خلفية تاريخية
في أوائل القرن العشرين، كانت الولايات المتحدة الأمريكية بصدد تحديث ترسانتها من الأسلحة النارية. كانت البنادق والمسدسات المستخدمة في ذلك الوقت تعتمد على عيارات مختلفة، ولم يكن هناك معيار موحد. أدى هذا التنوع إلى مشاكل في التوريد والتدريب، بالإضافة إلى تفاوت في الأداء القتالي. نتيجة لذلك، بدأت وزارة الحربية الأمريكية في البحث عن معيار جديد للعيار الذي سيتم استخدامه في جميع الأسلحة النارية التابعة للجيش.
تم اختيار العقيد لويس طومسون والرائد جيمس لاغارد للإشراف على هذه الاختبارات. كان كلاهما ضابطين في الجيش الأمريكي يتمتعان بخبرة واسعة في مجال الأسلحة النارية. كُلف طومسون ولاغارد بتصميم وتنفيذ سلسلة من الاختبارات التي من شأنها أن تقيم أداء مختلف العيارات وتحدد الأنسب منها للاستخدام العسكري.
تصميم الاختبارات
صُممت اختبارات طومسون–لاغارد لتكون شاملة ودقيقة. اشتملت الاختبارات على مجموعة متنوعة من العيارات، بما في ذلك عيارات 0.38 و0.45 و0.30. تم اختيار هذه العيارات لتمثيل مجموعة واسعة من الخيارات المتاحة في ذلك الوقت. أجريت الاختبارات في ميدان الرماية العسكري في نيويورك، حيث تم توفير بيئة آمنة ومراقبة لإجراء التجارب.
تم تصميم الاختبارات لتقييم الأداء في عدة مجالات رئيسية:
- الاختراق: تم قياس قدرة كل عيار على اختراق أهداف مختلفة، بما في ذلك الخشب، العظام، واللحوم.
- الإيقاف: تم تقييم قدرة كل عيار على إيقاف هدف متحرك، من خلال محاكاة سيناريوهات القتال.
- الدقة: تم اختبار دقة كل عيار في مسافات مختلفة.
- القوة: تم قياس قوة تأثير كل عيار على الهدف.
استخدم طومسون ولاغارد أهدافًا بشرية وحيوانية في هذه الاختبارات. سمح هذا النهج لهم بالحصول على بيانات واقعية حول تأثير كل عيار على الأهداف الحية. استخدموا في البداية جثث الخنازير، ثم استخدموا في وقت لاحق جثث البشر. هذا الأمر أثار جدلاً أخلاقياً كبيراً في ذلك الوقت، ولكنه ساعد في توفير بيانات قيمة حول تأثير الرصاص على الأنسجة البشرية.
نتائج الاختبارات
أظهرت نتائج اختبارات طومسون–لاغارد أن عيار 0.45 كان الأكثر فعالية في إيقاف الهدف. على الرغم من أن عيارات أخرى أظهرت قدرة اختراق أفضل، إلا أن عيار 0.45 كان له تأثير أكبر في إيقاف العدو. تميز هذا العيار بقدرته على إحداث صدمة كبيرة في الجسم، مما يؤدي إلى إيقاف العدو بسرعة وفعالية.
بناءً على هذه النتائج، أوصى طومسون ولاغارد باعتماد عيار 0.45 كعيار قياسي للأسلحة النارية الأمريكية. أدت هذه التوصية إلى اعتماد مسدس كولت M1911، وهو مسدس يعتمد على عيار 0.45 ACP (Automatic Colt Pistol). أصبح هذا المسدس سلاحًا قياسيًا للقوات المسلحة الأمريكية لسنوات عديدة، ولعب دورًا حاسمًا في العديد من النزاعات.
في المقابل، أظهرت الاختبارات أن عيار 0.30 المستخدم في بعض البنادق كان لديه قدرة إيقاف أقل فعالية. على الرغم من أن هذا العيار كان يتمتع بمدى أطول ودقة أفضل، إلا أنه لم يكن فعالاً في إيقاف العدو في القتال المباشر. أدت هذه النتائج إلى تغييرات في تصميم بعض البنادق والذخيرة المستخدمة من قبل الجيش الأمريكي.
