نشأته وتعليمه
ولد روبرت كيرنز في مدينة غاري، إنديانا. حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة ديترويت (جامعة ديترويت ميرسي حاليًا) ودرجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من جامعة كيس ويسترن ريزرف. كان كيرنز يمتلك عقلًا مبدعًا وشغفًا بالهندسة، وهو ما دفعه إلى البحث عن حلول مبتكرة للمشاكل اليومية.
اختراع ممسحة الزجاج الأمامي المتقطعة
بدأت قصة اختراع كيرنز في أوائل الستينيات، عندما كان يقود سيارته خلال هطول الأمطار الخفيفة. أدرك كيرنز أن المساحات التقليدية، التي تعمل باستمرار، لم تكن فعالة في مثل هذه الظروف. في تلك اللحظة، خطرت له فكرة نظام مساحات متقطع يمكنه محاكاة وميض عين الإنسان. هذا النظام سيسمح للسائق بالرؤية بشكل أفضل في الظروف الجوية المتغيرة، ويوفر أداءً أفضل من المساحات التقليدية.
عمل كيرنز بجد على تطوير نموذجه الأولي، مستخدمًا مكونات بسيطة مثل الترانزستورات والمقاومات. في عام 1964، حصل على براءة اختراع لممسحة الزجاج الأمامي المتقطعة. كان اختراعه يمثل قفزة نوعية في تكنولوجيا السيارات، حيث قدم حلاً عمليًا لمشكلة مزعجة. كان التصميم عبارة عن دائرة إلكترونية تتحكم في فاصل زمني بين حركات مساحات الزجاج الأمامي، مما يسمح للسائق بتعديل التردد بناءً على شدة المطر.
الاستيلاء على براءة الاختراع والمعركة القانونية
بعد حصوله على براءة الاختراع، حاول كيرنز تسويق اختراعه لشركات صناعة السيارات. ومع ذلك، لم تظهر هذه الشركات اهتمامًا كبيرًا في البداية. ومع ذلك، قامت شركات مثل فورد وجنرال موتورز وكرايسلر بتضمين نظام ممسحة الزجاج الأمامي المتقطعة في سياراتهم، دون الحصول على ترخيص من كيرنز أو دفع أي تعويضات له.
عندما أدرك كيرنز أن الشركات الكبرى قد استخدمت اختراعه دون إذنه، قرر اتخاذ إجراءات قانونية. بدأ معركة قانونية طويلة ومعقدة ضد شركات صناعة السيارات. كانت هذه المعركة صعبة للغاية، ليس فقط من الناحية المالية ولكن أيضًا من الناحية النفسية. واجه كيرنز العديد من التحديات، بما في ذلك استخدام المحامين للأساليب التكتيكية، والتشكيك في مصداقيته، والضغط عليه للتنازل عن قضيته.
استمرت المعركة القضائية لسنوات، وشهدت العديد من الإجراءات القانونية. في النهاية، فاز كيرنز في العديد من القضايا، وحصل على تعويضات كبيرة من فورد وكرايسلر. ومع ذلك، كان النصر مرًا. لقد كلفته المعركة القانونية الكثير من وقته وأمواله وصحته. على الرغم من ذلك، أصر كيرنز على مواصلة القتال من أجل حقوقه.
تأثيره وإرثه
كان لاختراع كيرنز وتصميمه للمساحات المتقطعة تأثير كبير على صناعة السيارات. أصبح هذا النظام ميزة قياسية في جميع السيارات تقريبًا، مما يحسن السلامة والراحة للسائقين. بالإضافة إلى ذلك، ألهمت قصة كيرنز الآخرين للدفاع عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم. لقد أظهر للعالم أن الأفراد يمكنهم الوقوف في وجه الشركات الكبرى وتحقيق العدالة.
بالإضافة إلى ذلك، أدت معركة كيرنز القانونية إلى زيادة الوعي بأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية. أصبح مثالًا على أهمية الإبداع والابتكار، وكيف يمكن أن يواجه الأفراد الشركات الكبرى للدفاع عن حقوقهم. أصبحت قصة كيرنز موضوعًا لكتاب وفيلم بعنوان “Flash of Genius”، مما زاد من الوعي بإنجازاته وتضحياته.
