نشأته وبداياته
نشأ جوزيف كورنيل في بيئةٍ طبيعية، مما جعله يقدر قيمة العالم من حوله منذ صغره. وقد تأثّر في شبابه بالعديد من الفلاسفة والمفكرين الذين اهتمّوا بالطبيعة، مما دفعه إلى دراسة سلوكيات الحيوانات والنباتات. بدأ كورنيل عمله في مجال تعليم الطبيعة في سن مبكرة، حيث كان يقود رحلاتٍ ميدانية في الطبيعة وينظّم ورش عملٍ للطلاب. وقد اكتسب خبرةً واسعة في هذا المجال، مما مكّنه من تطوير أساليب تعليمية فريدة من نوعها.
فلسفة كورنيل في التعليم
تعتمد فلسفة كورنيل التعليمية على فكرة أن التعلّم يجب أن يكون ممتعًا وتجريبيًا. فهو يؤمن بأن أفضل طريقة لتعليم الأطفال والبالغين عن الطبيعة هي من خلال الانخراط المباشر بها. وقد طوّر كورنيل مجموعةً من التقنيات والأنشطة التي تشجع على التعلّم من خلال اللعب والاستكشاف والتجريب. من بين هذه التقنيات، تقنيات “تعليم الطبيعة الفعّال“، التي تعتمد على خمس خطوات رئيسية:
- الإثارة: البدء بنشاطٍ شيّق يجذب انتباه المتعلمين.
- التجربة: السماح للمتعلمين بالانخراط في الأنشطة التجريبية المباشرة.
- المشاركة: تشجيع المتعلمين على مشاركة تجاربهم وأفكارهم.
- المشاركة: تشجيع المتعلمين على مشاركة تجاربهم وأفكارهم.
- المسؤولية: حثّ المتعلمين على تبني مسؤولية حماية البيئة والمحافظة عليها.
يركز كورنيل على استخدام الحواس في التعلّم، وتشجيع المشاركين على رؤية، ولمس، وشم، وسماع، وتذوق الطبيعة. كما أنه يشجع على التأمل في الطبيعة، والوقت الذي يقضيه الشخص في التفكير بهدوء في محيطه الطبيعي.
مساهماته وأعماله
يعتبر جوزيف كورنيل من الروّاد في مجال تعليم الطبيعة. وقد ألهمتْ أفكاره وأساليبه التعليمية العديد من المعلمين والتربويين حول العالم. كتب كورنيل العديد من الكتب التي تُعنى بتعليم الطبيعة، والتي ترجمت إلى العديد من اللغات، ومن أبرزها:
- شارك مع الطبيعة (Sharing Nature with Children): وهو كتابه الأشهر والأكثر تأثيرًا، وقد أصبح مرجعًا أساسيًا في مجال تعليم الطبيعة للأطفال. يقدم هذا الكتاب مجموعةً متنوعة من الأنشطة والألعاب التي يمكن استخدامها لتعليم الأطفال عن الطبيعة بطريقة ممتعة وتفاعلية.
- رحلات اكتشاف الطبيعة (Sharing the Joy of Nature): يركز هذا الكتاب على تقديم أنشطة ممتعة للكبار، مع التركيز على كيفية تقدير جمال الطبيعة والاستمتاع بها.
- ديوان الطبيعة (Deep Nature Play): يستكشف هذا الكتاب العلاقة العميقة بين الإنسان والطبيعة، ويقدم أساليب مبتكرة للانخراط في الطبيعة على مستوى أعمق.
بالإضافة إلى الكتب، قام كورنيل بتأسيس “مؤسسة مشاركة الطبيعة (Sharing Nature Foundation)”، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى نشر أفكاره وأساليبه التعليمية. وقد قدمت هذه المؤسسة الدعم والتدريب للعديد من المعلمين والتربويين حول العالم.
تأثيره وإرثه
ترك جوزيف كورنيل أثرًا كبيرًا في مجال تعليم الطبيعة والوعي البيئي. فقد ألهم أجيالًا من الناس للاحتفاء بالطبيعة، وتشجيعهم على التعلّم منها وحمايتها. وقد ساهمت أفكاره وأساليبه التعليمية في تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الطبيعة، وجعلها أكثر أهمية في حياتهم اليومية. إن إرث كورنيل مستمر في التأثير على الناس، ويشجعهم على أن يكونوا أكثر وعيًا بالبيئة المحيطة بهم، وأن يتعلّموا منها ويستمتعوا بها.
تقنيات تعليم الطبيعة الفعّال بالتفصيل
كما ذكرنا سابقًا، يركز كورنيل على تقنيات تعليم الطبيعة الفعّال، التي تعتبر حجر الزاوية في منهجه. دعونا نتعمّق أكثر في كل خطوة من هذه الخطوات الخمس:
- الإثارة (Awaken):
تبدأ عملية التعلّم بإنشاء بيئة من الإثارة والتشويق. يمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة، مثل القصص، والألعاب، والأغاني، أو حتى مجرد طرح أسئلة مثيرة للتفكير. الهدف هو جذب انتباه المتعلمين وإثارة فضولهم، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للانخراط في عملية التعلّم.
