أصل الشريان الأنفي الظهري ومساره
ينشأ الشريان الأنفي الظهري كأحد الفرعين النهائيين للشريان العيني، وهو شريان ينشأ من الشريان السباتي الباطن. بعد أن يعبر الشريان العيني الحجاج، يصعد الشريان الأنفي الظهري على طول الحافة العلوية الإنسية للحجاج. يسير الشريان بعد ذلك بين العضلة المائلة العلوية والغضروف الأنفي، ثم يظهر على الوجه. يمر الشريان غالبًا تحت العضلة الرافعة للشفة العلوية وناصرة الأنف.
أثناء مساره، يرافق الشريان الأنفي الظهري العصب الأنفي الهدبي. يمد هذا الشريان الدم إلى العديد من المناطق الحيوية في الوجه، بما في ذلك:
- جلد الأنف.
- العظم الأنفي.
- الجزء الإنسي من الجفن العلوي.
- الكيس الدمعي.
- الجزء الأمامي من الحاجز الأنفي.
يتفاغر الشريان الأنفي الظهري مع فروع من الشريان الوجهي، مما يضمن إمدادًا دمويًا كافيًا للأنف والمنطقة المحيطة به. هذا التفاغر مهم بشكل خاص في الحالات التي يحدث فيها انسداد في أحد الشرايين، حيث يمكن للشرايين الأخرى أن تعوض وتوفر الدم اللازم.
التشريح المجهري للشريان الأنفي الظهري
لتشريح الشريان الأنفي الظهري أهمية كبيرة في فهم وظائفه والأمراض التي قد تصيبه. يتكون الشريان الأنفي الظهري، كغيره من الشرايين، من ثلاث طبقات رئيسية:
- الطبقة الداخلية (الغلالة الباطنة): وهي الطبقة الداخلية التي تتكون من خلايا بطانية. تلعب هذه الخلايا دورًا حاسمًا في تنظيم تدفق الدم ومنع تكوين الجلطات الدموية.
- الطبقة الوسطى (الغلالة الوسطى): تتكون هذه الطبقة بشكل أساسي من العضلات الملساء والألياف المرنة. تسمح هذه الطبقة للشريان بالانقباض والانبساط، مما يساعد على تنظيم ضغط الدم وتدفق الدم.
- الطبقة الخارجية (الغلالة الخارجية): وهي الطبقة الخارجية التي تتكون من النسيج الضام. توفر هذه الطبقة الدعم والحماية للشريان.
يختلف سمك هذه الطبقات وتكوينها اعتمادًا على قطر الشريان وموقعه. في الشريان الأنفي الظهري، تكون الطبقة الوسطى أكثر سمكًا نظرًا للدور الذي يلعبه الشريان في تنظيم تدفق الدم في منطقة الوجه.
الأهمية السريرية للشريان الأنفي الظهري
يعد الشريان الأنفي الظهري ذا أهمية سريرية كبيرة بسبب دوره في إمداد الأنف بالدم، وهو ما ينعكس في عدة جوانب:
- جراحات الأنف: يعتبر فهم تشريح الشريان الأنفي الظهري أمرًا بالغ الأهمية للجراحين الذين يقومون بجراحات الأنف، مثل عمليات تجميل الأنف (rhinoplasty). يمكن أن يؤدي تلف الشريان إلى نزيف شديد أو تلف الأنسجة.
- إعادة بناء الأنف: يستخدم الشريان الأنفي الظهري في بعض الأحيان في عمليات إعادة بناء الأنف. يمكن استخدام السديلة الجلدية المستندة إلى هذا الشريان لتغطية العيوب في الأنف أو الوجه.
- التهاب الأنف: يمكن أن يؤدي التهاب الأنف إلى تضخم الأوعية الدموية في الأنف، بما في ذلك الشريان الأنفي الظهري. هذا يمكن أن يسبب احتقان الأنف ونزيف الأنف.
- الأورام: قد تتأثر الأوعية الدموية، بما في ذلك الشريان الأنفي الظهري، بالأورام التي تنمو في منطقة الوجه. هذا يمكن أن يسبب أعراضًا مثل النزيف والألم.
لذلك، فإن المعرفة الدقيقة بتشريح الشريان الأنفي الظهري تمكن الأطباء من تشخيص وعلاج الحالات المتعلقة بالأنف والوجه بدقة وفعالية.
الأمراض والحالات التي تؤثر على الشريان الأنفي الظهري
كما هو الحال مع أي شريان آخر، يمكن أن يتأثر الشريان الأنفي الظهري بعدد من الأمراض والحالات. تشمل هذه:
- النزيف الأنفي (Epistaxis): يمكن أن يكون الشريان الأنفي الظهري مصدرًا للنزيف الأنفي، خاصة في المنطقة الأمامية من الأنف (منطقة كيسيلباخ). يمكن أن يحدث النزيف بسبب إصابة أو التهاب أو جفاف الغشاء المخاطي للأنف.
- التهاب الأوعية الدموية (Vasculitis): يمكن أن يؤدي التهاب الأوعية الدموية، وهو التهاب في جدران الأوعية الدموية، إلى إتلاف الشريان الأنفي الظهري. يمكن أن يسبب هذا الألم والنزيف وتلف الأنسجة.
- الانسداد الشرياني: يمكن أن يؤدي انسداد الشريان الأنفي الظهري إلى نقص تروية الأنسجة في الأنف. قد يكون الانسداد ناتجًا عن جلطة دموية أو تصلب الشرايين.
- التشوهات الخلقية: في بعض الحالات، قد يولد الأشخاص بتشوهات في الشريان الأنفي الظهري. يمكن أن تشمل هذه التشوهات الشرايين المتوسعة أو غير الطبيعية.
