التأسيس والأهداف
تأسست جمعية أصدقاء السود في فبراير 1788 على يد مجموعة من المثقفين الفرنسيين، بمن فيهم جاك بيير بريسو، وإتيان كلابير، والماركيز دي كوندورسيه، والآب غريغوار. استلهم المؤسسون من حركة مكافحة الرق البريطانية، التي كانت قد بدأت بالفعل في اكتساب قوة جذب في بريطانيا العظمى. كان الهدف الرئيسي للجمعية هو إلغاء تجارة الرقيق والعبودية في المستعمرات الفرنسية، وخاصة في سان دومينغ (هايتي حاليًا)، التي كانت أغنى مستعمرة فرنسية وأكثرها اعتمادًا على العبيد.
حددت الجمعية أهدافًا محددة، بما في ذلك:
- إثارة النقاش العام حول العبودية وتأثيرها المدمر على الأفارقة المستعبدين والمجتمع الفرنسي.
- الضغط على الحكومة الفرنسية لإصدار قوانين تحظر تجارة الرقيق وتُحسن ظروف العبيد في المستعمرات.
- نشر المعلومات حول فظائع العبودية من خلال المنشورات والمحاضرات والعرائض.
- دعم التعليم والفرص الاقتصادية للأشخاص الملونين الأحرار في فرنسا والمستعمرات.
أعضاء الجمعية
ضمت جمعية أصدقاء السود مجموعة متنوعة من الأعضاء، بما في ذلك المثقفون، والسياسيون، والكتاب، والصحفيون، ورجال الدين. كان العديد من أعضائها من الشخصيات البارزة في المجتمع الفرنسي، مما ساعد على رفع مكانة الجمعية وزيادة تأثيرها. من بين الأعضاء البارزين:
- جاك بيير بريسو: صحفي وسياسي، وأحد المؤسسين الرئيسيين للجمعية.
- الماركيز دي كوندورسيه: فيلسوف وعالم رياضيات وسياسي، وكان مدافعًا قويًا عن حقوق الإنسان وإلغاء العبودية.
- الآب غريغوار: كاهن كاثوليكي وسياسي، وكان مدافعًا قويًا عن حقوق اليهود والسود.
- إتيان كلابير: مصرفي وناشط في مجال مكافحة الرق.
- جيروم بيتيون دي فيلنوف: محام وسياسي، وأصبح لاحقًا عمدة باريس.
- الماركيز دي لافاييت: جنرال وسياسي، ولعب دورًا هامًا في الثورة الأمريكية.
أنشطة الجمعية
انخرطت جمعية أصدقاء السود في مجموعة متنوعة من الأنشطة لتعزيز قضيتها. وشملت هذه الأنشطة:
- نشر المنشورات: نشرت الجمعية العديد من الكتيبات والنشرات والمقالات التي تفضح فظائع العبودية وتدعو إلى إلغائها.
- تنظيم المحاضرات والاجتماعات العامة: نظمت الجمعية محاضرات واجتماعات عامة في باريس ومدن أخرى لنشر المعلومات حول العبودية وحشد الدعم لقضيتها.
- تقديم العرائض إلى الجمعية الوطنية: قدمت الجمعية العديد من العرائض إلى الجمعية الوطنية، مطالبة إياها بإصدار قوانين تحظر تجارة الرقيق وتُحسن ظروف العبيد.
- دعم الأشخاص الملونين الأحرار: قدمت الجمعية الدعم المالي والقانوني للأشخاص الملونين الأحرار في فرنسا والمستعمرات، وسعت إلى تحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
- مقاطعة المنتجات المستعمرة: دعت الجمعية إلى مقاطعة المنتجات المنتجة من قبل العبيد، مثل السكر والقهوة، كوسيلة للضغط الاقتصادي على ملاك العبيد.
تأثير الجمعية
كان لجمعية أصدقاء السود تأثير كبير على النقاش العام حول العبودية في فرنسا. ساعدت الجمعية في رفع مستوى الوعي بفظائع العبودية وحشد الدعم لقضية الإلغاء. ومع ذلك، واجهت الجمعية أيضًا معارضة كبيرة من ملاك العبيد والتجار الذين استفادوا من تجارة الرقيق. جادل هؤلاء المعارضون بأن إلغاء العبودية سيضر بالاقتصاد الفرنسي ويؤدي إلى اضطرابات اجتماعية في المستعمرات.
على الرغم من هذه المعارضة، تمكنت الجمعية من تحقيق بعض النجاحات. في عام 1792، أصدرت الجمعية الوطنية قانونًا يمنح حقوقًا متساوية للأشخاص الملونين الأحرار في المستعمرات. ومع ذلك، لم يتم إلغاء العبودية نفسها حتى عام 1794، عندما أصدرت الجمعية الوطنية مرسومًا يلغي العبودية في جميع المستعمرات الفرنسية. كان هذا المرسوم نتيجة للثورة الهايتية، التي أظهرت قوة العبيد المستعبدين في النضال من أجل حريتهم.
لسوء الحظ، لم يدم إلغاء العبودية في فرنسا طويلاً. في عام 1802، أعاد نابليون بونابرت العبودية في المستعمرات الفرنسية. لم يتم إلغاء العبودية بشكل نهائي في فرنسا حتى عام 1848، بعد ثورة 1848.
إرث الجمعية
على الرغم من أنها لم تحقق هدفها الكامل المتمثل في إلغاء العبودية في فرنسا خلال فترة وجودها، إلا أن جمعية أصدقاء السود تركت إرثًا دائمًا. ساعدت الجمعية في إثارة النقاش العام حول العبودية، وحشد الدعم لقضية الإلغاء، وتهيئة الطريق للإلغاء النهائي للعبودية في فرنسا. كما لعبت الجمعية دورًا هامًا في دعم حقوق الأشخاص الملونين الأحرار في فرنسا والمستعمرات.
تعتبر جمعية أصدقاء السود مثالًا مهمًا على دور النشاط الاجتماعي في تغيير الرأي العام والضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات بشأن قضايا العدالة الاجتماعية. تظل ذكرى الجمعية مصدر إلهام للناشطين الذين يواصلون النضال من أجل عالم أكثر عدلاً ومساواة.
خاتمة
تعتبر جمعية أصدقاء السود من الرواد في مجال مناهضة العبودية في فرنسا. على الرغم من التحديات والمعارضة التي واجهتها، إلا أنها نجحت في إحداث تغيير ملموس في الرأي العام والسياسات الحكومية. يظل إرثها حيًا كمثال على قوة العمل الجماعي في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.