تقنيات وتصميم المساحات المتقطعة
يعتمد تصميم ممسحة الزجاج الأمامي المتقطعة لكيرنز على استخدام الدوائر الإلكترونية التي تسمح بالتحكم في الفاصل الزمني بين مسحات المساحات. تتضمن هذه الدوائر عادةً المكونات التالية:
- المؤقت (Timer): يستخدم المؤقت لضبط الفاصل الزمني بين مسحات المساحات.
- المقاومات (Resistors): تستخدم المقاومات لتحديد معدل الشحن والتفريغ في الدائرة، مما يتحكم في الفاصل الزمني.
- المكثفات (Capacitors): تستخدم المكثفات لتخزين الطاقة وإطلاقها، مما يساهم في عمل المؤقت.
- الترانزستورات (Transistors): تستخدم الترانزستورات للتبديل بين أوضاع التشغيل والإيقاف للمساحات.
يسمح هذا التصميم للسائق بضبط الفاصل الزمني بين مسحات المساحات وفقًا لظروف الطقس. على سبيل المثال، في حالة الأمطار الخفيفة، يمكن للسائق زيادة الفاصل الزمني، بينما في حالة الأمطار الغزيرة، يمكن تقليل الفاصل الزمني.
أهمية الاختراع في السلامة
أحدث اختراع كيرنز ثورة في سلامة القيادة، خاصة في الظروف الجوية السيئة. قبل هذا الاختراع، كان لدى السائقين خياران فقط: إما تشغيل المساحات باستمرار، مما قد يشتت الانتباه ويسبب الضوضاء، أو عدم تشغيلها على الإطلاق، مما يقلل من الرؤية. سمح نظام كيرنز المتقطع للسائقين بالحفاظ على رؤية واضحة دون إزعاج، مما يقلل من خطر الحوادث.
من خلال السماح للسائقين بضبط وتيرة المساحات، يوفر النظام رؤية أفضل في مختلف الظروف الجوية. هذا التحسين في الرؤية يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في السلامة على الطريق. أثبت هذا الاختراع أنه ضروري للقيادة الآمنة في جميع أنحاء العالم.
التحديات الأخلاقية والقانونية
لم تكن معركة كيرنز القانونية مجرد مسألة حقوق براءات اختراع، بل كانت أيضًا مسألة أخلاقية. أثار استخدامه براءات الاختراع دون ترخيص أسئلة مهمة حول العدالة والمسؤولية الاجتماعية للشركات. أظهرت قضية كيرنز كيف يمكن للشركات الكبرى أن تستغل الأفراد في سعيها لتحقيق الربح.
أدت هذه القضية إلى تغييرات في قانون براءات الاختراع، مما زاد من حماية حقوق المخترعين. كما ألهمت هذه القضية المزيد من النقاش حول أهمية العدالة والنزاهة في عالم الأعمال. لقد أظهرت أن الحق يجب أن ينتصر في النهاية، حتى لو استغرق ذلك وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا.
التأثير الثقافي
تركت قصة روبرت كيرنز بصمة كبيرة في الثقافة الشعبية. أصبح موضوعًا لفيلم “Flash of Genius”، والذي أتاح للجمهور التعرف على تجربته ومعاناته. ساعد الفيلم على زيادة الوعي بأهمية حقوق الملكية الفكرية وضرورة حماية المخترعين.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت قصة كيرنز رمزًا للنضال من أجل العدالة. ألهمت الكثيرين للدفاع عن حقوقهم وعدم الاستسلام أمام الصعاب. إن إرثه كرمز للمثابرة والإصرار لا يزال يتردد صداه مع الناس في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
كان روبرت كيرنز مخترعًا رائدًا ومهندسًا ميكانيكيًا ترك بصمة دائمة على صناعة السيارات والعالم ككل. اختراعه لممسحة الزجاج الأمامي المتقطعة غيّر سلامة القيادة، وأدت معركته القانونية الشاقة ضد شركات صناعة السيارات الكبرى إلى تغييرات مهمة في قانون براءات الاختراع. على الرغم من التحديات والصعاب التي واجهها، إلا أن إصراره وتفانيه في الدفاع عن حقوقه ألهم الملايين. لا يزال إرث كيرنز يتردد صداه حتى يومنا هذا، كتذكير بأهمية الإبداع والابتكار والعدالة.
المراجع
- Robert Kearns | American inventor | Britannica
- Robert Kearns – Wikipedia
- Robert Kearns, 77, Inventor of Intermittent Windshield Wiper – The New York Times
- Flash of Genius (2008) – IMDb
“`