خلفية تاريخية
بعد فترة من الحظر على المسارح في عهد الكومنولث الإنجليزي، أُعيد فتح المسارح في عام 1660 مع استعادة الملكية. جاء هذا الحدث بمثابة نقطة تحول في تاريخ المسرح الإنجليزي. كان الملك تشارلز الثاني، الذي كان مولعًا بالمسرح، هو المهندس الرئيسي وراء عودة المسارح. منح الملك تراخيص لشركتين فقط للعمل في لندن، مما منح هاتين الشركتين احتكارًا فعليًا للعروض المسرحية. كان هذا القرار يهدف إلى التحكم في المسرح وتقنينه، وكذلك لضمان مستوى معين من الجودة.
كانت شركة الملك بقيادة توماس كيلجرو، وهو رجل بلاط ومسرحي قام بتأسيس الشركة. كان كيلجرو قد عايش المسرح الأوروبي خلال فترة المنفى الملكي، مما أثر على اختياراته للمسرحيات وأساليب الإنتاج. تضمنت الشركة ممثلين ذوي خبرة، بالإضافة إلى تقنيات مسرحية حديثة، مثل استخدام الديكورات التفصيلية والإضاءة المتطورة.
تكوين شركة الملك
تألفت شركة الملك من مجموعة من الممثلين الموهوبين، بما في ذلك بعض الأسماء الأكثر شهرة في المسرح الإنجليزي في ذلك الوقت. بعض أبرز الممثلين الذين انضموا إلى الشركة في مراحل مختلفة من تاريخها شملوا:
- توماس بيترتون: كان بيترتون ممثلاً ومديرًا بارزًا، ويُعتبر من أبرز الشخصيات في تاريخ المسرح الإنجليزي. قام بتأسيس شركة الملك مع كيلجرو وكان له دور فعال في إدارتها وتطويرها.
- إدوارد كينجستون: ممثل آخر موهوب، لعب دورًا مهمًا في الشركة.
- ويليام موونتفورت: ممثل آخر لعب أدوارًا مختلفة في مسرحيات الشركة.
- آن بريسون: واحدة من أوائل الممثلات المحترفات اللاتي ظهرن على المسرح بعد فترة حظر المسارح.
بالإضافة إلى الممثلين، ضمت الشركة أيضًا كتابًا مسرحيين. غالبًا ما كان هؤلاء الكتاب يعملون بشكل وثيق مع الممثلين والمديرين، مما يضمن أن المسرحيات تلبي توقعات الجمهور.
المسرحيات والإنتاج
قدمت شركة الملك مجموعة متنوعة من المسرحيات، بما في ذلك الكوميديات والتراجيديات والمسرحيات التاريخية. تضمنت بعض المسرحيات الأكثر شهرة التي أنتجتها الشركة:
- مسرحيات جون درايدن: كان درايدن أحد أبرز الكتاب المسرحيين في ذلك العصر، وتعاون بشكل وثيق مع شركة الملك. شملت مسرحياته “كل شيء من أجل الحب” و “أحلام الحب”.
- مسرحيات ويليام ويشرلي: كان ويليام ويشرلي كاتبًا مسرحيًا آخر قدم مسرحيات ناجحة لشركة الملك.
- مسرحيات ويليام كونجريف: قدم كونجريف مسرحيات كوميدية لشركة الملك.
تميزت إنتاجات شركة الملك بجودتها العالية. استخدمت الشركة تقنيات مسرحية متطورة، بما في ذلك الديكورات التفصيلية والأزياء الفخمة. كما أولت الشركة اهتمامًا كبيرًا للإضاءة، مما ساهم في خلق أجواء مسرحية مثيرة.
التأثير والأهمية
تركت شركة الملك تأثيرًا كبيرًا على المسرح الإنجليزي. ساهمت الشركة في:
- إحياء المسرح: لعبت الشركة دورًا رئيسيًا في إحياء المسرح بعد فترة الحظر.
- تطوير الدراما الإنجليزية: قدمت الشركة مسرحيات جديدة ومبتكرة، وساعدت في تطوير الدراما الإنجليزية الحديثة.
