مقدمة
لوني تومبسون (بالإنجليزية: Lonnie Thompson)، عالم أمريكي في علم المناخ القديم وأستاذ جامعي في كلية علوم الأرض بجامعة ولاية أوهايو. ولد في الأول من يوليو عام 1948، واشتهر بأبحاثه الرائدة في مجال تحليل العينات الجليدية من مختلف أنحاء العالم، والتي ساهمت بشكل كبير في فهمنا لتغير المناخ وتاريخ الأرض.
نشأته وتعليمه
نشأ لوني تومبسون في غرب فرجينيا، حيث أظهر شغفاً مبكراً بالعلوم الطبيعية. حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا من جامعة مارشال عام 1970، ثم تابع دراساته العليا في جامعة ولاية أوهايو، حيث حصل على درجة الماجستير عام 1973 والدكتوراه عام 1976 في الجيولوجيا مع التركيز على علم الجليد القديم. خلال دراسته، عمل تومبسون تحت إشراف البروفيسور جون هـ. ميرسر، وهو رائد في مجال علم الجليد القديم، والذي كان له تأثير كبير على مسيرته المهنية.
مسيرته المهنية وأبرز إنجازاته
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، انضم تومبسون إلى هيئة التدريس في جامعة ولاية أوهايو، حيث أسس مختبر أبحاث العينات الجليدية. على مدى العقود التالية، قاد تومبسون وفريقه العديد من الرحلات الاستكشافية إلى المناطق الجليدية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، وجبال الهمالايا في آسيا، وجبال الألب في أوروبا، وجبال كيليمانجارو في أفريقيا، وأنهار جرينلاند وأنتاركتيكا الجليدية.
قام فريق تومبسون بحفر واستخراج عينات جليدية من هذه المواقع، ثم قاموا بتحليلها في المختبر لتحديد تركيبها الكيميائي والنظائري. كشفت هذه التحليلات عن معلومات قيمة حول درجات الحرارة وهطول الأمطار والتركيب الجوي للغلاف الجوي للأرض عبر آلاف السنين. ساهمت هذه البيانات بشكل كبير في فهمنا لتغير المناخ الطبيعي والبشري المنشأ.
من أبرز إنجازات لوني تومبسون:
- تطوير تقنيات جديدة لاستخراج وتحليل العينات الجليدية: قام تومبسون وفريقه بتطوير تقنيات مبتكرة لاستخراج العينات الجليدية من المناطق الجبلية الوعرة، والحفاظ عليها ونقلها إلى المختبر. كما قاموا بتطوير طرق جديدة لتحليل العينات الجليدية، مما سمح لهم باستخلاص المزيد من المعلومات حول تاريخ المناخ.
- إثبات أن الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم تتقلص بمعدل متسارع: أظهرت أبحاث تومبسون أن الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم تتقلص بمعدل غير مسبوق، وأن هذا التقلص مرتبط بارتفاع درجة حرارة الأرض. هذه النتائج سلطت الضوء على خطورة تغير المناخ وتأثيره على البيئة.
- توفير سجل مناخي طويل الأمد من المناطق الاستوائية: تمكن تومبسون من استخراج عينات جليدية من المناطق الاستوائية، والتي كانت تعتبر في السابق غير صالحة للدراسة بسبب ارتفاع درجة الحرارة. قدمت هذه العينات سجلاً مناخياً فريداً من نوعه، والذي ساعد على فهمنا لتغير المناخ في المناطق الاستوائية وتأثيره على النظم البيئية المحلية.
- نشر أكثر من 200 مقالة علمية في المجلات الرائدة: نشر تومبسون وفريقه أكثر من 200 مقالة علمية في المجلات الرائدة، مثل مجلة “نيتشر” ومجلة “ساينس”. هذه المقالات ساهمت بشكل كبير في نشر المعرفة حول تغير المناخ وتأثيره على البيئة.
أبحاثه حول الأنهار الجليدية المدارية
تعتبر أبحاث تومبسون حول الأنهار الجليدية المدارية من أهم إنجازاته. قبل عمله، كان يُعتقد أن الأنهار الجليدية المدارية غير صالحة للدراسة بسبب ذوبان الجليد السريع. ومع ذلك، أظهر تومبسون أن هذه الأنهار الجليدية تحتوي على معلومات قيمة حول تاريخ المناخ في المناطق المدارية. قام تومبسون وفريقه باستخراج عينات جليدية من جبال الأنديز في بيرو وبوليفيا، وجبال كيليمانجارو في تنزانيا، وجبال الهيمالايا في الصين. كشفت هذه العينات عن معلومات قيمة حول درجات الحرارة وهطول الأمطار والتركيب الجوي للغلاف الجوي للأرض عبر آلاف السنين.
أظهرت أبحاث تومبسون أن الأنهار الجليدية المدارية تتقلص بمعدل أسرع من الأنهار الجليدية في المناطق الأخرى من العالم. هذا التقلص له آثار مدمرة على المجتمعات المحلية التي تعتمد على المياه الذائبة من الأنهار الجليدية للري والشرب. كما أن تقلص الأنهار الجليدية المدارية يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد المناطق الساحلية في جميع أنحاء العالم.
