مقدمة
حمض البونجكري (بالإنجليزية: Bongkrek acid)، المعروف أيضًا باسم حمض البونجكريليك، هو سم تنفسي قوي ينتج في الأطعمة المخمرة الملوثة، خاصةً تلك المصنوعة من جوز الهند أو الذرة. ينتج هذا السم عن طريق بكتيريا Burkholderia gladioli pathovar cocovenenans، وهي بكتيريا انتهازية يمكن أن تنمو في الأطعمة إذا لم يتم تخزينها أو تحضيرها بشكل صحيح. يؤدي تناول الأطعمة الملوثة بحمض البونجكري إلى تسمم غذائي خطير، غالبًا ما يكون قاتلاً.
تاريخ الاكتشاف
تم اكتشاف حمض البونجكري لأول مرة في إندونيسيا في أوائل القرن العشرين، حيث كان مرتبطًا بحالات تسمم جماعي ناتجة عن تناول “تمبه بونجكري” (Tempe Bongkrek)، وهو نوع من التمبه مصنوع من جوز الهند. أدت هذه الحوادث إلى دراسة مكثفة للسم والبكتيريا المنتجة له، مما ساهم في فهمنا الحالي لهذه المادة السامة.
آلية العمل السامة
يعمل حمض البونجكري عن طريق تثبيط بروتين ناقل الأدينين النووي (ANT) الموجود في غشاء الميتوكوندريا. هذا البروتين ضروري لنقل الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP)، وهو المصدر الرئيسي للطاقة في الخلية، من الميتوكوندريا إلى السيتوبلازم، حيث يمكن استخدامه لتشغيل العمليات الخلوية. عندما يتم تثبيط ANT، لا يمكن للخلايا الحصول على ما يكفي من الطاقة، مما يؤدي إلى تلف الأعضاء وفشل وظائفها الحيوية.
يؤثر حمض البونجكري بشكل خاص على الأعضاء ذات الاحتياجات العالية من الطاقة، مثل الكبد والكلى والدماغ. يمكن أن يؤدي التسمم بحمض البونجكري إلى أعراض مثل:
- الغثيان والقيء
- آلام في البطن
- الضعف العام
- التعرق المفرط
- انخفاض سكر الدم (نقص السكر في الدم)
- فشل الكبد
- فشل الكلى
- اعتلال الدماغ (تلف الدماغ)
- الغيبوبة
- الموت
غالبًا ما يكون معدل الوفيات الناجمة عن التسمم بحمض البونجكري مرتفعًا جدًا، حتى مع الرعاية الطبية الفورية.
الأطعمة المعرضة للخطر
الأطعمة الأكثر عرضة لخطر التلوث بحمض البونجكري هي تلك المصنوعة من جوز الهند أو الذرة المخمرة، خاصةً في البيئات التي تكون فيها ممارسات النظافة والسلامة الغذائية غير كافية. تشمل بعض الأمثلة:
- تمبه بونجكري (Tempe Bongkrek): نوع من التمبه الإندونيسي مصنوع من جوز الهند.
- أطعمة الذرة المخمرة: بعض الأطباق التقليدية في أفريقيا وآسيا التي تعتمد على الذرة المخمرة.
- زيت جوز الهند المنتج منزليًا: في بعض الحالات، يمكن أن يتلوث زيت جوز الهند المنتج منزليًا إذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
الوقاية من التسمم بحمض البونجكري
تعتبر الوقاية هي المفتاح لتجنب التسمم بحمض البونجكري. تشمل التدابير الوقائية الهامة:
- ممارسات النظافة الجيدة: يجب غسل اليدين والأدوات والأسطح جيدًا قبل وأثناء وبعد تحضير الطعام.
- التخزين السليم للأطعمة: يجب تخزين الأطعمة في درجات حرارة مناسبة لمنع نمو البكتيريا. يجب تبريد الأطعمة القابلة للتلف على الفور.
- الطهي الكافي: يجب طهي الأطعمة جيدًا لقتل أي بكتيريا ضارة قد تكون موجودة.
- تجنب الأطعمة المعرضة للخطر: يجب توخي الحذر عند تناول الأطعمة المصنوعة من جوز الهند أو الذرة المخمرة، خاصةً إذا لم تكن المصادر موثوقة أو إذا كانت ممارسات السلامة الغذائية غير واضحة.
- التوعية العامة: يجب تثقيف الجمهور حول مخاطر حمض البونجكري وكيفية الوقاية من التسمم.
