التصميم والبناء
بدأ تصميم البوارج من فئة بريتاني في عام 1910، وتميزت بكونها أول البوارج الفرنسية التي تتبنى تصميم “الكل أو لا شيء” للحماية، مع التركيز على تدريع المناطق الحيوية فقط. تم بناء السفن الثلاث في هذه الفئة: بريتاني، بروفانس، وسافوا. تم وضع بريتاني في الخدمة في عام 1913، بينما تم وضع بروفانس وسافوا في عام 1915 و 1916 على التوالي. تم تصميم السفن لتكون أطول وأكثر اتساعًا من البوارج الفرنسية السابقة، مما سمح بزيادة قوة النيران والحماية.
تمثل هذه الفئة تحولًا كبيرًا في فلسفة تصميم البوارج الفرنسية. ركز المهندسون على بناء سفن قادرة على تحمل الضربات، مع إعطاء الأولوية لتدريع حاسم على حساب الوزن الزائد. تم تجهيز السفن بمدفعية رئيسية من عيار 340 ملم، وهي قادرة على إطلاق قذائف ثقيلة بمدى فعال. كما اشتملت السفن على عدد من المدافع الثانوية الأصغر حجمًا للدفاع ضد السفن الأخرى والطائرات. كانت هذه السفن مجهزة أيضًا بأنابيب طوربيد تحت الماء لزيادة قدرتها الهجومية.
التسليح
كان التسليح الرئيسي للبوارج من فئة بريتاني يتكون من عشرة مدافع من عيار 340 ملم موزعة في خمسة أبراج مزدوجة. كان هذا التسليح قويًا بشكل ملحوظ في ذلك الوقت، مما منح السفن قوة نيران هائلة. بالإضافة إلى ذلك، حملت السفن 22 مدفعًا ثانويًا من عيار 138.6 ملم، والتي استخدمت للدفاع ضد السفن الأصغر حجمًا والقوارب. كما تم تجهيز السفن بأنابيب طوربيد تحت الماء، على الرغم من أن فعاليتها كانت محدودة نسبيًا.
تفوقت هذه السفن في قدرتها على إطلاق النار على مسافات طويلة، بفضل تصميم الأبراج الذي سمح برفع المدافع بزوايا عالية. كانت السفن قادرة على إطلاق قذائف شديدة الانفجار وخرق الدروع، مما جعلها تهديدًا خطيرًا لأي سفينة معادية. كانت مدافعها الثانوية فعالة في توفير غطاء دفاعي ضد هجمات الزوارق الحربية والطائرات في وقت لاحق. مثل هذا التسليح المتوازن جعل هذه البوارج وحدات قتالية متعددة الاستخدامات.
الحماية
اعتمدت البوارج من فئة بريتاني على نظام حماية “الكل أو لا شيء”، والذي ركز على تدريع المناطق الحيوية فقط مثل مخازن الذخيرة وغرف المحركات. تم تصميم حزام الدرع الرئيسي للسفن من الفولاذ المقسى بسمك يصل إلى 270 ملم، مما يوفر حماية كبيرة ضد قذائف العدو. كما تم تدريع الأسطح والأبراج بشكل جيد لحماية السفن من هجمات الغارات الجوية والمدفعية.
تم تصميم نظام التدريع لحماية السفن من قذائف المدفعية الثقيلة والطوربيدات. تم تصميم الدرع ليتحمل ضربات مباشرة، مع الحد من الأضرار الداخلية للسفن. تم تصميم الأسطح لتفجير القذائف الواردة قبل وصولها إلى المناطق الحيوية. تم تصميم الأبراج لحماية المدافع وطواقمها من النيران المعادية. ساهم هذا التدريع الشامل في زيادة قدرة السفن على البقاء في المعركة، مما يجعلها أصولًا قيمة للبحرية الفرنسية.
الدفع
تم تجهيز البوارج من فئة بريتاني بأربعة محركات بخارية تعمل بالفحم، مما يوفر سرعة قصوى تبلغ حوالي 20 عقدة بحرية. كان هذا السرعة مناسبة للعمليات الحربية في ذلك الوقت. تضمنت السفن أيضًا عددًا من المراجل لتوليد البخار اللازم لتشغيل المحركات. كانت أنظمة الدفع هذه قوية بما يكفي لتحريك السفن عبر المحيطات، على الرغم من أنها لم تكن فعالة مثل أنظمة الدفع المستخدمة في البوارج اللاحقة.
