تاريخ التأسيس والخلفية
تأسست الآلة الوطنية في عام 2005، في مدينة نوفي ساد في فويفودينا. جاء تأسيسها في سياق تصاعد المشاعر القومية والتطرف اليميني في صربيا. كان هذا جزءًا من ظاهرة أوسع نطاقًا شهدت فيها العديد من البلدان في شرق ووسط أوروبا ظهور جماعات يمينية متطرفة. استفادت هذه الجماعات من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك من استغلال القضايا التاريخية والإثنية.
تركزت أنشطة الآلة الوطنية بشكل كبير على منطقة فويفودينا، وهي منطقة متعددة الأعراق في صربيا، مما زاد من التوتر القائم بالفعل. حاولت الجماعة تجنيد الشباب الصربي، مستغلة بذلك الإحباط وعدم الرضا السائد بين الشباب نتيجة لمشاكل البطالة والفساد.
الأيديولوجيا والمعتقدات
اعتمدت الآلة الوطنية على أيديولوجية نازية جديدة. كان لديها مواقف عنصرية معادية للسامية، وكره للأقليات العرقية، وخاصة اليهود والغجر والأقليات الأخرى. ركزت الجماعة على تعزيز القومية الصربية المتطرفة، ودعت إلى “صربيا نقية” عرقياً. تبنت الجماعة رموزًا نازية وأساليب دعاية مماثلة لتلك التي استخدمها النازيون في ألمانيا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين.
كانت أيديولوجية الآلة الوطنية قائمة على إنكار المحرقة والترويج لنظريات المؤامرة المتعلقة باليهود. كما عارضت الجماعة بشدة الهجرة وحقوق الأقليات، معتبرة أن هذه القضايا تهدد “الهوية الصربية”. استخدمت الجماعة خطاب الكراهية في حملاتها الدعائية، مستهدفةً مجموعات معينة ووصفها بأنها تهديد للبلاد.
الأنشطة والعمليات
شاركت الآلة الوطنية في عدد من الأنشطة، بما في ذلك تنظيم المسيرات والمظاهرات في الشوارع، وعقد التجمعات العامة، ونشر الدعاية. استهدفت هذه الأنشطة في الغالب المناطق التي تعيش فيها أقليات عرقية، مما أثار الخوف والتوتر في هذه المجتمعات. بالإضافة إلى ذلك، تورطت الجماعة في أعمال عنف ضد الأقليات، وكذلك في مهاجمة الناشطين السياسيين والصحفيين الذين يعارضون أيديولوجيتهم.
نشرت الآلة الوطنية أيضًا مواد دعائية على الإنترنت، بما في ذلك مقاطع الفيديو والمقالات التي تروج لمعتقداتهم المتطرفة. كان لهذه المواد تأثير كبير في نشر أفكارهم المتطرفة بين الشباب. استخدمت الجماعة وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأجندتها ونشر رسائل الكراهية.
في عام 2009، تم حظر الآلة الوطنية من قبل السلطات الصربية بسبب أنشطتها غير القانونية. تم القبض على عدد من أعضاء الجماعة ومحاكمتهم بتهمة التحريض على الكراهية والعنف. على الرغم من الحظر، استمرت بعض الجماعات الصغيرة المرتبطة بالآلة الوطنية في العمل بشكل سري، مع الحفاظ على أيديولوجيتهم المتطرفة.
العلاقات مع جماعات أخرى
أقامت الآلة الوطنية علاقات مع منظمات يمينية متطرفة أخرى داخل صربيا وخارجها. كان لهذه العلاقات تأثير كبير على انتشار أيديولوجيتها وتوسيع نطاق أنشطتها. عملت هذه الجماعات معًا لتبادل الأفكار وتنسيق الأنشطة، مما عزز من تأثيرهم.
بالإضافة إلى ذلك، استلهمت الآلة الوطنية من جماعات نازية جديدة في دول أخرى، مثل ألمانيا والولايات المتحدة. اتبعت الجماعة نفس الأساليب الدعائية والتنظيمية التي استخدمتها هذه الجماعات. سمح هذا التعاون للآلة الوطنية بتوسيع نطاق وصولها وتأثيرها.
