مقدمة
هرمان أوتو إريك ساسه (17 يوليو 1895 – 9 أغسطس 1976) كان قسًا لوثريًا ألمانيًا، وعالم لاهوت، ومؤلفًا. يعتبر ساسه شخصية بارزة في اللاهوت اللوثري في القرن العشرين، وهو معروف بشكل خاص بعمله في علم الكنيسة، والأسرار المقدسة، وعلاقته بالكنيسة المعترف بها. كان مدافعًا قويًا عن اللاهوت الكلاسيكي وموقفًا تقليديًا بشأن القضايا الاجتماعية والأخلاقية. تميزت حياته المهنية بالالتزام العميق بالكتاب المقدس والإيمان اللوثري، وكذلك بمشاركته المثيرة للجدل في الجدل اللاهوتي والكنسي في عصره.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد هرمان ساسه في برلين، ألمانيا، في عام 1895. تلقى تعليمه في جامعات برلين وماربورغ، حيث درس اللاهوت والفلسفة. تأثر بشكل خاص بأدولف فون هارناك، وهو مؤرخ بارز للكنيسة وعالم لاهوت ليبرالي. ومع ذلك، بدأ ساسه لاحقًا في الابتعاد عن الليبرالية اللاهوتية وتبنى وجهة نظر أكثر محافظة وكتابية. خلال الحرب العالمية الأولى، خدم ساسه في الجيش الألماني، وهي تجربة أثرت بعمق في وجهات نظره اللاهوتية والسياسية.
حياته المهنية اللاهوتية
بعد الحرب، أصبح ساسه قسًا في الكنيسة اللوثرية. في عام 1928، أصبح أستاذًا للاهوت النظامي في جامعة إرلانجن. خلال فترة وجوده في إرلانجن، أصبح ساسه شخصية بارزة في الحركة اللوثرية المعترف بها، وهي مجموعة من علماء اللاهوت والقساوسة الذين سعوا إلى الحفاظ على اللاهوت اللوثري التقليدي ومعارضة الاتجاهات الليبرالية والتوحيدية في الكنيسة اللوثرية. لعب ساسه دورًا رائدًا في كتابة “إعلان إرلانجن” عام 1934، الذي أكد على أهمية الكتاب المقدس والعقيدة اللوثرية وأدان اللاهوت الليبرالي واللاهوت النازي.
مشاركته في الكنيسة المعترف بها
خلال فترة الحكم النازي في ألمانيا، شارك ساسه بنشاط في الكنيسة المعترف بها، وهي حركة مقاومة ضد محاولات الحكومة النازية للسيطرة على الكنيسة البروتستانتية. كان ساسه منتقدًا صريحًا للنظام النازي ودفاعًا قويًا عن حرية الكنيسة. دفعه موقفه هذا إلى مواجهة صعوبات ومضايقات، لكنه ظل ملتزمًا بمعتقداته.
لاهوته
كان لاهوت هرمان ساسه محافظًا وكتابيًا بشكل عميق. لقد أكد على سلطة الكتاب المقدس وأهمية العقيدة اللوثرية. كان ساسه منتقدًا للاهوت الليبرالي، الذي اعتقد أنه يقوض أسس الإيمان المسيحي. كان معروفًا أيضًا بعمله في علم الكنيسة، وهو دراسة طبيعة الكنيسة وغايتها. أكد ساسه على أهمية الوحدة الظاهرة للكنيسة وعارض الحركات التوحيدية التي اعتقد أنها تهدد هذه الوحدة.
علم الكنيسة: رأى ساسه الكنيسة على أنها “خليقة الكلمة”، وهي جماعة المؤمنين الذين جمعهم الروح القدس من خلال الكرازة بالإنجيل وإدارة الأسرار المقدسة. وشدد على أهمية العلامات الظاهرة للكنيسة: الكرازة النقية بالإنجيل والإدارة الصحيحة للأسرار المقدسة. كما أكد على أهمية الوحدة الظاهرة للكنيسة، بحجة أن الانقسام يقوض شهادة الكنيسة للعالم. انتقد ساسه الحركات التوحيدية التي اعتقد أنها قللت من أهمية العقيدة والطقوس لصالح الوحدة القائمة على المشاعر أو الأهداف الاجتماعية.
الأسرار المقدسة: كان ساسه عالم لاهوت أسراريًا، معتقدًا أن المعمودية والعشاء الرباني هما وسيلتان من وسائل النعمة التي ينقل بها الله الخلاص للمؤمنين. أكد على الحضور الحقيقي للمسيح في العشاء الرباني، معارضًا وجهات النظر الرمزية التي كانت سائدة في اللاهوت البروتستانتي. كما أكد على أهمية المعمودية، معتقدًا أنها غسل الميلاد الثاني الذي يندمج فيه المؤمنون مع المسيح.
القضايا الاجتماعية والأخلاقية: اتخذ ساسه موقفًا تقليديًا بشأن القضايا الاجتماعية والأخلاقية. لقد عارض الإجهاض والمثلية الجنسية والطلاق، معتقدًا أن هذه الممارسات تتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس والقانون الطبيعي. كما كان منتقدًا للثقافة الحديثة، التي اعتقد أنها متحللة ومادية. أثارت وجهات نظره المحافظة جدلاً، لكنه ظل ملتزمًا بمعتقداته.