- التجربة (Focus):
بعد إثارة الاهتمام، يتم توجيه المتعلمين إلى تجارب مباشرة مع الطبيعة. يشمل ذلك استكشاف البيئات الطبيعية، والمشاركة في الأنشطة الحسية (مثل لمس الأشجار، شم الأزهار، الاستماع إلى أصوات الطيور)، أو حتى إجراء تجارب علمية بسيطة. الهدف هو توفير فرص للمتعلمين للتعامل بشكل مباشر مع موضوع التعلّم، مما يساعدهم على فهم المفاهيم بشكل أفضل.
- المشاركة (Share):
بعد التجربة، يشجع كورنيل على تبادل الأفكار والملاحظات. يمكن تحقيق ذلك من خلال المناقشات، والرسم، والكتابة، أو حتى من خلال مشاركة القصص. الهدف هو مساعدة المتعلمين على ربط تجاربهم الشخصية بالمفاهيم التي يتعلمونها، وتعزيز فهمهم العميق.
- التعميم (Generalize):
في هذه المرحلة، يتم ربط التجربة المباشرة بالمفاهيم الأوسع. يتم ذلك من خلال مساعدة المتعلمين على تحديد الأنماط، وإيجاد العلاقات، وفهم كيف تتناسب التجربة مع الصورة الأكبر للطبيعة. يمكن أن يشمل ذلك مناقشة أهمية التنوع البيولوجي، أو كيف تتفاعل الكائنات الحية مع بعضها البعض.
- المسؤولية (Celebrate):
تختتم عملية التعلّم بالاحتفال بالطبيعة وبما تم تعلمه. يمكن أن يشمل ذلك إقامة حفلات، أو إنشاء فنون تعبيرية، أو حتى مجرد تخصيص وقت للتفكير في جمال الطبيعة. الهدف هو تعزيز الشعور بالانتماء إلى الطبيعة، وتشجيع المتعلمين على تبني مسؤولية حماية البيئة.
من خلال تطبيق هذه الخطوات، يمكن للمعلمين والآباء والأمهات والمربّين إنشاء تجارب تعليمية غنية وفعالة، تساعد على تعزيز حب الطبيعة، وتنمية الوعي البيئي، وتشجيع السلوكيات المستدامة.
أمثلة على الأنشطة التي يستخدمها جوزيف كورنيل
يقدم جوزيف كورنيل مجموعة واسعة من الأنشطة التي يمكن استخدامها في تعليم الطبيعة. تشمل هذه الأنشطة:
- رحلات المشي في الطبيعة: تشجيع المشاركين على استكشاف البيئات الطبيعية المختلفة، مثل الغابات، والمتنزهات، والشواطئ.
- ألعاب الملاحظة: مثل لعبة “أنا أتجسس”، التي تشجع على الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة في الطبيعة.
- أنشطة الحسية: مثل لمس النباتات، وشم الأزهار، والاستماع إلى أصوات الطيور.
- صنع الفن في الطبيعة: استخدام المواد الطبيعية لإنشاء الأعمال الفنية، مثل الرسم على الصخور، أو صنع المنحوتات من الطين.
- القصص والأساطير: استخدام القصص والأساطير لتعليم الأطفال عن الطبيعة وثقافاتها.
- مراقبة الحيوانات والنباتات: تعلّم كيفية تحديد أنواع الحيوانات والنباتات المختلفة، ومراقبة سلوكها.
هذه مجرد أمثلة قليلة من الأنشطة التي يستخدمها جوزيف كورنيل. يمكن تكييف هذه الأنشطة لتناسب مختلف الفئات العمرية، والبيئات، والاهتمامات.
نصائح لتطبيق أساليب كورنيل
إذا كنت ترغب في تطبيق أساليب جوزيف كورنيل في تعليم الطبيعة، إليك بعض النصائح:
- ابدأ بالأساسيات: ابدأ باستكشاف البيئة الطبيعية من حولك، والتركيز على العناصر الأساسية مثل الأشجار، والزهور، والحيوانات.
- كن مبدعًا: لا تخف من تجربة الأنشطة المختلفة، وإيجاد طرق جديدة لإشراك المتعلمين.
- اجعل الأمر ممتعًا: تذكر أن الهدف هو جعل التعلّم ممتعًا وتجريبيًا.
- استخدم الحواس: شجع المتعلمين على استخدام جميع حواسهم لاستكشاف الطبيعة.
- كن صبورًا: قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يعتاد المتعلمون على أساليب كورنيل، لذا كن صبورًا وداعما.
- استلهم من الطبيعة: كن منفتحًا على التعلّم من الطبيعة نفسها. اترك المتعلمين يسترشدون بفضولهم واهتماماتهم.
الخلاصة
جوزيف بهارات كورنيل شخصيةٌ ألهمتْ الملايين حول العالم بأساليبها المبتكرة في تعليم الطبيعة. لقد أظهر لنا كورنيل أن التعلّم عن الطبيعة يمكن أن يكون ممتعًا ومجزياً، وأن الانخراط المباشر في الطبيعة هو مفتاح فهمها والاحتفاء بها. من خلال تقنياته التعليمية الفريدة، وكتبه الملهمة، ومؤسسته الناشطة، ساهم كورنيل في تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الطبيعة، وتشجيعهم على أن يصبحوا أكثر وعيًا بالبيئة المحيطة بهم، وأن يتعلّموا منها ويستمتعوا بها. إن إرثه التعليمي مستمر في النمو والتأثير، ويذكرنا بأهمية الحفاظ على عالمنا الطبيعي للأجيال القادمة.