تم تصميم نظام الدفع لتحقيق التوازن بين السرعة والمدى. كانت السفن قادرة على الإبحار لمسافات طويلة، مما يسمح لها بالعمل في مختلف المسارح البحرية. تم تصميم المراجل لتوفير كمية ثابتة من البخار للمحركات. ساعد تصميم الدفع في توفير سرعة عالية نسبيًا للسفن، مما سمح لها بالمناورة بفعالية في القتال. على الرغم من أن نظام الدفع كان يعمل بالفحم، إلا أنه كان موثوقًا به وفعالًا في ذلك الوقت.
الخدمة في الحرب العالمية الأولى
شاركت البوارج من فئة بريتاني في العديد من العمليات خلال الحرب العالمية الأولى، وخاصة في البحر الأبيض المتوسط. أدت السفن دورًا حيويًا في مرافقة القوافل وحماية السفن التجارية من هجمات الغواصات الألمانية. كما شاركت في حصار مضيق الدردنيل، حيث قدمت دعمًا ناريًا للقوات البرية المتحالفة. بالإضافة إلى ذلك، قامت السفن بدوريات في البحر بحثًا عن السفن الحربية المعادية.
كانت السفن جزءًا من الأسطول الفرنسي الرئيسي، حيث لعبت دورًا مركزيًا في الدفاع عن المصالح الفرنسية في البحر. شاركت في عمليات حماية الممرات المائية الرئيسية، مما يضمن تدفق الإمدادات والتعزيزات إلى الحلفاء. شاركت في عدة اشتباكات بحرية، على الرغم من أنها لم تشهد قتالًا مباشرًا واسع النطاق مثل معركة جوتلاند. أظهرت هذه السفن قدرتها على التحمل وقدرتها على البقاء في المعركة في ظل الظروف القاسية.
التعديلات والتحسينات
خضعت البوارج من فئة بريتاني لعدة تعديلات وتحسينات على مدار خدمتها. تم تحسين أنظمة التحكم في إطلاق النار لتحسين دقة النيران. تم إضافة أسلحة مضادة للطائرات لتعزيز الدفاع عن السفن ضد التهديد المتزايد من الطائرات. كما تم تركيب معدات اتصالات حديثة لتحسين التنسيق مع السفن الأخرى والقوات البرية.
تم تصميم هذه التعديلات لمواكبة التغيرات في التكنولوجيا والتكتيكات البحرية. تم تحسين أنظمة التحكم في إطلاق النار لتوفير دقة أكبر في إصابة الأهداف. تم تركيب أسلحة مضادة للطائرات لحماية السفن من هجمات الطائرات. ساعدت معدات الاتصالات الحديثة في تحسين التنسيق بين السفن والقوات المتحالفة. سمحت هذه التعديلات للسفن بالحفاظ على قدرتها على القتال في مواجهة التهديدات المتزايدة.
الخدمة بعد الحرب العالمية الأولى
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، استمرت البوارج من فئة بريتاني في الخدمة في البحرية الفرنسية. شاركت السفن في العديد من التدريبات والرحلات البحرية. كما خدمت في مهام تمثيلية في الخارج. كانت السفن جزءًا من القوة البحرية الفرنسية حتى تم إخراجها من الخدمة في الثلاثينيات من القرن العشرين.
بمرور الوقت، أصبحت السفن قديمة بسبب التقدم في التكنولوجيا البحرية. ومع ذلك، فإنها تركت إرثًا كأولى البوارج الفرنسية من فئة “سوبر دريدنوت”. لعبت السفن دورًا هامًا في الحرب العالمية الأولى، وساهمت في الانتصار الحلفاء. تم تذكر السفن لتدريعها القوي وتسليحها القوي. تم بيع السفن للخردة في نهاية المطاف، ولكن لا تزال ذكراها باقية كشهادة على براعة التصميم والتقنية الفرنسية في أوائل القرن العشرين.
