نشأته وتعليمه
ولد حزقيال سارنا في عام 1890 في هورودوك، وهي بلدة تقع في مقاطعة مينسك التابعة للإمبراطورية الروسية (بيلاروسيا حاليًا). تلقى تعليمه الديني المبكر في بلدته، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا في دراسة التلمود والشريعة اليهودية. سرعان ما ذاع صيته كطالب نجيب ومجتهد، مما أهله للالتحاق بأفضل المدارس الدينية في المنطقة.
في سن مبكرة، التحق سارنا بمدرسة سلوبودكا الدينية الشهيرة، وهي واحدة من أبرز المؤسسات التعليمية اليهودية في أوروبا الشرقية. كانت سلوبودكا تشتهر بمنهجها الدراسي الصارم، وتركيزها على الأخلاق، وتخريجها لعلماء دين بارزين. كان للتر (الأكبر) من سلوبودكا، الحاخام نوسون تسفي فينكل، تأثير عميق على سارنا، حيث أصبح مرشده الروحي وملهمه. تحت إشراف الحاخام فينكل، تعمق سارنا في دراسة الأخلاق اليهودية والفلسفة، وطور فهمًا عميقًا للتلمود والشريعة اليهودية.
خلال فترة وجوده في سلوبودكا، برز سارنا كواحد من أبرز طلاب المدرسة الدينية. كان يتمتع بذاكرة قوية وقدرة تحليلية فائقة، مما مكنه من استيعاب كميات هائلة من المعلومات المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، كان يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على التواصل الفعال، مما جعله محبوبًا بين زملائه وأساتذته.
حياته ومسيرته
بعد تخرجه من سلوبودكا، بقي سارنا مرتبطًا بالمدرسة الدينية، حيث عمل كمعلم وموجه للطلاب الأصغر سنًا. كان يتمتع بموهبة خاصة في نقل المعرفة وإلهام الطلاب، مما جعله يحظى بتقدير كبير من قبل إدارة المدرسة الدينية والطلاب على حد سواء.
في عام 1925، تم تعيين سارنا رئيسًا لمدرسة الخاخامات “حورون يعقوب” في برونكس، نيويورك. كانت هذه المدرسة الدينية مؤسسة جديدة نسبيًا، وكان يُنظر إلى سارنا على أنه الشخص المناسب لتطويرها وتوجيهها. تحت قيادته، نمت المدرسة الدينية بسرعة وأصبحت واحدة من أبرز المؤسسات التعليمية اليهودية في الولايات المتحدة.
خلال فترة وجوده في الولايات المتحدة، لعب سارنا دورًا هامًا في تعزيز التعليم الديني اليهودي ونشر الوعي بالثقافة اليهودية. كان يتحدث بانتظام في الكنائس والمعابد اليهودية، ويشارك في المؤتمرات والفعاليات الدينية. كما كان يكتب مقالات وكتبًا حول مجموعة متنوعة من الموضوعات الدينية، مما ساهم في إثراء الأدب اليهودي.
في عام 1936، عاد سارنا إلى أوروبا لتولي منصب رئيس مدرسة سلوبودكا الدينية، التي كانت قد انتقلت إلى إسرائيل في عام 1929 وأعيد تأسيسها في مدينة الخليل. كانت هذه الفترة فترة عصيبة بالنسبة للمدرسة الدينية، حيث كانت تعاني من صعوبات مالية وتحديات تنظيمية. ومع ذلك، تمكن سارنا من التغلب على هذه التحديات وإعادة بناء المدرسة الدينية، مما جعلها واحدة من أبرز المؤسسات التعليمية اليهودية في إسرائيل.
خلال فترة وجوده في إسرائيل، لعب سارنا دورًا هامًا في تطوير التعليم الديني اليهودي وتعزيز الوحدة بين الطوائف اليهودية المختلفة. كان يحظى بتقدير كبير من قبل القادة الدينيين والسياسيين، وكان يُنظر إليه على أنه شخصية مؤثرة في المجتمع الإسرائيلي.
إنجازاته ومساهماته
ترك حزقيال سارنا إرثًا دائمًا في عالم التعليم الديني اليهودي. كان معلمًا وموجهًا بارعًا، وألهم أجيالًا من الطلاب لمتابعة دراساتهم الدينية. كما كان قائدًا إداريًا فعالًا، وتمكن من بناء وتطوير العديد من المؤسسات التعليمية اليهودية البارزة.
تشمل بعض أبرز إنجازات سارنا ما يلي:
- تأسيس وتطوير مدرسة الخاخامات “حورون يعقوب” في برونكس، نيويورك.
- إعادة بناء مدرسة سلوبودكا الدينية في إسرائيل.
- تخريج المئات من الطلاب الذين أصبحوا قادة دينيين بارزين.
- كتابة العديد من المقالات والكتب حول مجموعة متنوعة من الموضوعات الدينية.
