<![CDATA[
مقدمة
الشرق الأوسط الكبير هو مصطلح سياسي ظهر في مارس 2004 في ورقة نشرتها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. يشير هذا المصطلح إلى منطقة جغرافية أوسع من الشرق الأوسط التقليدي، حيث يمتد ليشمل دولًا في شمال أفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز وباكستان وأفغانستان. الهدف من استخدام هذا المصطلح هو تحديد منطقة تواجه تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية مماثلة، والتي تتطلب استراتيجيات وسياسات موحدة للتعامل معها.
تعريف الشرق الأوسط الكبير
لا يوجد تعريف موحد ومُتفق عليه للشرق الأوسط الكبير، وتختلف وجهات النظر حول الدول التي يشملها. ومع ذلك، فإن التعريف الأكثر شيوعًا يتضمن الدول التالية:
- دول الشرق الأوسط التقليدي: مصر، الأردن، لبنان، سوريا، العراق، فلسطين، إسرائيل، السعودية، اليمن، عمان، الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين، الكويت.
- دول شمال أفريقيا: ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا.
- دول آسيا الوسطى: كازاخستان، أوزبكستان، تركمانستان، طاجيكستان، قيرغيزستان.
- دول القوقاز: أذربيجان، أرمينيا، جورجيا.
- دول أخرى: باكستان، أفغانستان، تركيا، إيران.
يُلاحظ أن بعض التعريفات تستبعد دولًا مثل تركيا وإيران، بينما تُدرج دولًا أخرى مثل السودان والصومال. يعتمد تحديد الدول المشمولة في الشرق الأوسط الكبير على السياق السياسي والأهداف الاستراتيجية التي يتم استخدام المصطلح من أجلها.
أسباب ظهور مصطلح الشرق الأوسط الكبير
ظهر مصطلح الشرق الأوسط الكبير في سياق السياسة الخارجية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. كان الهدف من استخدام هذا المصطلح هو:
- توسيع نطاق الاهتمام الأمريكي: ليشمل منطقة جغرافية أوسع تتجاوز الشرق الأوسط التقليدي.
- تبسيط عملية صنع القرار: من خلال التعامل مع المنطقة كوحدة واحدة بدلاً من التعامل مع كل دولة على حدة.
- تسهيل تنفيذ السياسات الأمريكية: من خلال وضع استراتيجيات موحدة للتعامل مع التحديات المشتركة في المنطقة.
- تشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي: في دول المنطقة من خلال ربط المساعدات الأمريكية بتنفيذ إصلاحات معينة.
جادلت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش بأن المنطقة تعاني من مشاكل مزمنة مثل الفقر والفساد والاستبداد، وأن هذه المشاكل تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي. لذلك، رأت الإدارة الأمريكية أنه من الضروري التدخل في المنطقة من أجل تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.
انتقادات لمصطلح الشرق الأوسط الكبير
واجه مصطلح الشرق الأوسط الكبير انتقادات واسعة النطاق من مختلف الأطراف، بما في ذلك:
- الدول العربية: التي رأت في هذا المصطلح تدخلًا في شؤونها الداخلية ومحاولة لفرض أجندة خارجية عليها.
- الدول الإسلامية: التي اعتبرت أن هذا المصطلح يستهدف الإسلام ويحاول تشويه صورته.
- الأكاديميون والمحللون: الذين جادلوا بأن هذا المصطلح غير دقيق وغير مفيد، وأنه يتجاهل التنوع الثقافي والسياسي والاقتصادي في المنطقة.
أشار المنتقدون إلى أن مصطلح الشرق الأوسط الكبير يختزل المنطقة إلى مجموعة من المشاكل والتحديات، ويتجاهل الإنجازات والفرص الموجودة فيها. كما انتقدوا استخدام هذا المصطلح لتبرير التدخلات العسكرية والسياسية في المنطقة، والتي أدت إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف.
تأثيرات مصطلح الشرق الأوسط الكبير
على الرغم من الانتقادات التي واجهها، كان لمصطلح الشرق الأوسط الكبير تأثير كبير على السياسة الدولية، حيث ساهم في:
- تغيير طريقة النظر إلى المنطقة: من خلال توسيع نطاق الاهتمام ليشمل دولًا لم تكن تعتبر تقليديًا جزءًا من الشرق الأوسط.
- تشكيل السياسات الخارجية: للدول الكبرى تجاه المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة.
- إثارة النقاش حول الإصلاح السياسي والاقتصادي: في دول المنطقة، وتشجيع بعض الدول على تبني إصلاحات معينة.
- زيادة الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان: في المنطقة، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي ترتكبها بعض الحكومات.
ومع ذلك، يجب الاعتراف بأن مصطلح الشرق الأوسط الكبير لم يحقق الأهداف التي وضعتها الإدارة الأمريكية، حيث لم يؤد إلى تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، بل ساهم في تفاقم بعض المشاكل والصراعات.
بدائل لمصطلح الشرق الأوسط الكبير
نظرًا للانتقادات التي واجهها مصطلح الشرق الأوسط الكبير، ظهرت بدائل أخرى تحاول تقديم تعريف أكثر دقة وشمولية للمنطقة، مثل:
- منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA): وهو مصطلح شائع الاستخدام في المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي والأمم المتحدة.
- العالم الإسلامي: وهو مصطلح يشير إلى الدول التي يشكل المسلمون غالبية سكانها.
- الجنوب العالمي: وهو مصطلح يشير إلى الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
تختلف هذه المصطلحات في نطاقها وتركيزها، ولكنها تشترك في محاولة تقديم تعريف أكثر دقة وشمولية للمنطقة، وتجنب الاختزالات والتبسيطات التي ينطوي عليها مصطلح الشرق الأوسط الكبير.
الوضع الراهن للشرق الأوسط الكبير
لا يزال مصطلح الشرق الأوسط الكبير قيد الاستخدام في بعض الأوساط السياسية والأكاديمية، ولكن استخدامه قد تراجع بشكل كبير بعد انتهاء ولاية الرئيس بوش. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجه المنطقة لا تزال قائمة، بما في ذلك:
- الصراعات والحروب الأهلية: في دول مثل سوريا واليمن وليبيا.
- الإرهاب والتطرف: الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
- الفقر والبطالة: التي تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
- الفساد والاستبداد: الذي يعيق التنمية السياسية والاقتصادية.
تتطلب هذه التحديات استراتيجيات وسياسات شاملة ومتكاملة للتعامل معها، مع الأخذ في الاعتبار التنوع الثقافي والسياسي والاقتصادي في المنطقة، وتجنب التدخلات الخارجية التي قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
خاتمة
الشرق الأوسط الكبير هو مصطلح سياسي مثير للجدل ظهر في سياق السياسة الخارجية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر. يشير هذا المصطلح إلى منطقة جغرافية واسعة تتجاوز الشرق الأوسط التقليدي، وتشمل دولًا في شمال أفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز وباكستان وأفغانستان. واجه هذا المصطلح انتقادات واسعة النطاق بسبب اختزاله للمنطقة إلى مجموعة من المشاكل والتحديات، وتجاهله للتنوع الثقافي والسياسي والاقتصادي فيها. على الرغم من تراجع استخدامه، لا تزال التحديات التي تواجه المنطقة قائمة، وتتطلب استراتيجيات وسياسات شاملة للتعامل معها.