<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد حاييم ديفيد هليفي في القدس عام 1924. تلقى تعليمه الأولي في المدارس اليهودية التقليدية، حيث أظهر تفوقًا في دراسة التوراة والتلمود. في شبابه، درس في يشيفات (مدارس دينية يهودية) مرموقة، بما في ذلك يشيفا بورات يوسف في القدس، حيث تلقى التوجيه من أبرز الحاخامات في ذلك الوقت. تميز هليفي بذكائه الحاد وتفانيه في الدراسة، مما أهله ليصبح طالبًا استثنائيًا ومفكرًا دينيًا.
حصل هليفي على درجة علمية في الدراسات اليهودية، وتميز في دراسة القوانين اليهودية والتقاليد. بالإضافة إلى دراسته في المؤسسات الدينية، تابع هليفي أيضًا دراسات أكاديمية، مما وسع معرفته ووجهات نظره. شكل هذا المزيج من التعليم التقليدي والأكاديمي أساسًا لفهمه الشامل للشريعة اليهودية والتعامل مع القضايا المعاصرة.
مسيرته المهنية والحاخامية
بدأ حاييم ديفيد هليفي مسيرته المهنية كحاخام ومعلم. شغل مناصب حاخامية مختلفة في إسرائيل، بما في ذلك منصب الحاخام في حي في القدس. خلال هذه الفترة، اكتسب سمعة طيبة كقائد مجتمعي بارز وقادر على توجيه ودعم أفراد مجتمعه. تميز هليفي بقدرته على التواصل مع الناس من جميع الخلفيات، وتقديم المشورة لهم في مجموعة متنوعة من القضايا.
في عام 1973، تم انتخاب هليفي كحاخام سفاردي الأكبر لتل أبيب-يافو. شغل هذا المنصب حتى وفاته في عام 1998. خلال فترة ولايته، لعب دورًا حيويًا في تشكيل الحياة الدينية في المدينة. عمل على تعزيز الوحدة والتسامح بين الطوائف المختلفة، وساهم في بناء جسور بين المجتمع اليهودي والمجتمعات الأخرى. كان هليفي ملتزمًا بالحفاظ على التراث السفاردي وتعزيزه، مع الانفتاح على التطورات الحديثة.
إسهاماته في الفقه اليهودي
كان حاييم ديفيد هليفي كاتبًا غزير الإنتاج، وأسهم بشكل كبير في الأدب الفقهي اليهودي. كتب العديد من الكتب والمقالات التي تناولت مجموعة واسعة من القضايا الدينية والقانونية. تضمنت كتاباته تحليلات متعمقة للقوانين اليهودية، بالإضافة إلى آراء حول القضايا المعاصرة. تميز أسلوبه بالكفاءة والوضوح، مما جعل كتاباته في متناول كل من العلماء والجمهور العام.
من بين أعماله الأكثر شهرة سلسلة “أشياحيف” (أسئلة وأجوبة). في هذه الكتب، قدم هليفي إجابات على الأسئلة الفقهية التي طرحها عليه أفراد من الجمهور والحاخامات الآخرين. تناولت الإجابات مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك قوانين السبت، والعلاقات الأسرية، وأخلاقيات العمل. تعتبر هذه الكتب مصدرًا قيمًا للباحثين والممارسين على حد سواء.
بالإضافة إلى كتاباته، كان هليفي ناشطًا في المحافل الدينية. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات، وقدم محاضرات حول مجموعة متنوعة من الموضوعات. كان يشارك بانتظام في المناقشات الفقهية مع حاخامات آخرين، مما ساهم في تطوير الفكر الديني اليهودي. لقد تميزت مشاركاته بالعمق والتبصر، وأثرت على قرارات المحاكم الدينية في جميع أنحاء إسرائيل.
دوره في المجتمع
لم يقتصر دور حاييم ديفيد هليفي على الجانب الديني. لعب دورًا نشطًا في الحياة الاجتماعية والسياسية في إسرائيل. كان مؤيدًا قويًا للتعليم والرفاهية الاجتماعية. عمل على تحسين نوعية الحياة للمواطنين الإسرائيليين، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو الاجتماعية.
كان هليفي مدافعًا عن حقوق المرأة في المجتمع اليهودي. شجع على مشاركة المرأة في الحياة الدينية، ودعم تعليمها. اعتقد أن المرأة يجب أن تلعب دورًا فعالًا في بناء المجتمع اليهودي الحديث. كان هليفي مثالًا يحتذى به في القيادة المتوازنة، حيث جمع بين التمسك بالقيم التقليدية والانفتاح على التغيير.
عمل هليفي على تعزيز التفاهم بين الأديان. شارك في حوار مع قادة دينيين من الديانات الأخرى، بهدف بناء جسور من التفاهم والاحترام المتبادل. آمن بأهمية السلام والتعايش السلمي، وعمل على تحقيق هذه الأهداف من خلال جهوده الدبلوماسية والتعليمية.
إرثه
ترك حاييم ديفيد هليفي إرثًا دائمًا في مجال الفقه اليهودي والقيادة المجتمعية. يعتبر واحدًا من أبرز الحاخامات في القرن العشرين، وقد أثرت كتاباته وأفعاله على أجيال من اليهود في جميع أنحاء العالم. لا تزال آراؤه تُدرس وتُناقش حتى اليوم، وتُعتبر مصدر إلهام للعديد من القادة الدينيين.
أسس هليفي العديد من المؤسسات الدينية والخيرية، التي لا تزال تعمل حتى اليوم. تهدف هذه المؤسسات إلى توفير التعليم والرعاية الاجتماعية، ودعم المجتمعات اليهودية. يمثل إرثه تجسيدًا للقيم اليهودية الأساسية، مثل العدالة والرحمة والتعليم. يعتبر مثالًا يحتذى به في القيادة الدينية، وقد ألهم الكثيرين في سعيهم لتحقيق عالم أفضل.
وفاته
توفي حاييم ديفيد هليفي في 10 مارس 1998. أقيمت له جنازة مهيبة حضرها الآلاف من الأشخاص من جميع أنحاء إسرائيل والعالم. تم تكريمه كقائد عظيم ورجل حكيم، وكمثال على التفاني في خدمة الآخرين. ترك رحيله فراغًا كبيرًا في المجتمع اليهودي، ولكن إرثه لا يزال حيًا في كتاباته وأعماله.
خاتمة
كان حاييم ديفيد هليفي شخصية بارزة في تاريخ اليهودية المعاصر. بصفته الحاخام السفاردي الأكبر لتل أبيب-يافو، قدم مساهمات كبيرة في الفقه اليهودي والقيادة المجتمعية. اشتهر بعلمه الغزير، وكتاباته المؤثرة، والتزامه بالتعليم والعدالة الاجتماعية. ترك إرثًا دائمًا في إسرائيل والعالم اليهودي، ولا تزال أفكاره وأعماله تلهم الناس حتى اليوم.