- تعزيز التعليم الديني اليهودي ونشر الوعي بالثقافة اليهودية.
بالإضافة إلى إنجازاته التعليمية، كان سارنا شخصية مؤثرة في المجتمع اليهودي. كان مدافعًا قويًا عن الوحدة بين الطوائف اليهودية المختلفة، وعمل بلا كلل لتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين اليهود من جميع الخلفيات.
آراؤه ومعتقداته
كان حزقيال سارنا يتمتع بمجموعة واسعة من الآراء والمعتقدات حول مجموعة متنوعة من الموضوعات الدينية والاجتماعية. كان ملتزمًا بشدة بالشريعة اليهودية، وكان يعتقد أن الشريعة اليهودية توفر إطارًا شاملاً للحياة اليهودية.
كما كان سارنا مدافعًا قويًا عن التعليم الديني اليهودي. كان يعتقد أن التعليم الديني ضروري للحفاظ على الهوية اليهودية ونقل التراث اليهودي إلى الأجيال القادمة. كما كان يعتقد أن التعليم الديني يمكن أن يساعد الأفراد على تطوير فهم أعمق لأنفسهم وللعالم من حولهم.
بالإضافة إلى ذلك، كان سارنا مهتمًا بشدة بالقضايا الاجتماعية. كان يعتقد أن اليهود لديهم مسؤولية للمساعدة في تحسين العالم، وكان يشارك بنشاط في مجموعة متنوعة من الأنشطة الخيرية والاجتماعية.
وفاته
توفي حزقيال سارنا في عام 1969 عن عمر يناهز 79 عامًا. ترك وراءه إرثًا دائمًا في عالم التعليم الديني اليهودي والمجتمع اليهودي ككل. سيظل يُذكر دائمًا كمعلم وموجه بارع، وقائد إداري فعال، وشخصية مؤثرة في المجتمع الإسرائيلي.
تلاميذه
كان لحزقيال سارنا العديد من التلاميذ البارزين الذين ساروا على دربه وأصبحوا قادة دينيين مؤثرين. من بين أبرز تلاميذه:
- الحاخام يعقوب يسرائيل كانيمان
- الحاخام يحيئيل ميكيل فاينشتاين
- الحاخام إسحاق كوليتز
هؤلاء التلاميذ وغيرهم الكثيرون حملوا شعلة التعليم الديني اليهودي التي أشعلها سارنا، وساهموا في نشر المعرفة والقيم اليهودية في جميع أنحاء العالم.
مؤلفاته
على الرغم من أن حزقيال سارنا لم يترك وراءه العديد من المؤلفات المكتوبة، إلا أن تعاليمه وأفكاره تم تدوينها من قبل تلاميذه ونشرت في كتب ومقالات مختلفة. من بين أبرز هذه المؤلفات:
- “דברי חזקאל” (ديفري حزقيال) – مجموعة من تعاليمه وأفكاره حول مواضيع مختلفة في الشريعة اليهودية والأخلاق.
- مقالات ومحاضرات مختلفة تم تجميعها ونشرها في مجلات وكتب مختلفة.
تعتبر هذه المؤلفات مصدرًا قيمًا لفهم فكر حزقيال سارنا ومساهماته في عالم التعليم الديني اليهودي.
تأثيره على التعليم الديني اليهودي
كان لحزقيال سارنا تأثير عميق على التعليم الديني اليهودي في القرن العشرين. لقد ساهم في تطوير المنهج الدراسي في المدارس الدينية، وأدخل أساليب تدريس جديدة، وشجع الطلاب على التفكير النقدي والإبداعي. كما كان مدافعًا قويًا عن أهمية التعليم الأخلاقي، وعمل بلا كلل لغرس القيم الأخلاقية في طلابه.
بالإضافة إلى ذلك، لعب سارنا دورًا هامًا في تعزيز الوحدة بين الطوائف اليهودية المختلفة. كان يعتقد أن اليهود يجب أن يعملوا معًا لتحقيق الأهداف المشتركة، بغض النظر عن خلفياتهم أو انتماءاتهم الدينية. لقد ساهم في بناء جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين اليهود من جميع الخلفيات.
خاتمة
كان حزقيال سارنا شخصية بارزة في تاريخ التعليم الديني اليهودي. لقد ترك إرثًا دائمًا في عالم التعليم والمجتمع اليهودي ككل. سيظل يُذكر دائمًا كمعلم وموجه بارع، وقائد إداري فعال، وشخصية مؤثرة في المجتمع الإسرائيلي. لقد ساهم في تطوير التعليم الديني اليهودي، وتعزيز الوحدة بين الطوائف اليهودية المختلفة، ونشر المعرفة والقيم اليهودية في جميع أنحاء العالم. سيظل إرثه يلهم الأجيال القادمة من القادة الدينيين والمعلمين.