- تمهيد الطريق للممثلات: سمحت الشركة للممثلات بالظهور على المسرح، مما ساهم في تغيير الأدوار التقليدية للمرأة في المجتمع.
- تطوير تقنيات المسرح: استخدمت الشركة تقنيات مسرحية متطورة، مما ساهم في تطوير صناعة المسرح بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت شركة الملك في تشكيل الثقافة الإنجليزية في تلك الفترة. أثرت المسرحيات التي قدمتها الشركة على المشهد الاجتماعي والسياسي، وعكست التغيرات التي كانت تحدث في المجتمع.
المنافسة مع شركة الدوق
كانت شركة الملك في منافسة مستمرة مع شركة الدوق، وهي الشركة المسرحية الأخرى التي حصلت على ترخيص من الملك. أدت هذه المنافسة إلى:
- تحسين الجودة: تنافست الشركتان على تقديم أفضل العروض، مما أدى إلى تحسين جودة المسرحيات والإنتاج.
- توسيع نطاق المسرح: حاولت كل شركة جذب جمهور أوسع، مما أدى إلى توسيع نطاق المسرح وجعله أكثر شعبية.
- تطوير المسرحيين: تنافست الشركتان على جذب أفضل الممثلين والكتاب المسرحيين، مما ساهم في تطوير مهنة المسرحيين.
ساعدت هذه المنافسة في تشكيل المشهد المسرحي في لندن في القرن السابع عشر.
التغيرات والتحولات
شهدت شركة الملك عدة تغييرات وتحولات على مر السنين. واجهت الشركة تحديات مثل:
- الخلافات الداخلية: كانت هناك خلافات داخل الشركة حول الإدارة والمالية.
- التغيرات في الأذواق: تغيرت أذواق الجمهور، مما أثر على اختيار المسرحيات.
- المنافسة: ظهرت شركات مسرحية جديدة، مما زاد من المنافسة.
في النهاية، اندمجت شركة الملك مع شركة الدوق في عام 1682، لتشكيل شركة جديدة. كان هذا الاندماج يهدف إلى توحيد الموارد والحد من المنافسة، مما أدى إلى تغيير كبير في المشهد المسرحي في لندن.
إرث شركة الملك
على الرغم من أن شركة الملك لم تعد موجودة، إلا أن إرثها لا يزال حيًا. تركت الشركة بصمة لا تمحى على المسرح الإنجليزي، حيث:
- أعادت إحياء المسرح: ساعدت الشركة في إعادة إحياء المسرح بعد فترة الحظر.
- طورت الدراما الإنجليزية: ساهمت الشركة في تطوير الدراما الإنجليزية الحديثة.
- مهدت الطريق للممثلات: سمحت الشركة للممثلات بالظهور على المسرح.
- طورت تقنيات المسرح: استخدمت الشركة تقنيات مسرحية متطورة.
تُذكر شركة الملك كواحدة من أهم الشركات المسرحية في تاريخ المسرح الإنجليزي، حيث لعبت دورًا محوريًا في تشكيل المشهد المسرحي والثقافة الإنجليزية في القرن السابع عشر.
خاتمة
مثلت شركة الملك كيانًا حيويًا في المشهد المسرحي الإنجليزي خلال فترة حكم الملك تشارلز الثاني. من خلال إنتاجاتها المسرحية الرائدة، والمواهب التي استقطبتها، والتقنيات المسرحية المبتكرة التي استخدمتها، تركت الشركة أثرًا دائمًا على تطور الدراما الإنجليزية. لقد ساهمت في إحياء المسرح، وتوسيع نطاقه، وتغيير صورته. وعلى الرغم من زوالها كشركة قائمة بذاتها، يظل إرثها حيًا في تاريخ المسرح الإنجليزي، كتذكير بأهمية الإبداع والمنافسة في تشكيل الثقافة.
المراجع
- Encyclopaedia Britannica – King’s Company
- The British Library – Restoration Theatre
- Victoria and Albert Museum – The Restoration Theatre
- Oxford Reference – King’s Company
“`