نشأته وبداياته
ولد جون بيغز في مدينة هوبارت الأسترالية، وترعرع في بيئة شجعت على الفضول الفكري والسعي للمعرفة. حصل على تعليمه المبكر في أستراليا، ثم واصل دراسته في مجال علم النفس، حيث حصل على درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. كان لبيغز اهتمام مبكر بالعملية التعليمية وكيفية تعلم الناس، مما دفعه إلى التخصص في علم النفس التعليمي.
المساهمات الرئيسية في علم النفس التعليمي
تعتبر مساهمات جون بيغز في علم النفس التعليمي واسعة النطاق ومتنوعة. ركزت أعماله على فهم كيفية تعلم الطلاب، وكيف يمكن للمعلمين تصميم بيئات تعليمية فعالة. من أبرز مساهماته:
- نموذج SOLO للتصنيف (Structure of the Observed Learning Outcome): يعتبر هذا النموذج أحد أهم إسهامات بيغز. يقدم هذا النموذج إطارًا لتصنيف مستويات الفهم والتعلم لدى الطلاب. يعتمد النموذج على فكرة أن التعلم يتطور من المستويات السطحية إلى المستويات العميقة، والتي تشمل:
- المرحلة ما قبل البنيوية (Prestructural): حيث لا يفهم الطالب شيئًا.
- المرحلة الأحادية البنيوية (Unistructural): حيث يركز الطالب على جانب واحد فقط من المعلومات.
- المرحلة متعددة البنيوية (Multistructural): حيث يدرك الطالب جوانب متعددة من المعلومات، لكنها غير مترابطة.
- المرحلة العلائقية (Relational): حيث يربط الطالب بين جوانب مختلفة من المعلومات ويتمكن من فهم العلاقات بينها.
- المرحلة الممتدة (Extended Abstract): حيث يتمكن الطالب من تعميم المعرفة وتطبيقها في سياقات جديدة.
- نظريات التعلم: طور بيغز نظريات حول كيفية تعلم الطلاب، مع التركيز على أهمية التوجهات والأهداف التي يحملها المتعلم. يرى بيغز أن الطلاب يتبنون استراتيجيات تعلم مختلفة بناءً على أهدافهم. على سبيل المثال، يميل الطلاب الذين لديهم هدف “إتقان” (Mastery) إلى تبني استراتيجيات تعلم عميقة، بينما يميل الطلاب الذين لديهم هدف “الأداء” (Performance) إلى تبني استراتيجيات تعلم سطحية.
- التقييم: ساهم بيغز في تطوير طرق تقييم تركز على فهم الطالب العميق للمفاهيم. يفضل استخدام التقييم الذي يهدف إلى قياس قدرة الطالب على تطبيق المعرفة في مواقف جديدة، بدلاً من مجرد استرجاع الحقائق.
- التدريس الفعال: قدم بيغز إرشادات للمعلمين حول كيفية تصميم دروس فعالة تعزز التعلم العميق. شدد على أهمية خلق بيئة تعليمية مشجعة، وتوفير فرص للطلاب للمشاركة الفعالة، وتقديم ملاحظات بناءة.
التعلم السطحي مقابل التعلم العميق
من أبرز مفاهيم بيغز، التمييز بين التعلم السطحي والتعلم العميق. يرى بيغز أن التعلم السطحي يتميز بالتركيز على حفظ المعلومات واسترجاعها دون فهم حقيقي، في حين أن التعلم العميق ينطوي على فهم المفاهيم، وربطها بالمعرفة السابقة، وتطبيقها في سياقات جديدة. يرى بيغز أن التعلم العميق هو الأفضل لتحقيق الفهم الحقيقي للمعرفة.
التوجهات والأهداف في التعلم
ركز بيغز على دور التوجهات والأهداف التي يحملها المتعلم في عملية التعلم. يرى أن الطلاب الذين لديهم اهتمام حقيقي بالمادة، والذين يهدفون إلى الفهم العميق، هم أكثر عرضة للتعلم بشكل فعال. في المقابل، الطلاب الذين يركزون على الحصول على درجات جيدة أو تجنب الفشل، قد يعتمدون على استراتيجيات التعلم السطحية.
أعماله الأدبية
بالإضافة إلى مساهماته في علم النفس التعليمي، كتب جون بيغز أيضًا عددًا من الروايات. تعكس أعماله الأدبية اهتمامه بالإنسان والمجتمع، وتعبر عن رؤيته العميقة للعالم.
التأثير والإرث
ترك جون بيغز إرثًا دائمًا في مجال علم النفس التعليمي. أثرت أفكاره ونظرياته في عدد كبير من المعلمين والباحثين، وألهمت العديد من الدراسات والتجارب في مجال التعليم. يعتبر بيغز من أبرز المفكرين الذين ساهموا في تطوير طرق التدريس والتقييم التي تركز على الطالب، والتي تهدف إلى تعزيز الفهم العميق والتعلم الهادف.
أهم مؤلفاته
من أبرز مؤلفات جون بيغز:
- Biggs, J. B. (1987). Student approaches to learning and studying. Australian Council for Educational Research.
- Biggs, J. B. (1999). Teaching for quality learning at university. Society for Research into Higher Education & Open University Press.
- Biggs, J. B., & Tang, C. (2011). Teaching for quality learning at university: What the student does (4th ed.). McGraw-Hill Education.
الجوائز والتكريمات
حصل جون بيغز على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في مجال علم النفس التعليمي. وقد تم الاعتراف به كأحد الرواد في هذا المجال، وتأثير أفكاره لا يزال ملموسًا في الممارسات التعليمية الحديثة.
نقد وتقييم
رغم أن نموذج SOLO وبيغز قد لاقى استحسانًا واسعًا، فقد تعرض أيضًا لبعض الانتقادات. بعض النقاد يرون أن النموذج قد يكون مفرطًا في التبسيط لعملية التعلم المعقدة. ومع ذلك، يظل نموذج SOLO أداة مفيدة للمعلمين لتقييم فهم الطلاب، وتصميم الدروس بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، تم التركيز على أهمية تطبيق نظرياته في سياقات ثقافية مختلفة، والتأكد من أنها قابلة للتطبيق في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
جون بيغز شخصية محورية في علم النفس التعليمي، حيث قدم مساهمات كبيرة في فهم عملية التعلم، وتطوير طرق التدريس والتقييم الفعالة. ركزت أعماله على أهمية التعلم العميق، وأثر التوجهات والأهداف على التعلم. لا تزال أفكاره ونماذجه تؤثر في مجال التعليم، وتلهم الباحثين والمعلمين في جميع أنحاء العالم.