التصميم والبناء
تم تصميم مدمرات الفئة S لتلبية متطلبات البحرية الملكية خلال الحرب العالمية الثانية. تميزت هذه السفن بتصميم قوي وقدرة على التحمل، مما جعلها مناسبة للعمليات في المحيط الأطلسي، وكذلك في البحر الأبيض المتوسط. تم بناء ساوماريز في حوض بناء السفن في جون براون وكومباني في كلايدبانك، اسكتلندا. بدأ بناءها في 31 يوليو 1941، وتم إطلاقها في 20 أكتوبر 1942، وأُدرجت في الخدمة في 1 يوليو 1943.
كانت ساوماريز مسلحة بستة مدافع عيار 4.7 بوصات (120 ملم) في ثلاثة أبراج مزدوجة، بالإضافة إلى ستة مدافع مضادة للطائرات من عيار 20 ملم. كما كانت مجهزة بأنابيب طوربيد ثلاثية عيار 21 بوصة (533 ملم) لقذائف الطوربيد، وقدرة على حمل القنابل العميقة لمكافحة الغواصات. كان تصميمها يهدف إلى تحقيق توازن بين القدرة على الهجوم والدفاع، مما يجعلها سفينة متعددة الاستخدامات.
الخدمة في الحرب العالمية الثانية
شهدت ساوماريز خدمة مكثفة خلال الحرب العالمية الثانية، حيث شاركت في العديد من العمليات الهامة. في عام 1943، شاركت في مرافقة القوافل عبر المحيط الأطلسي، وحماية السفن التجارية من هجمات الغواصات الألمانية. في عام 1944، شاركت في غزو نورماندي، حيث قامت بدعم القوات البرية بقصف السواحل الألمانية.
أحد أبرز مشاركات ساوماريز خلال الحرب كان في معركة شمال رأس ماتابان. في تلك المعركة، التي وقعت في مارس 1941، شاركت ساوماريز في تدمير العديد من السفن الحربية الإيطالية. ساهمت مدمرة ساوماريز في إغراق السفينة الحربية الإيطالية بولا.
في أبريل 1942، شاركت ساوماريز في غارة على تركة، وهي عملية بحرية استهدفت ميناء تركة في النرويج. كانت هذه الغارة تهدف إلى تعطيل العمليات الألمانية في المنطقة. أظهر طاقم ساوماريز شجاعة وبسالة في هذه العملية.
كانت ساوماريز واحدة من السفن القليلة التي شهدت نهاية الحرب. خدمت السفينة في جميع أنحاء الحرب، وشهدت العديد من المعارك. ساهمت في إنقاذ الكثير من الأرواح.
معركة مضيق كورفو
ربما تكون ساوماريز أكثر شهرة بدورها في معركة مضيق كورفو في عام 1946. في 22 أكتوبر 1946، كانت ساوماريز تبحر عبر مضيق كورفو مع مدمرتين أخريين، إتش إم إس سيفاير وإتش إم إس فولاج. كانت السفن في مهمة لإظهار العلم البريطاني في المياه الدولية، رداً على مطالبة الحكومة الألبانية بالسيطرة على المضيق.
أثناء الإبحار في المضيق، اصطدمت ساوماريز بلغم. تسبب الانفجار في أضرار جسيمة للسفينة، وأدى إلى غرقها بسرعة. لقي 99 من أفراد الطاقم حتفهم في الانفجار أو غرقوا بعد ذلك. تمكنت السفن الأخرى من إنقاذ عدد قليل من الناجين.
كانت معركة مضيق كورفو حادثًا خطيرًا أدى إلى توتر العلاقات بين المملكة المتحدة وألبانيا. اتهمت بريطانيا ألبانيا بزرع الألغام في المضيق، بينما نفت ألبانيا أي مسؤولية. أدى الحادث إلى قضية في محكمة العدل الدولية، حيث حكمت المحكمة لصالح بريطانيا، وأمرت ألبانيا بدفع تعويضات.
التراث
يعتبر فقدان إتش إم إس ساوماريز بمثابة تذكير بمخاطر الحرب، وبسالة البحارة الذين يخدمون في البحرية. لا يزال حطام السفينة موجودًا في قاع مضيق كورفو، كشاهد على التضحيات التي قدمها طاقمها. تم تخليد ذكرى ساوماريز في العديد من النصب التذكارية، بما في ذلك نصب تذكاري في المملكة المتحدة.