سفن الفئة بالتفصيل
- بريتاني (Bretagne): أول سفينة في الفئة، تم إطلاقها في عام 1912 وأكملت في عام 1915. خدمت في البحر الأبيض المتوسط خلال الحرب العالمية الأولى.
- بروفانس (Provence): تم إطلاقها في عام 1913، وخدمت أيضًا في البحر الأبيض المتوسط. اشتهرت بمشاركتها في عملية إنزال الدردنيل.
- سافوا (Savoy): تم إطلاقها في عام 1914، ولكن بسبب الحرب، تم تأخير إكمالها حتى عام 1916. خدمت في البحر الأبيض المتوسط.
خصائص عامة
- الإزاحة: حوالي 23,800 طن (قياسي)
- الطول: 166 متر
- العرض: 27 متر
- الغاطس: 9 متر
- التسليح الرئيسي: 10 مدافع 340 ملم
- التسليح الثانوي: 22 مدفع 138.6 ملم
- سرعة: 20 عقدة
- الطاقم: حوالي 1100 ضابط وبحار
مقارنة مع البوارج الأخرى
بالمقارنة مع البوارج الأخرى في ذلك الوقت، كانت البوارج من فئة بريتاني فريدة من نوعها من حيث تدريعها الثقيل وتسليحها القوي. كانت مشابهة لبوارج “سوبر دريدنوت” الأخرى مثل البوارج البريطانية من فئة كوين إليزابيث، ولكنها تتميز بتصميم فرنسي مميز. ومع ذلك، فقد كانت أبطأ من بعض البوارج الأخرى، مثل البوارج الأمريكية من فئة نيويورك.
بالمقارنة مع البوارج الألمانية، كانت بريتاني تتميز بتدريعها القوي، على الرغم من أن البوارج الألمانية كانت غالبًا ما تتمتع بسرعة أعلى. كانت مقارنتها بالبوارج الإيطالية تعتمد على عوامل مثل تصميم الأبراج، والمدى، والدقة. لقد أدت هذه الاختلافات في التصميم والتسليح إلى اختلافات في الأداء القتالي والتشغيلي.
التأثير والتراث
تركت البوارج من فئة بريتاني إرثًا كبيرًا في تاريخ البحرية الفرنسية. لقد كانت بمثابة نموذج أولي للبوارج الفرنسية اللاحقة، وأثرت في تصميم وبناء السفن الحربية في جميع أنحاء العالم. ساعدت في تعزيز مكانة فرنسا كقوة بحرية رئيسية، وساهمت في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. على الرغم من إخراجها من الخدمة في نهاية المطاف، إلا أن هذه السفن لا تزال تذكر كرمز للقوة والتفوق الهندسي الفرنسي.
كان لتصميمها تأثير كبير على التطور اللاحق للبوارج. أدت تجربة تصميم وبناء هذه السفن إلى تغييرات كبيرة في الطريقة التي تفكر بها البحرية الفرنسية في تصميم السفن الحربية. أظهرت قدرتها على البقاء في المعركة أهمية التدريع في عصر البنادق الكبيرة. إلى جانب ذلك، ساهمت في تشكيل التكتيكات والعمليات البحرية المستخدمة خلال الحرب العالمية الأولى. إن إرثها لا يزال يتردد صداه في أبحاث التصميم والبناء البحري الحديثة.
خاتمة
مثلت البوارج من فئة بريتاني قفزة كبيرة في تصميم البوارج الفرنسية، وكانت بمثابة أول “سوبر دريدنوت” فرنسية. تميزت هذه السفن بتدريعها القوي، وتسليحها الثقيل، ومشاركتها الفعالة في الحرب العالمية الأولى. ساهمت في تعزيز قوة فرنسا البحرية، وأثرت في تصميم السفن الحربية في جميع أنحاء العالم. على الرغم من إخراجها من الخدمة، إلا أنها لا تزال تذكر كرمز للتفوق الهندسي الفرنسي وإرث بحري عظيم.
المراجع
- DANFS – Bretagne
- Bretagne-class battleship – Wikipedia
- Bretagne Class Battleship – World War I
- Navypedia – Bretagne Class
“`