نشأته وبداياته
ولد جورج ماونتن في بلدة نوي، نورفولك، إنجلترا. كان الابن الثالث للقس جاكوب ماونتن، أول أسقف أنجليكاني لمدينة كيبيك، وزوجته إليزابيث ماونتن (اسمها قبل الزواج أوليفر). تلقى تعليمه المبكر في إنجلترا، قبل أن يرافق عائلته إلى كندا عام 1793 عندما تم تعيين والده أسقفًا. تأثر جورج بشدة بوالده، الذي كان له تأثير كبير على حياته الدينية والفكرية.
في سن مبكرة، أظهر جورج اهتمامًا بالتعليم واللاهوت. التحق بكلية كينغز (King’s College) في وندسور، نوفا سكوشا، وتخرج منها عام 1807. بعد تخرجه، عاد إلى إنجلترا حيث تمت رسامته كاهنًا في الكنيسة الأنجليكانية عام 1812. بدأ مسيرته الكهنوتية في إنجلترا قبل أن يعود إلى كندا.
العودة إلى كندا والخدمة الدينية
عاد جورج ماونتن إلى كندا عام 1814، وعُين قسيسًا في كنيسة الثالوث في مدينة كيبيك. بدأ عمله في كندا في فترة شهدت نموًا كبيرًا في المستعمرات البريطانية. كان عليه أن يتعامل مع تحديات مختلفة، بما في ذلك قلة عدد رجال الدين، والحاجة إلى توفير التعليم، والتعامل مع الطوائف الدينية الأخرى.
في عام 1836، بعد وفاة والده، تم تعيين جورج ماونتن أسقفًا لمدينة كيبيك. وقد أدى هذا الدور بمسؤولية كبيرة، وأظهر قدرة قيادية قوية ورؤية واضحة لمستقبل الكنيسة في كندا. كان يسعى جاهدًا لتعزيز التعليم الديني والتعليم بشكل عام، فضلاً عن الحفاظ على وحدة الكنيسة في مواجهة التحديات المتزايدة.
إسهاماته التعليمية
كان لجورج ماونتن إسهامات كبيرة في مجال التعليم. أدرك أهمية التعليم في تطوير المجتمع، وعمل على تأسيس العديد من المؤسسات التعليمية. كان لديه رؤية طموحة للتعليم، تهدف إلى توفير تعليم جيد لجميع شرائح المجتمع.
من أبرز إسهاماته تأسيس كلية بيشوب (Bishop’s College) في لينوكسفيل، كيبيك، عام 1843. كانت هذه الكلية أول مؤسسة للتعليم العالي في شرق كيبيك، وكان هدفها توفير التعليم الليبرالي واللاهوتي. لعبت الكلية دورًا مهمًا في تطوير التعليم في المنطقة، وخرجت العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع الكندي. ساهمت في نشر المعرفة وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية.
بالإضافة إلى ذلك، عمل ماونتن على دعم المدارس الأخرى والمؤسسات التعليمية الموجودة في جميع أنحاء الأبرشية. كان يؤمن بأهمية توفير التعليم الأولي والثانوي لجميع الأطفال، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية أو الاقتصادية. عمل على تحسين جودة التعليم وتوسيع نطاقه ليشمل أكبر عدد ممكن من الطلاب.
رؤيته للكنيسة الأنجليكانية
كان لجورج ماونتن رؤية واضحة للكنيسة الأنجليكانية في كندا. أراد أن يرى الكنيسة قوية وموحدة، قادرة على مواجهة التحديات الدينية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. آمن بأهمية الحفاظ على العقيدة الأنجليكانية التقليدية، ولكنه في الوقت نفسه كان منفتحًا على التغيير والتكيف مع الظروف الجديدة.