ساهمت إتش إم إس ساوماريز بشكل كبير في جهود الحرب خلال الحرب العالمية الثانية، وتُذكر بشجاعتها والتزامها بالواجب. على الرغم من نهايتها المأساوية، إلا أن تراثها لا يزال حيًا، كتذكير بأهمية السلام والأمان.
تفاصيل إضافية
بصرف النظر عن مشاركتها في العمليات القتالية، لعبت ساوماريز دورًا في تدريب البحارة وتطوير التكتيكات البحرية. كما أنها شاركت في رحلات استطلاعية وأنشطة دبلوماسية بعد انتهاء الحرب.
تم تجهيز السفينة بمعدات متطورة في ذلك الوقت، بما في ذلك الرادار والسونار، مما سمح لها بتحديد وتدمير السفن والغواصات المعادية. كما أن تصميمها كان يركز على زيادة سرعة المناورة.
كانت ساوماريز سفينة قوية ومتينة، قادرة على تحمل الظروف الجوية القاسية والعمليات المكثفة. مكنتها هذه الصفات من أداء مهامها بكفاءة وفعالية، مما ساهم في نجاحها في ساحة المعركة.
تقييم الأضرار و التحقيقات
بعد غرق ساوماريز، بدأت تحقيقات لتحديد أسباب الحادث والمسؤولين عنه. أظهرت التحقيقات أن السفينة اصطدمت بلغم، مما أدى إلى انفجار هائل وغرقها السريع. ألقى الحادث بظلاله على العلاقات بين بريطانيا وألبانيا، وأدى إلى توترات سياسية.
أظهرت التحقيقات أن الألغام زرعت في المياه من قبل جهات مجهولة، مما أدى إلى وفاة العشرات من أفراد الطاقم. كانت هذه الحادثة بمثابة تذكير بمخاطر الحرب والألغام البحرية.
جهود الإنقاذ
بعد غرق ساوماريز، بدأت جهود الإنقاذ لانتشال الناجين من المياه. تمكنت السفن الأخرى المتواجدة في المنطقة من إنقاذ عدد قليل من الناجين، ولكن للأسف، فقد معظم أفراد الطاقم حياتهم. عكست جهود الإنقاذ شجاعة وتفاني البحارة في أداء واجبهم.
كانت جهود الإنقاذ صعبة بسبب الظروف الجوية السيئة والظلام الدامس. عمل رجال الإنقاذ بجد لإنقاذ أي ناجين محتملين، ولكن للأسف، لم يتمكنوا من إنقاذ سوى عدد قليل منهم.
معركة كورفو وتأثيرها الدولي
أدت معركة مضيق كورفو إلى تفاقم التوترات بين بريطانيا وألبانيا، وأثارت قضايا قانونية ودبلوماسية كبيرة. قدمت بريطانيا شكوى إلى الأمم المتحدة، متهمة ألبانيا بزرع الألغام في المياه الدولية. أدى الحادث إلى توترات في العلاقات الدولية.
أدت معركة كورفو إلى صدور حكم من محكمة العدل الدولية، حيث حكمت المحكمة لصالح بريطانيا، وأمرت ألبانيا بدفع تعويضات. كان هذا الحكم بمثابة تأكيد على أهمية احترام القوانين الدولية وحقوق الملاحة.
إرث إتش إم إس ساوماريز
لا يزال حطام إتش إم إس ساوماريز موجودًا في قاع مضيق كورفو، كشاهد على التضحيات التي قدمها طاقمها. يمثل الحطام نصبًا تذكاريًا للبحارة الذين فقدوا أرواحهم في البحر. يتم الاحتفال بذكرى ساوماريز في العديد من النصب التذكارية، كتذكير بأهمية السلام والأمن.
يستمر تراث إتش إم إس ساوماريز في إلهام الأجيال القادمة، كرمز للشجاعة والتضحية والالتزام بالواجب. قصتها هي تذكير دائم بمخاطر الحرب وأهمية السلام.
خاتمة
كانت إتش إم إس ساوماريز مدمرة بريطانية خدمت بشجاعة خلال الحرب العالمية الثانية، وشهدت العديد من العمليات الهامة. على الرغم من نهايتها المأساوية في معركة مضيق كورفو، إلا أن تراثها لا يزال حيًا، كتذكير بشجاعة طاقمها وتضحياتهم. تعد ساوماريز مثالًا على السفن التي أدت دورًا حاسمًا في التاريخ البحري.