
العلاقات مع الصين
بسبب عمله في الصين، طور برومهل علاقات وثيقة مع الشعب الصيني. لقد تعلم اللغة الصينية، وفهم الثقافة الصينية، وعمل على بناء جسور من التفاهم بين المبشرين والصينيين. دافع عن حقوق الصينيين، وعارض الظلم والتمييز. كان يؤمن بأهمية احترام الثقافة الصينية، وتعزيز العلاقات الإيجابية مع الشعب الصيني.
لم تقتصر جهود برومهل على الجانب الديني فقط. فقد عمل أيضًا على تحسين العلاقات السياسية بين بريطانيا والصين. ساهم في تخفيف التوتر، وتعزيز السلام والتعاون. نظر إليه العديد من الصينيين كصديق ومناصر.
عمله في بريطانيا
بالإضافة إلى عمله في الصين، قام برومهل بدور مهم في بريطانيا. سافر في جميع أنحاء البلاد، وألقى الخطب، وشجع الناس على دعم مهمة الصين الداخلية. عمل على زيادة الوعي بأهمية العمل التبشيري، وجمع الأموال اللازمة لدعم المبشرين في الصين. قام بتدريب وتوجيه المبشرين الشباب، وإعدادهم للعمل في الخارج. كان بمثابة همزة وصل بين مهمة الصين الداخلية والمجتمع البريطاني.
أسس برومهل أيضًا العديد من المنظمات لدعم العمل التبشيري. عمل مع الكنائس والمنظمات الأخرى لتعزيز التعاون والتنسيق. ساعد في نشر رسالة الإنجيل، وتشجيع الناس على المشاركة في العمل التبشيري. كان له تأثير كبير على الحياة الدينية في بريطانيا.
السنوات الأخيرة والوفاة
تقاعد بنيامين برومهل من العمل النشط في مهمة الصين الداخلية في السنوات الأخيرة من حياته. ومع ذلك، ظل مهتمًا بالعمل التبشيري، وقدم الدعم والمشورة للمبشرين الشباب. أمضى وقته في الكتابة والتأمل، والاستعداد للحياة الأخرى.
توفي برومهل في 29 مايو 1911. ترك وراءه إرثًا غنيًا من العمل والإنجازات. كان رجلاً مؤمنًا ومتفانيًا، وكرس حياته لخدمة الله والآخرين. لقد ألهم عمله الكثيرين، وسيظل اسمه مرتبطًا إلى الأبد بالعمل التبشيري في الصين.
خاتمة
بنيامين برومهل كان شخصية محورية في تاريخ الإرساليات المسيحية، وخاصة في الصين. من خلال عمله كمدير لمهمة الصين الداخلية، ساهم في انتشار الإنجيل وتأسيس العديد من الكنائس والمؤسسات الاجتماعية. جهوده في جمع التبرعات وتجنيد المبشرين، بالإضافة إلى دعمه للمجتمع الصيني، تركت بصمة واضحة. إرثه لا يزال يلهم الكثيرين حتى يومنا هذا، ويذكرنا بأهمية الإخلاص والالتزام بالخدمة.
المراجع
“`