الأعراض والعلاج
تظهر أعراض التسمم بحمض البونجكري عادةً في غضون ساعات قليلة إلى بضعة أيام بعد تناول الطعام الملوث. تشمل الأعراض الشائعة:
- الغثيان والقيء
- آلام في البطن
- الضعف العام
- التعرق المفرط
- الدوخة
- ضيق التنفس
- عدم انتظام ضربات القلب
في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي التسمم إلى فشل الكبد والكلى، وتلف الدماغ، والغيبوبة، والموت.
لا يوجد ترياق محدد لحمض البونجكري. يركز العلاج على دعم وظائف الجسم الحيوية وتقليل امتصاص السم. تشمل خيارات العلاج:
- غسل المعدة: لإزالة أي طعام متبقي من المعدة.
- إعطاء الفحم النشط: لامتصاص السم في الجهاز الهضمي.
- دعم الجهاز التنفسي: قد يكون من الضروري استخدام جهاز التنفس الصناعي إذا كان المريض يعاني من صعوبة في التنفس.
- علاج الأعراض: مثل إعطاء السوائل عن طريق الوريد لعلاج الجفاف، والأدوية لخفض الحمى، والأدوية لعلاج النوبات.
- غسيل الكلى: في حالة فشل الكلى.
من المهم طلب العناية الطبية الفورية إذا كنت تشك في أنك أو أي شخص تعرفه قد تسمم بحمض البونجكري. كلما تم تلقي العلاج مبكرًا، زادت فرص البقاء على قيد الحياة.
الدراسات والأبحاث
يواصل الباحثون دراسة حمض البونجكري والبكتيريا المنتجة له لفهم آلية عمل السم بشكل أفضل وتطوير طرق جديدة للوقاية والعلاج. تركز بعض الأبحاث الحالية على:
- تطوير اختبارات سريعة للكشف عن حمض البونجكري في الأطعمة: سيسمح ذلك بالكشف المبكر عن الأطعمة الملوثة ومنع انتشار التسمم.
- دراسة العوامل التي تؤثر على نمو بكتيريا Burkholderia gladioli pathovar cocovenenans: سيساعد ذلك في تطوير استراتيجيات لمنع نمو البكتيريا في الأطعمة.
- البحث عن مضادات السموم المحتملة: على الرغم من عدم وجود ترياق محدد حاليًا، إلا أن الباحثين يبحثون عن مواد يمكن أن تحيد تأثيرات حمض البونجكري.
أهمية السلامة الغذائية
تعتبر قضية حمض البونجكري مثالًا صارخًا على أهمية السلامة الغذائية. يمكن أن يكون للأطعمة الملوثة عواقب وخيمة على الصحة العامة، وحتى الموت. يجب على الحكومات والمنتجين والمستهلكين العمل معًا لضمان سلامة إمداداتنا الغذائية. تشمل بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها:
- وضع وتنفيذ لوائح السلامة الغذائية الصارمة: يجب على الحكومات وضع لوائح تضمن إنتاج وتجهيز وتوزيع الأطعمة بطريقة آمنة.
- تدريب العاملين في مجال الأغذية: يجب تدريب العاملين في مجال الأغذية على ممارسات السلامة الغذائية المناسبة.
- تفتيش المنشآت الغذائية بانتظام: يجب تفتيش المنشآت الغذائية بانتظام للتأكد من أنها تلتزم بلوائح السلامة الغذائية.
- تثقيف الجمهور حول السلامة الغذائية: يجب تثقيف الجمهور حول كيفية التعامل مع الطعام وتخزينه وطهيه بأمان.
خاتمة
حمض البونجكري هو سم قوي يمكن أن يؤدي إلى تسمم غذائي خطير، غالبًا ما يكون قاتلاً. ينتج هذا السم عن طريق بكتيريا Burkholderia gladioli pathovar cocovenenans، التي تنمو في الأطعمة المخمرة الملوثة، خاصةً تلك المصنوعة من جوز الهند أو الذرة. تعتبر الوقاية هي المفتاح لتجنب التسمم بحمض البونجكري، وتشمل ممارسات النظافة الجيدة، والتخزين السليم للأطعمة، والطهي الكافي، وتجنب الأطعمة المعرضة للخطر. إذا كنت تشك في أنك أو أي شخص تعرفه قد تسمم بحمض البونجكري، فاطلب العناية الطبية الفورية.