تأثير الاختبارات
كان لاختبارات طومسون–لاغارد تأثير كبير على تطوير الأسلحة النارية الحديثة. فقد ساهمت في:
- تحديد معايير الأداء: قدمت الاختبارات معايير واضحة لتقييم أداء الأسلحة النارية، مما ساعد على تحسين تصميمها وتطويرها.
- تغيير العيارات المستخدمة: أدت الاختبارات إلى تغيير في العيارات المستخدمة في الأسلحة النارية، مما أدى إلى زيادة فعالية الأسلحة في القتال.
- تعزيز البحث والتطوير: حفزت الاختبارات على إجراء المزيد من البحوث والتطوير في مجال الأسلحة النارية، مما أدى إلى ظهور تقنيات جديدة وتحسين الأداء.
- تأثير على التكتيكات: أثرت النتائج على التكتيكات العسكرية، حيث أدرك الجنود أهمية قوة الإيقاف للرصاصة في القتال القريب.
بالإضافة إلى ذلك، أدت هذه الاختبارات إلى زيادة الوعي بأهمية اختيار العيار المناسب للأسلحة النارية. أدرك صانعو الأسلحة والجيوش في جميع أنحاء العالم أهمية إجراء اختبارات مماثلة لتقييم أداء الأسلحة النارية وتحديد العيارات الأكثر فعالية.
الانتقادات والجدل
بالرغم من الأهمية التاريخية لاختبارات طومسون–لاغارد، إلا أنها لم تكن خالية من الانتقادات. كان استخدام الجثث البشرية في الاختبارات مثيراً للجدل أخلاقياً. بالإضافة إلى ذلك، شكك بعض النقاد في دقة النتائج، مشيرين إلى أن الاختبارات أجريت في بيئة معملية قد لا تعكس بالضرورة ظروف القتال الحقيقية. ومع ذلك، لا يزال هناك إجماع على أن الاختبارات قدمت مساهمات قيمة في فهم تأثير الأسلحة النارية على الأهداف الحية.
أحد الانتقادات الرئيسية كان يتعلق بالتركيز على تأثير الرصاصة على إيقاف الهدف. ركزت الاختبارات بشكل كبير على قياس قوة الإيقاف، مع إيلاء اهتمام أقل لقدرة الرصاصة على الاختراق أو التسبب في إصابات قاتلة. يرى بعض الخبراء أن هذا التركيز المفرط على قوة الإيقاف أدى إلى تطوير أسلحة قد لا تكون بالضرورة الأفضل في التسبب في إصابات خطيرة.
التطورات اللاحقة
بعد اختبارات طومسون–لاغارد، استمرت التطورات في مجال الأسلحة النارية والذخيرة. تم تطوير تقنيات جديدة لتحسين أداء الرصاصات وتقليل خطر الإصابات غير المميتة. شهدت الذخيرة تطورات كبيرة، حيث تم تصميم أنواع جديدة من الرصاصات لزيادة قدرتها على الاختراق أو التسبب في إصابات قاتلة.
شهدت الأسلحة النارية أيضًا تطورات كبيرة. تم تصميم أسلحة جديدة باستخدام مواد وتقنيات حديثة. تم تطوير أسلحة أصغر حجمًا وأكثر دقة، مما أدى إلى زيادة فعالية الجنود في القتال. كما تم تطوير أسلحة آلية وشبه آلية لتحقيق معدلات إطلاق نار أعلى.
خاتمة
تعتبر اختبارات طومسون–لاغارد معلماً هاماً في تاريخ الأسلحة النارية. لقد ساهمت هذه الاختبارات في تحديد العيار الأمثل للاستخدام العسكري، وساعدت على تطوير الأسلحة النارية الحديثة. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليها، إلا أن الاختبارات قدمت مساهمات قيمة في فهم تأثير الرصاص على الأهداف الحية، وساعدت على تحسين تصميم الأسلحة وتطويرها. لا تزال هذه الاختبارات ذات أهمية كبيرة، حيث تذكرنا بأهمية إجراء اختبارات دقيقة لتقييم أداء الأسلحة النارية وضمان فعاليتها في القتال.
المراجع
- The Thompson-LaGarde Tests and the .45 ACP
- Lucky Gunner Labs – Self Defense Ammo Ballistic Tests
- Thompson–LaGarde tests – Wikipedia
- A Look Back at the .45 ACP Cartridge
“`