عمل على تعزيز الوعي الديني بين أتباع الكنيسة، من خلال الوعظ والتعليم والأنشطة الكنسية الأخرى. شجع على المشاركة الفعالة في حياة الكنيسة، وعمل على بناء مجتمعات كنسية قوية ومترابطة. كان يسعى إلى بناء علاقات جيدة مع الطوائف الدينية الأخرى، مع الحفاظ على هوية الكنيسة الأنجليكانية.
كان يولي اهتمامًا خاصًا للفقراء والمحرومين. آمن بأن الكنيسة يجب أن تلعب دورًا في خدمة المجتمع، وتلبية احتياجات المحتاجين. عمل على إنشاء برامج الإغاثة والمساعدة الاجتماعية، ودعم الأعمال الخيرية. كان يعتبر أن خدمة الآخرين جزءًا أساسيًا من رسالة الكنيسة.
التحديات والمواقف
واجه جورج ماونتن العديد من التحديات خلال فترة توليه منصب الأسقف. كان عليه أن يتعامل مع التوتر بين الكنديين البريطانيين والفرنسيين، والذين كانت لهم اختلافات ثقافية ودينية كبيرة. واجه أيضًا صعود الحركات العلمانية، التي كانت تشكك في سلطة الكنيسة. بالإضافة إلى ذلك، كان عليه أن يتعامل مع المشاكل المالية التي واجهتها الكنيسة.
في مواجهة هذه التحديات، أظهر ماونتن قيادة قوية وحكمة. حاول الحفاظ على وحدة الكنيسة، مع الحفاظ على علاقات جيدة مع مختلف المجموعات الدينية والاجتماعية. دافع عن القيم الدينية والأخلاقية، وعمل على تعزيز التفاهم والتسامح بين الناس. كان يدرك أهمية التكيف مع التغيير، ولكنه في الوقت نفسه كان حريصًا على الحفاظ على التقاليد والقيم الأساسية للكنيسة.
أثناء فترة أسقفيته، شهدت كندا تغييرات سياسية واجتماعية كبيرة. عمل ماونتن على التكيف مع هذه التغييرات، مع الحفاظ على التزامه بمبادئ الإنجيل. لعب دورًا مهمًا في المجتمع الكندي، وساهم في تشكيل هويته الثقافية والدينية.
إرثه
ترك جورج ماونتن إرثًا دينيًا وتعليميًا كبيرًا. يعتبر من الشخصيات البارزة في تاريخ الكنيسة الأنجليكانية في كندا. ساهمت رؤيته وجهوده في تطوير الكنيسة، وتعزيز التعليم، وخدمة المجتمع. كان شخصية محترمة ومؤثرة، وأثرت حياته على العديد من الناس.
تستمر كلية بيشوب في لعب دور مهم في التعليم العالي في كيبيك، وهي شهادة على رؤيته وجهوده. تذكر الكنيسة الأنجليكانية في كندا إسهاماته في بناء الكنيسة وتعزيز قيمها. يذكر اسمه في سجلات التاريخ كشخصية قيادية مؤثرة في تاريخ كندا.
وفاته
توفي جورج ماونتن في 6 يناير 1863، ودفن في مقبرة كنيسة الثالوث في مدينة كيبيك. ترك خلفه إرثًا دائمًا في كندا، ويذكر كشخصية دينية وتعليمية مهمة.
خاتمة
كان جورج ماونتن شخصية محورية في تاريخ كندا، وشغل منصب أسقف كيبيك الأنجليكاني الثالث. تميزت حياته بالالتزام بالتعليم وتعزيز القيم الدينية، وتأسيس كلية بيشوب كأحد أبرز إنجازاته. ترك إرثًا دينيًا وتعليميًا هامًا لا يزال مؤثرًا حتى اليوم.
المراجع
- George Jehoshaphat Mountain – Wikipedia
- MOUNTAIN, GEORGE JEHOSHAPHAT – Volume IX (1861-1870) – Dictionary of Canadian Biography
- Bishops of Quebec | The Anglican Church of Canada
“`