تأثير الآلة الوطنية
كان لتأثير الآلة الوطنية على المجتمع الصربي تأثير سلبي كبير. فقد عملت على تأجيج التوترات العرقية والدينية، مما أدى إلى زيادة الشعور بعدم الأمان والخوف في المجتمعات المستهدفة. كما ساهمت الجماعة في تطبيع خطاب الكراهية والعنف في المجتمع.
أثرت أنشطة الآلة الوطنية أيضًا على صورة صربيا في الخارج. أثارت أعمال العنف والتحريض على الكراهية إدانات دولية وألحقت ضررًا بسمعة البلاد. أعاقت هذه الأعمال جهود صربيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث وضعت مسألة احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون كأولوية.
التحديات التي واجهتها صربيا
واجهت صربيا تحديات كبيرة في التعامل مع الآلة الوطنية وغيرها من الجماعات اليمينية المتطرفة. كان على الحكومة أن تتخذ خطوات صارمة لمنع أنشطة الجماعات المتطرفة، مع احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير. كان هذا توازنًا صعبًا، حيث يمكن أن تؤدي القيود المفرطة على حرية التعبير إلى تأجيج الغضب والتوتر.
بالإضافة إلى ذلك، كان على صربيا أن تتعامل مع الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والبطالة والفساد. ساهمت هذه العوامل في خلق بيئة مواتية لنمو الجماعات المتطرفة. كانت هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز التسامح والمساواة.
جهود مكافحة التطرف
بذلت الحكومة الصربية جهودًا لمكافحة التطرف. شملت هذه الجهود حظر الآلة الوطنية، وتوجيه اتهامات لأعضائها بارتكاب جرائم، وتنظيم حملات توعية عامة. كما عملت الحكومة مع منظمات المجتمع المدني لتعزيز التسامح والتفاهم بين الثقافات.
بالإضافة إلى ذلك، قامت صربيا بتعديل قوانينها لمكافحة خطاب الكراهية والتمييز. عززت هذه القوانين من قدرة السلطات على مقاضاة الأفراد والمنظمات التي تنشر الكراهية والعنف. كما بذلت جهود لتعزيز التعليم المدني، بهدف تنمية المواطنة المسؤولة والوعي بحقوق الإنسان.
الدروس المستفادة
من المهم التعلم من تجربة الآلة الوطنية وغيرها من الجماعات المتطرفة. يجب على الحكومات والمجتمع المدني العمل معًا لمنع انتشار خطاب الكراهية والعنف. يجب على الحكومات أن تتخذ إجراءات صارمة ضد الجماعات المتطرفة، مع احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير. يجب على المجتمع المدني أن يلعب دورًا نشطًا في تعزيز التسامح والتفاهم بين الثقافات.
يجب على الحكومات أن تعالج الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والبطالة والفساد. يجب أن تعمل الحكومات على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز التسامح والمساواة. يجب على الحكومات أن تدعم التعليم المدني، بهدف تنمية المواطنة المسؤولة والوعي بحقوق الإنسان.
خاتمة
مثلت الآلة الوطنية مثالًا مؤسفًا على التطرف اليميني في صربيا. تركت هذه الجماعة بصمة سلبية من خلال أنشطتها المتطرفة وعقائدها العنصرية، وأثارت الخوف والتوتر في المجتمعات المستهدفة. من خلال حظرها ومحاكمة أعضائها، اتخذت الحكومة الصربية خطوات لمكافحة التطرف. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة في مكافحة التطرف وتعزيز التسامح والمساواة. يتطلب ذلك جهودًا مستمرة من الحكومة والمجتمع المدني لضمان عدم تكرار هذه التجربة المؤلمة.
المراجع
- Wikipedia – Nacionalni stroj
- ADL – Extremism in Serbia
- START – Global Terrorism Database
- ECIO – Hate Speech in Serbia
“`