الجدالات والمساهمات
كان هرمان ساسه شخصية مثيرة للجدل طوال حياته المهنية. كان معروفًا بآرائه القوية واستعداده لمواجهة الآخرين الذين اختلفوا معه. شارك في العديد من الجدالات اللاهوتية والكنسية، بما في ذلك الجدل حول الكنيسة المعترف بها، والجدل حول الاتحاد، والجدل حول دور المرأة في الكنيسة. على الرغم من الخلافات، كان ساسه عالم لاهوت غزير الإنتاج ومؤثرًا. كتب العديد من الكتب والمقالات التي تمت قراءتها على نطاق واسع ولا تزال تدرس حتى اليوم. تشمل بعض أعماله الأكثر شهرة “هذا هو العشاء الخاص بي”، و “رسالة إلى الكنائس”، و “المقدمة في اللاهوت العقائدي”.
- هذا هو العشاء الخاص بي (This Is My Body): في هذا العمل، يدافع ساسه عن الفهم اللوثري التقليدي للعشاء الرباني، مؤكدًا على الحضور الحقيقي للمسيح في الخبز والخمر. ينتقد وجهات النظر الرمزية التي كانت شائعة في اللاهوت البروتستانتي.
- رسالة إلى الكنائس (Letter to the Churches): عبارة عن سلسلة من الرسائل التي كتبها ساسه إلى القساوسة واللاهوتيين حول مجموعة متنوعة من الموضوعات اللاهوتية والكنسية. تعكس هذه الرسائل اهتمامه العميق بصحة الكنيسة وإخلاصها للإنجيل.
- مقدمة في اللاهوت العقائدي (An Introduction to Dogmatic Theology): يقدم هذا العمل نظرة عامة شاملة على اللاهوت اللوثري النظامي. يغطي مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك الكتاب المقدس، والله، والإنسان، والمسيح، والخلاص، والكنيسة، والأخرويات.
إرثه
توفي هرمان ساسه في عام 1976، تاركًا وراءه إرثًا دائمًا كواحد من أبرز علماء اللاهوت اللوثريين في القرن العشرين. يُذكر لالتزامه العميق بالكتاب المقدس والإيمان اللوثري، وكذلك لمشاركته المثيرة للجدل في الجدل اللاهوتي والكنسي في عصره. لا تزال كتاباته تُدرس على نطاق واسع وتؤثر في علماء اللاهوت والقساوسة واللاهوتيين العلمانيين في جميع أنحاء العالم. غالبًا ما يُستشهد به كمدافع عن اللاهوت الكلاسيكي وموقف تقليدي بشأن القضايا الاجتماعية والأخلاقية.
تأثيره على اللاهوت اللوثري المعاصر
لا يزال تأثير هرمان ساسه محسوسًا في اللاهوت اللوثري المعاصر. غالبًا ما يُستشهد بعمله من قبل علماء اللاهوت والقساوسة الذين يسعون إلى الحفاظ على اللاهوت اللوثري التقليدي ومعارضة الاتجاهات الليبرالية والتوحيدية في الكنيسة اللوثرية. كان له دور فعال في تشكيل فكر العديد من اللاهوتيين والقادة الكنسيين المحافظين. ومع ذلك، لا يزال عمل ساسه مثيرًا للجدل، ويتفق البعض معه بشدة بينما يعارضه البعض الآخر.
جدالات معاصرة: تستمر أفكار ساسه في إثارة الجدل داخل اللاهوت اللوثري المعاصر. يجادل البعض بأن تركيزه على العقيدة التقليدية والتزامه بموقف محافظ بشأن القضايا الاجتماعية والأخلاقية غير متوافق مع السياق الثقافي المتغير باستمرار. يرى آخرون أن وجهات نظره ضرورية للحفاظ على هوية الكنيسة وإخلاصها للإنجيل.
الأهمية المستمرة: على الرغم من الجدالات، لا يمكن إنكار أهمية هرمان ساسه في تشكيل اللاهوت اللوثري في القرن العشرين. لا تزال كتاباته ذات صلة اليوم، وتوفر رؤى قيمة حول التحديات التي تواجه الكنيسة في العالم الحديث. سيستمر إرثه في التأثير على اللاهوت اللوثري لسنوات قادمة.
خاتمة
كان هرمان ساسه شخصية بارزة في اللاهوت اللوثري في القرن العشرين. كان قسًا وعالم لاهوت ومؤلفًا لعب دورًا رائدًا في الكنيسة المعترف بها ودافع عن اللاهوت الكلاسيكي. على الرغم من الخلافات، ترك ساسه إرثًا دائمًا كمدافع عن الكتاب المقدس والإيمان اللوثري. لا تزال كتاباته تُدرس على نطاق واسع وتؤثر في علماء اللاهوت والقساوسة واللاهوتيين العلمانيين في جميع أنحاء العالم.