جوائز وتكريمات
تقديراً لإسهاماته العلمية، حصل لوني تومبسون على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- الميدالية الوطنية للعلوم (National Medal of Science): وهي أعلى وسام علمي في الولايات المتحدة.
- جائزة هاينز (Heinz Award): وهي جائزة تمنح للأفراد الذين قدموا إسهامات متميزة في مجالات البيئة والاقتصاد والسياسة العامة.
- جائزة تايلر للإنجاز البيئي (Tyler Prize for Environmental Achievement): وهي جائزة تمنح للأفراد أو المنظمات الذين قدموا إسهامات كبيرة في حماية البيئة.
- عضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم (National Academy of Sciences): وهي أعلى هيئة علمية في الولايات المتحدة.
تأثيره على فهم تغير المناخ
لوني تومبسون هو أحد أبرز العلماء في مجال علم المناخ القديم. ساهمت أبحاثه بشكل كبير في فهمنا لتغير المناخ وتأثيره على البيئة. قدم تومبسون أدلة قوية على أن الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم تتقلص بمعدل متسارع، وأن هذا التقلص مرتبط بارتفاع درجة حرارة الأرض. كما قدم تومبسون سجلاً مناخياً طويل الأمد من المناطق الاستوائية، والذي ساعد على فهمنا لتغير المناخ في هذه المناطق وتأثيره على النظم البيئية المحلية. أدت أبحاث تومبسون إلى زيادة الوعي العام بتغير المناخ وحثت على اتخاذ إجراءات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
نظرة شخصية
بالإضافة إلى إنجازاته العلمية، يُعرف لوني تومبسون بتفانيه في عمله وشغفه بالبيئة. لقد أمضى سنوات عديدة في السفر إلى المناطق الجليدية الوعرة في جميع أنحاء العالم، حيث عمل في ظروف قاسية من أجل جمع العينات الجليدية وتحليلها. كما أنه ملتزم بتعليم الجمهور حول تغير المناخ وتشجيعهم على اتخاذ إجراءات لحماية البيئة. يعتبر تومبسون قدوة للعلماء والباحثين، ومصدر إلهام للجيل القادم من علماء البيئة.
التحديات والصعوبات
واجه لوني تومبسون وفريقه العديد من التحديات والصعوبات خلال أبحاثهم. كان من بين هذه التحديات:
- العمل في المناطق الجبلية الوعرة: كانت المناطق الجليدية التي زارها تومبسون وفريقه غالبًا ما تكون نائية ووعرة، مما جعل الوصول إليها صعبًا وخطيرًا.
- الظروف الجوية القاسية: كان على تومبسون وفريقه العمل في ظروف جوية قاسية، مثل البرد الشديد والرياح القوية والثلوج الكثيفة.
- نقل العينات الجليدية: كان نقل العينات الجليدية من المناطق الجبلية الوعرة إلى المختبر تحديًا كبيرًا، حيث كان يجب الحفاظ عليها في درجة حرارة منخفضة للغاية لمنع ذوبانها.
- الحصول على التمويل: كان الحصول على التمويل لأبحاث تومبسون تحديًا مستمرًا، حيث كانت تكلفة الرحلات الاستكشافية وتحليل العينات الجليدية باهظة.
على الرغم من هذه التحديات، تمكن تومبسون وفريقه من تحقيق إنجازات كبيرة في مجال علم المناخ القديم. يعود ذلك إلى تفانيهم في عملهم وشغفهم بالبيئة، بالإضافة إلى قدرتهم على التغلب على الصعوبات.
مستقبل أبحاث العينات الجليدية
لا تزال أبحاث العينات الجليدية تلعب دوراً حاسماً في فهمنا لتغير المناخ. مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض، ستستمر الأنهار الجليدية في التقلص، مما يجعل من الضروري جمع العينات الجليدية وتحليلها قبل أن تختفي. يمكن أن تساعدنا هذه العينات في فهم تاريخ المناخ وتوقع التغيرات المستقبلية. كما يمكن أن تساعدنا في تطوير استراتيجيات للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.
يتوقع العلماء أن تستمر أبحاث العينات الجليدية في التطور في المستقبل. سيتم تطوير تقنيات جديدة لاستخراج وتحليل العينات الجليدية، مما سيسمح لنا باستخلاص المزيد من المعلومات حول تاريخ المناخ. كما سيتم استخدام العينات الجليدية لدراسة مجموعة متنوعة من الظواهر المناخية، مثل الجفاف والفيضانات والعواصف.
خاتمة
لوني تومبسون هو عالم رائد في مجال علم المناخ القديم، وقد ساهمت أبحاثه بشكل كبير في فهمنا لتغير المناخ وتأثيره على البيئة. من خلال دراسة العينات الجليدية من جميع أنحاء العالم، قدم تومبسون أدلة قوية على أن الأنهار الجليدية تتقلص بمعدل متسارع، وأن هذا التقلص مرتبط بارتفاع درجة حرارة الأرض. كما قدم تومبسون سجلاً مناخياً طويل الأمد من المناطق الاستوائية، والذي ساعد على فهمنا لتغير المناخ في هذه المناطق وتأثيره على النظم البيئية المحلية. يعتبر تومبسون قدوة للعلماء والباحثين، ومصدر إلهام للجيل القادم من علماء البيئة.