مقدمة
كينيث ستانلي إنجليس (بالإنجليزية: Kenneth Stanley Inglis)، (7 أكتوبر 1929 – 1 ديسمبر 2017) كان مؤرخًا أستراليًا بارزًا، اشتهر بأعماله المتعمقة حول تاريخ أستراليا، وتحديدًا في مجالات الذاكرة الجماعية، وتاريخ الجامعات، وتأثير الحروب على المجتمع الأسترالي. تميز إنجليس بأسلوبه التحليلي الدقيق، ورؤيته النقدية، وقدرته على ربط الأحداث التاريخية بالسياقات الاجتماعية والثقافية الأوسع.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد كينيث ستانلي إنجليس في ملبورن، فيكتوريا، بأستراليا. تلقى تعليمه في مدرسة ملبورن الثانوية المرموقة، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا في الدراسات التاريخية والأدبية. واصل تعليمه العالي في جامعة ملبورن، حيث حصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في التاريخ. ثم تابع دراساته العليا في جامعة أكسفورد، حيث حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ، متخصصًا في التاريخ البريطاني الحديث.
مسيرته الأكاديمية
بعد الانتهاء من دراسته، عاد إنجليس إلى أستراليا وانضم إلى هيئة التدريس في جامعة ملبورن. ثم انتقل إلى الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبرا، حيث أمضى معظم حياته المهنية. شغل مناصب أكاديمية وإدارية مختلفة في الجامعة، بما في ذلك منصب رئيس قسم التاريخ. كان إنجليس أستاذًا زائرًا في العديد من الجامعات المرموقة حول العالم، مما ساهم في تعزيز التبادل الأكاديمي الدولي.
أبرز أعماله
ترك إنجليس إرثًا غنيًا من المؤلفات التاريخية الهامة، التي ساهمت في تشكيل فهمنا للتاريخ الأسترالي. من بين أبرز أعماله:
- The Australian Colonists: An Exploration of Social History 1788-1870 (1974): يقدم هذا الكتاب تحليلًا شاملاً للحياة الاجتماعية في المستعمرات الأسترالية المبكرة، مستكشفًا جوانب مثل الهوية، والطبقة الاجتماعية، والعلاقات بين الجنسين.
- This is the ABC: The Australian Broadcasting Commission 1932-1983 (1983): يعد هذا الكتاب دراسة مفصلة لتاريخ هيئة الإذاعة الأسترالية، ودورها في تشكيل الثقافة والهوية الوطنية.
- Sacred Places: War Memorials in the Australian Landscape (1998): يستكشف هذا الكتاب أهمية النصب التذكارية للحرب في الذاكرة الجماعية الأسترالية، وكيف تعكس هذه النصب القيم والمعتقدات المجتمعية.
- Whose ABC?: The Australian Broadcasting Corporation 1983-2006 (2006): يواصل هذا الكتاب استكشاف تاريخ هيئة الإذاعة الأسترالية، مع التركيز على التحديات والتغيرات التي واجهتها في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين.
بالإضافة إلى هذه الكتب، نشر إنجليس العديد من المقالات والفصول في الكتب، التي تناولت مجموعة واسعة من الموضوعات التاريخية.
مساهماته في مجال الذاكرة الجماعية
يُعتبر إنجليس رائدًا في مجال دراسات الذاكرة الجماعية في أستراليا. كان من أوائل المؤرخين الذين أدركوا أهمية فهم كيف تتذكر المجتمعات ماضيها، وكيف تشكل هذه الذاكرة الجماعية هويتها وقيمها. استكشف إنجليس كيف يتم بناء الذاكرة الجماعية من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك النصب التذكارية، والمتاحف، والاحتفالات، والروايات الشفوية.
أكد إنجليس على أن الذاكرة الجماعية ليست مجرد انعكاس دقيق للماضي، بل هي عملية انتقائية وتفسيرية. فالمجتمعات غالبًا ما تختار تذكر بعض جوانب الماضي وتنسى جوانب أخرى، وتفسر الأحداث التاريخية بطرق تخدم مصالحها وأيديولوجياتها الحالية.
تأثيره على الدراسات التاريخية الأسترالية
كان لإنجليس تأثير كبير على الدراسات التاريخية الأسترالية. لقد ساهم في توسيع نطاق البحث التاريخي، من خلال استكشاف موضوعات جديدة ومهمة، مثل الذاكرة الجماعية، وتاريخ الجامعات، وتأثير الحروب على المجتمع. كما شجع المؤرخين الآخرين على تبني مناهج جديدة في البحث والتحليل التاريخي.
تميزت كتابات إنجليس بالدقة والعمق والوضوح. كان قادرًا على تقديم تحليلات معقدة بطريقة سهلة الوصول إليها، مما جعل أعماله ذات قيمة للجمهور العام بالإضافة إلى الأكاديميين. لقد ساهم في تعزيز الاهتمام بالتاريخ الأسترالي، وزيادة الوعي بأهمية فهم الماضي من أجل بناء مستقبل أفضل.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته البارزة في مجال التاريخ، حصل إنجليس على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- انتخابه زميلاً في الأكاديمية الأسترالية للعلوم الإنسانية.
- حصوله على وسام أستراليا (AO) لخدماته للتاريخ.
- منحه الدكتوراه الفخرية من قبل العديد من الجامعات.
حياته الشخصية
كان إنجليس متزوجًا من روث وايت، وهي كاتبة ومؤرخة بارزة أيضًا. كان لديهم أطفال.
وفاته
توفي كين إنجليس في 1 ديسمبر 2017، عن عمر يناهز 88 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من المؤلفات التاريخية الهامة، وتقديرًا عميقًا من زملائه وطلابه.
خاتمة
كان كين إنجليس مؤرخًا أستراليًا متميزًا، ساهم بشكل كبير في فهمنا للتاريخ الأسترالي. اشتهر بأعماله المتعمقة حول الذاكرة الجماعية، وتاريخ الجامعات، وتأثير الحروب على المجتمع. تميز إنجليس بأسلوبه التحليلي الدقيق، ورؤيته النقدية، وقدرته على ربط الأحداث التاريخية بالسياقات الاجتماعية والثقافية الأوسع. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من المؤرخين.