نشأته وتعليمه
وُلد إيفسي دومار في مدينة لوزا، في منطقة موغيليف (الآن في بيلاروسيا)، في 16 أبريل 1914. هاجرت عائلته إلى الولايات المتحدة عندما كان طفلاً. تلقى تعليمه في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1935، ثم حصل على درجة الماجستير في عام 1936. أكمل دراساته العليا في جامعة هارفارد، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد عام 1947.
مسيرته المهنية
بدأ دومار مسيرته المهنية بالعمل في الإدارة الحكومية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية. بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عمل كأستاذ للاقتصاد في العديد من الجامعات المرموقة، بما في ذلك جامعة كارنيجي ميلون وجامعة جونز هوبكنز. قضى معظم حياته المهنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، حيث عمل كأستاذ للاقتصاد حتى تقاعده.
مساهماته في الاقتصاد
تعتبر مساهمات دومار في الاقتصاد كبيرة، ولا سيما في مجالات النمو الاقتصادي ونظريات الدورة الاقتصادية. اشتهر بنموذج دومار، وهو نموذج للنمو الاقتصادي يدرس العلاقة بين معدل الادخار، ومعدل النمو، وعائد رأس المال. يعتبر هذا النموذج من النماذج الكلاسيكية في علم الاقتصاد، ولا يزال يستخدم على نطاق واسع في تحليل السياسات الاقتصادية.
ساهم دومار أيضًا في تطوير نظريات الاستثمار والتضخم. قدم تحليلات قيمة حول دور التكنولوجيا والابتكار في النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، قام بدراسة مشاكل عدم الاستقرار الاقتصادي والتقلبات الدورية في الاقتصاد. قدمت أعماله مساهمات مهمة في فهم العلاقة بين النمو الاقتصادي والسياسات المالية والنقدية.
نموذج دومار للنمو
نموذج دومار هو نموذج للنمو الاقتصادي يعتمد على عدة افتراضات أساسية. يركز هذا النموذج على العلاقة بين الادخار والاستثمار، ويعتبر أن النمو الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على معدل الادخار في الاقتصاد. يعتبر معدل الادخار بمثابة النسبة المئوية من الدخل القومي التي يتم ادخارها، بينما يمثل الاستثمار الإنفاق على السلع الرأسمالية، مثل المصانع والمعدات. العلاقة بين الادخار والاستثمار هي في صميم نموذج دومار.
الافتراضات الرئيسية لنموذج دومار:
- يعتمد النمو الاقتصادي على معدل الادخار في الاقتصاد.
- تأثير الاستثمار على النمو الاقتصادي يتحدد بعائد رأس المال.
- النمو الاقتصادي يعتمد على قدرة الاقتصاد على زيادة الإنتاجية.
يقدم نموذج دومار معادلة رياضية بسيطة تربط بين معدل النمو (g)، ومعدل الادخار (s)، وعائد رأس المال (σ)، والتي يمكن التعبير عنها على النحو التالي: g = s/σ. تعكس هذه المعادلة العلاقة المباشرة بين الادخار والنمو الاقتصادي، والعلاقة العكسية بين عائد رأس المال والنمو الاقتصادي. بعبارة أخرى، كلما زاد معدل الادخار، زاد معدل النمو، وكلما انخفض عائد رأس المال، زاد معدل النمو.
أهمية نموذج دومار:
- يوفر إطارًا لتحليل العوامل المؤثرة في النمو الاقتصادي.
- يساعد في فهم العلاقة بين الادخار والاستثمار والنمو.
- يستخدم في تصميم السياسات الاقتصادية لتحفيز النمو.
نقد نموذج دومار
على الرغم من أهمية نموذج دومار، فقد تعرض لانتقادات مختلفة. يرى البعض أن النموذج يبالغ في تبسيط الواقع الاقتصادي، ولا يأخذ في الاعتبار عوامل مهمة أخرى تؤثر في النمو، مثل التكنولوجيا والابتكار، وفعالية المؤسسات، والتعليم. كما أن النموذج يفترض معدل ادخار ثابتًا، وهذا ليس بالضرورة صحيحًا في الواقع. علاوة على ذلك، يفترض النموذج أن عائد رأس المال ثابت، وهذا أيضًا ليس دائمًا هو الحال.
ومع ذلك، يظل نموذج دومار نموذجًا قيمًا لفهم الأساسيات، ولا يزال يستخدم كنقطة انطلاق لتحليل أكثر تعقيدًا. كما أنه ساهم في تطوير نماذج نمو أكثر تطورًا، مثل نموذج سولو، الذي قدم تعديلات وتحسينات على نموذج دومار.
أعمال أخرى
بالإضافة إلى نموذج النمو، كتب دومار عددًا من المقالات والأوراق البحثية الهامة. اهتم دومار بقضايا مختلفة في الاقتصاد الكلي، مثل دور الدولة في الاقتصاد، وسياسات التوظيف، والتضخم. كما أنه درس قضايا العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للدخل.
تأثير دومار
ترك إيفسي دومار بصمة واضحة في مجال الاقتصاد. أثرت أفكاره في أجيال من الاقتصاديين والباحثين. تمتد مساهماته إلى العديد من المجالات الفرعية للاقتصاد، بما في ذلك الاقتصاد الكلي، والنمو الاقتصادي، ونظريات الدورة الاقتصادية. لا تزال أفكاره وتفسيراته تلقى صدى في الخطاب الاقتصادي المعاصر. يعتبر دومار أحد أبرز المفكرين في مجال الاقتصاد في القرن العشرين.
الحياة الشخصية
تزوج إيفسي دومار من إيما هيلر في عام 1943. كان لديهما ابنتان. توفي في 1 أبريل 1997، عن عمر يناهز 82 عامًا.
خاتمة
إيفسي دومار كان اقتصاديًا أمريكيًا بارزًا، قدم مساهمات كبيرة في مجال الاقتصاد، خاصة في نظريات النمو الاقتصادي. اشتهر بنموذج دومار، الذي يمثل إطارًا أساسيًا لفهم العلاقة بين الادخار والاستثمار والنمو. على الرغم من بعض الانتقادات، لا يزال نموذج دومار يعتبر نموذجًا قيمًا لتحليل السياسات الاقتصادية. أثرت أفكاره في أجيال من الاقتصاديين، ولا تزال أعماله تلقى صدى في الخطاب الاقتصادي المعاصر.