<![CDATA[
نشأتها وبداياتها
نشأت ياسميلا زبانيتش في سراييفو، ودرست الإخراج السينمائي والمسرحي في أكاديمية الفنون المسرحية في سراييفو. خلال فترة التسعينيات، عملت كممثلة في فرقة مسرحية للدمى، ثم اتجهت إلى صناعة الأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة. هذه التجارب المبكرة ساهمت في صقل مهاراتها وتطوير رؤيتها الفنية الفريدة.
بدأت زبانيتش مسيرتها المهنية في مجال السينما كمساعدة مخرج ومونتيرة. عملت في العديد من المشاريع السينمائية والتلفزيونية، مما أكسبها خبرة واسعة في مختلف جوانب صناعة الأفلام. في أواخر التسعينيات، بدأت في كتابة وإخراج أفلامها القصيرة الخاصة، والتي لاقت استحساناً نقدياً وجذبت انتباه الجمهور إلى موهبتها الواعدة.
أفلامها البارزة
حققت ياسميلا زبانيتش شهرة عالمية بفيلمها الروائي الطويل الأول “غريبانيكا” (Grbavica) عام 2006، الذي فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي. يتناول الفيلم قصة أم عزباء تعيش في سراييفو بعد الحرب، وتحاول حماية ابنتها من وصمة العار المرتبطة بالاغتصاب خلال الحرب البوسنية. يعتبر الفيلم من أهم الأفلام التي تناولت موضوع الاغتصاب كسلاح حرب، وساهم في تسليط الضوء على معاناة النساء في فترة ما بعد الصراع.
بعد نجاح “غريبانيكا”، واصلت زبانيتش استكشاف موضوعات الحرب والذاكرة في أفلامها اللاحقة. في عام 2010، أخرجت فيلم “في الطريق” (Na putu)، الذي يتناول قصة زوجين شابين ينضمان إلى جماعة إسلامية متشددة، وكيف يؤثر ذلك على علاقتهما وحياتهما. يعتبر الفيلم دراسة عميقة للتطرف الديني وتأثيره على الأفراد والمجتمع.
في عام 2020، أخرجت زبانيتش فيلم “إلى أين أنت ذاهبين يا عايدة؟” (Quo Vadis, Aida?)، الذي يروي قصة مترجمة تعمل في الأمم المتحدة في سربرنيتسا خلال الإبادة الجماعية عام 1995. يركز الفيلم على جهودها اليائسة لإنقاذ عائلتها وأهل بلدتها من الموت المحقق. حقق الفيلم نجاحاً كبيراً على المستوى النقدي والتجاري، ورشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، وفاز بعدة جوائز أخرى.
- غريبانيكا (Grbavica) 2006: فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي.
- في الطريق (Na putu) 2010: دراسة عميقة للتطرف الديني.
- إلى أين أنت ذاهبين يا عايدة؟ (Quo Vadis, Aida?) 2020: رشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
أسلوبها السينمائي
تتميز أفلام ياسميلا زبانيتش بالواقعية الشديدة والتركيز على التفاصيل الصغيرة. تستخدم زبانيتش لغة سينمائية بسيطة ومباشرة، وتعتمد على أداء الممثلين الطبيعي والمؤثر. غالباً ما تصور أفلامها الحياة اليومية للأشخاص العاديين في ظروف استثنائية، وتسلط الضوء على قوتهم وقدرتهم على الصمود في وجه الصعاب.
تهتم زبانيتش بشكل خاص بقصص النساء، وتسعى إلى تقديم صورة معقدة ومتوازنة للمرأة في المجتمع البوسني. غالباً ما تصور أفلامها النساء كشخصيات قوية ومستقلة، قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة والتغلب على التحديات. تعتبر زبانيتش من المدافعين عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وتعكس أفلامها هذه القيم والمبادئ.
تستخدم زبانيتش السينما كوسيلة للتعبير عن آرائها ومواقفها السياسية والاجتماعية. لا تتردد في تناول القضايا الحساسة والمثيرة للجدل، وتسعى إلى إثارة النقاش والتفكير في المشاكل التي تواجه المجتمع البوسني والعالم بشكل عام. تؤمن زبانيتش بأن السينما يمكن أن تلعب دوراً هاماً في تغيير العالم نحو الأفضل، وتسعى إلى تحقيق هذا الهدف من خلال أفلامها.
الجوائز والتكريمات
حصلت ياسميلا زبانيتش على العديد من الجوائز والتكريمات عن أعمالها السينمائية، من بينها:
- جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي عن فيلم “غريبانيكا” (2006).
- جائزة أفضل فيلم في مهرجان سراييفو السينمائي عن فيلم “إلى أين أنت ذاهبين يا عايدة؟” (2020).
- جائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم “إلى أين أنت ذاهبين يا عايدة؟” (2020).
- ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلم “إلى أين أنت ذاهبين يا عايدة؟” (2021).
بالإضافة إلى الجوائز السينمائية، حصلت زبانيتش على العديد من التكريمات الأخرى، بما في ذلك:
- جائزة “المرأة الأوروبية للعام” (European Woman of the Year) عام 2006.
- جائزة “القلب” (The Heart of Sarajevo) من مهرجان سراييفو السينمائي عام 2021.
تأثيرها وإرثها
تعتبر ياسميلا زبانيتش من أهم المخرجين السينمائيين في البوسنة والهرسك، وقد ساهمت أعمالها في رفع مستوى الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية الهامة. ألهمت زبانيتش العديد من المخرجين الشباب في المنطقة، وشجعتهم على استكشاف موضوعات جريئة ومثيرة للجدل في أفلامهم.
تعتبر أفلام زبانيتش جزءاً هاماً من الذاكرة الجماعية للشعب البوسني، وساهمت في توثيق الأحداث التاريخية الهامة التي مرت بها البلاد. من خلال أفلامها، تسعى زبانيتش إلى تعزيز التفاهم والتسامح بين مختلف الثقافات والأديان، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للبوسنة والهرسك والعالم.
خاتمة
ياسميلا زبانيتش مخرجة سينمائية بوسنية موهوبة ومؤثرة، تتميز أعمالها بالواقعية والعمق الإنساني. من خلال أفلامها، تتناول زبانيتش قضايا الحرب والذاكرة والعدالة، وتسعى إلى إثارة النقاش والتفكير في المشاكل التي تواجه المجتمع. تعتبر زبانيتش من الأصوات السينمائية الهامة في البوسنة والهرسك والعالم، وقد ساهمت أعمالها في رفع مستوى الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية الهامة.