- إصابات الوجه: يمكن أن تؤدي إصابات الوجه، مثل الكسور أو الجروح، إلى تلف الشريان الأنفي الظهري، مما يسبب النزيف أو تلف الأنسجة.
يعتمد علاج هذه الحالات على السبب وشدة الأعراض. قد يشمل العلاج الأدوية، مثل مضادات الالتهاب أو مضادات التخثر، أو الجراحة لإصلاح تلف الأوعية الدموية أو إزالة الانسدادات.
أهمية التفاغر بين الشريان الأنفي الظهري والشرايين الأخرى
التفاغر هو مصطلح يشير إلى الاتصال بين الأوعية الدموية، مما يسمح بتدفق الدم من مسار إلى آخر. في حالة الشريان الأنفي الظهري، هناك تفاغر مهم مع الشريان الوجهي والشرايين الأخرى في الوجه. هذا التفاغر له أهمية كبيرة للأسباب التالية:
- التعويض عن الانسداد: إذا تم حظر الشريان الأنفي الظهري، يمكن للدم أن يتدفق عبر الشرايين المتفاغرة لضمان استمرار إمداد الدم للأنسجة.
- تقليل خطر نقص التروية: يساعد التفاغر على تقليل خطر نقص التروية في حالة الإصابة أو المرض.
- دعم الشفاء: يساهم التفاغر في عملية الشفاء بعد الإصابة أو الجراحة.
لذلك، فإن فهم التفاغر بين الشريان الأنفي الظهري والشرايين الأخرى أمر ضروري في التشخيص والعلاج.
طرق التصوير المستخدمة لدراسة الشريان الأنفي الظهري
هناك العديد من طرق التصوير المستخدمة لدراسة الشريان الأنفي الظهري وتقييم صحته. تشمل هذه:
- التصوير المقطعي المحوسب (CT): يمكن أن يوفر التصوير المقطعي المحوسب صورًا تفصيلية للشرايين والأنسجة المحيطة بها. يمكن استخدامه للكشف عن الانسدادات أو التشوهات في الشريان الأنفي الظهري.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يمكن أن يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي صورًا عالية الدقة للشرايين والأنسجة الرخوة. يمكن استخدامه لتقييم تدفق الدم وتقييم الأورام أو الالتهابات.
- تصوير الأوعية (Angiography): يتضمن تصوير الأوعية حقن صبغة في الشرايين ثم التقاط صور بالأشعة السينية. يمكن استخدامه لتصور الشرايين بشكل مباشر وتقييم الانسدادات أو التشوهات.
- الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): يمكن استخدام الموجات فوق الصوتية لتقييم تدفق الدم في الشريان الأنفي الظهري بشكل غير جراحي.
تساعد هذه التقنيات الأطباء على تشخيص الأمراض المتعلقة بالشريان الأنفي الظهري ووضع خطط العلاج المناسبة.
العلاقة بين الشريان الأنفي الظهري والجماليات
بالإضافة إلى دوره الوظيفي، يلعب الشريان الأنفي الظهري دورًا في الجماليات. نظرًا لأنه يمد الدم إلى جلد الأنف، فإن أي تغيير في تدفق الدم أو صحة الشريان يمكن أن يؤثر على مظهر الأنف. على سبيل المثال:
- احمرار الأنف: قد يؤدي التهاب الأوعية الدموية أو تضخم الشرايين إلى احمرار الأنف.
- تغير لون الجلد: يمكن أن يؤدي نقص التروية أو تلف الأنسجة إلى تغير لون الجلد.
- الوذمة (التورم): يمكن أن تساهم مشاكل الشرايين في تورم الأنف.
لهذا السبب، يعتبر فهم الشريان الأنفي الظهري أمرًا مهمًا لجراحي التجميل والأطباء الذين يعالجون مشاكل الوجه.
نصائح للحفاظ على صحة الشرايين في الوجه
للحفاظ على صحة الشرايين في الوجه، بما في ذلك الشريان الأنفي الظهري، يوصى باتباع النصائح التالية:
- الإقلاع عن التدخين: يزيد التدخين من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والتي يمكن أن تؤثر على شرايين الوجه.
- اتباع نظام غذائي صحي: يجب اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، مع الحد من الدهون المشبعة والكوليسترول.
- ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد ممارسة الرياضة على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
- السيطرة على ضغط الدم والكوليسترول: يجب فحص ضغط الدم والكوليسترول بانتظام، والسيطرة عليهما إذا لزم الأمر.
- الحماية من التعرض المفرط للشمس: يمكن أن يتلف التعرض المفرط للشمس الجلد والأوعية الدموية.
باتباع هذه النصائح، يمكنك المساعدة في الحفاظ على صحة الشرايين في وجهك وتقليل خطر الإصابة بالأمراض.
خاتمة
الشريان الأنفي الظهري هو شريان حيوي يمد الأنف والمنطقة المحيطة به بالدم. ينشأ من الشريان العيني ويتفاغر مع الشرايين الأخرى في الوجه، مما يضمن إمدادًا دمويًا كافيًا. يعد فهم تشريح الشريان الأنفي الظهري وأهميته السريرية أمرًا بالغ الأهمية للتشخيص والعلاج الفعال للحالات المتعلقة بالأنف والوجه. يجب على الأفراد اتخاذ خطوات للحفاظ على صحة شرايينهم في الوجه من خلال تبني نمط حياة صحي.
المراجع
- Moore, K. L., Dalley, A. F., & Agur, A. M. R. (2018). Clinically oriented anatomy. Wolters Kluwer.
- Anatomy TV.
- Karkos, P. D., et al. (2005). The dorsal nasal artery: An anatomical study.
- Standring, S. (2016). Gray’s anatomy: The anatomical basis of clinical practice. Elsevier.
“`