رابطة العمل الاشتراكي (المملكة المتحدة) (League for Socialist Action (UK))

التأسيس والانشقاق

يعود أصل رابطة العمل الاشتراكي إلى الخلافات الداخلية التي شهدها حزب العمال الاشتراكي (SWP) في أوائل الستينيات. اعتقدت مجموعة من الأعضاء، بقيادة شخصيات مثل بيتر فراير وبات جورمان، أن حزب العمال الاشتراكي كان يتبنى موقفًا انتهازيًا تجاه حزب العمال، وأنهم كانوا يخففون من مطالبهم الاشتراكية من أجل الحصول على قبول أوسع. رأوا أن حزب العمال الاشتراكي كان يركز بشكل كبير على العمل البرلماني ويهمل أهمية العمل المباشر والحركات الشعبية.

في المقابل، دعت رابطة العمل الاشتراكي إلى اتباع نهج أكثر ثورية، مؤكدة على الحاجة إلى بناء حركة جماهيرية مستقلة قادرة على تحدي الرأسمالية بشكل مباشر. انتقدوا حزب العمال الاشتراكي لعدم كفايته في معارضة السياسات اليمينية لحكومة هارولد ويلسون العمالية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا مثل قوانين العمل والهجرة.

أدى الانشقاق إلى إنشاء منظمة صغيرة ولكنها ملتزمة، سرعان ما انخرطت في مجموعة متنوعة من الأنشطة السياسية. كان هدفهم الرئيسي هو بناء حركة اشتراكية ثورية في بريطانيا، والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة.

الأيديولوجيا والبرنامج

تبنت رابطة العمل الاشتراكي إيديولوجية تروتسكية، مستندة إلى أفكار ليون تروتسكي، أحد قادة الثورة البلشفية في روسيا. اعتقدوا أن الرأسمالية نظام عالمي لا يمكن إصلاحه، وأن الثورة الاشتراكية ضرورية لتحقيق مجتمع عادل ومنصف. دافعوا عن أممية العمال، معتقدين أن العمال في جميع أنحاء العالم لديهم مصالح مشتركة ويجب أن يتحدوا للإطاحة بالرأسمالية.

ركز برنامجهم على مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك:

التأميم: دعوا إلى تأميم الصناعات الرئيسية والبنوك والأراضي، ووضعها تحت سيطرة ديمقراطية للعمال.
حقوق العمال: دافعوا عن حقوق العمال في التنظيم والإضراب والمفاوضة الجماعية. طالبوا بحد أدنى للأجور معيشي، وظروف عمل آمنة وصحية، والمساواة في الأجور للرجال والنساء.
مناهضة العنصرية: عارضوا جميع أشكال العنصرية والتمييز، ودعموا حقوق المهاجرين والأقليات العرقية.
السلام: عارضوا الحرب والإمبريالية، ودعوا إلى نزع السلاح النووي وحل التحالفات العسكرية مثل الناتو.
الديمقراطية الاشتراكية: دافعوا عن الديمقراطية الاشتراكية، حيث يتمتع العمال بالسيطرة على وسائل الإنتاج والموارد، ويتم اتخاذ القرارات من خلال عمليات ديمقراطية تشاركية.

الأنشطة والتدخلات

على الرغم من صغر حجمها، انخرطت رابطة العمل الاشتراكي في مجموعة متنوعة من الأنشطة السياسية. نشروا صحيفة أسبوعية تسمى “العمال المناضلون” (Workers’ Fight)، والتي غطت قضايا عمالية وسياسية من منظور اشتراكي ثوري. كما نظموا اجتماعات عامة ومظاهرات واحتجاجات حول مجموعة واسعة من القضايا.

شاركت رابطة العمل الاشتراكي بنشاط في الإضرابات العمالية والنضالات الصناعية، وسعت إلى بناء الدعم للعمال المضربين وتنظيم التضامن. كما شاركوا في حملات مناهضة للعنصرية، وحشدوا الاحتجاجات ضد الفاشية والعنصرية. عملوا أيضًا في حركة السلام، ونظموا مظاهرات ضد الحرب والإمبريالية.

حاولت الرابطة بناء علاقات مع منظمات اشتراكية أخرى في بريطانيا وخارجها. كانوا جزءًا من الأممية الرابعة، وهي منظمة عالمية للأحزاب التروتسكية. عملوا أيضًا مع مجموعات أخرى على اليسار، على الرغم من وجود خلافات تكتيكية واستراتيجية في كثير من الأحيان.

في عام 1964، دخلت رابطة العمل الاشتراكي في اندماج مع مجموعة أخرى تروتسكية صغيرة، هي مجموعة الاشتراكيين الأمميين (ISG)، لتشكيل التيار الاشتراكي الدولي (International Socialists). ومع ذلك، استمر الاندماج لمدة قصيرة فقط، وانفصلت رابطة العمل الاشتراكي عن التيار الاشتراكي الدولي في عام 1966.

الصعوبات والتحديات

واجهت رابطة العمل الاشتراكي عددًا من الصعوبات والتحديات طوال تاريخها. كان أحد أكبر التحديات هو صغر حجمها. كان لديهم دائمًا عدد قليل نسبيًا من الأعضاء، مما جعل من الصعب عليهم أن يكون لهم تأثير كبير على الساحة السياسية.

كان التحدي الآخر هو التنافس مع المنظمات الاشتراكية الأخرى. كانت هناك العديد من المجموعات التروتسكية الأخرى في بريطانيا، وكلها تتنافس على الدعم والاهتمام. غالبًا ما كان هذا يؤدي إلى خلافات واقتتال داخلي، مما أضعف الحركة الاشتراكية بأكملها.

بالإضافة إلى ذلك، واجهت رابطة العمل الاشتراكي قمعًا من الدولة. تمت مراقبة أعضائها من قبل الشرطة وأجهزة الأمن، وتم استهدافهم في بعض الأحيان بالمضايقات والاعتقالات.

على الرغم من هذه الصعوبات، تمكنت رابطة العمل الاشتراكي من البقاء نشطة لعدة سنوات. لقد لعبوا دورًا صغيرًا ولكن مهمًا في الحركة الاشتراكية البريطانية، وساهموا في النضال من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة.

الاندماج و”الوحدة المفتوحة”

في أواخر الستينيات، بدأت رابطة العمل الاشتراكي في الدعوة إلى سياسة “الوحدة المفتوحة” مع مجموعات يسارية أخرى، ولا سيما مع حزب العمال الاشتراكي (SWP). اعتقدوا أنه على الرغم من الخلافات السابقة، فقد حان الوقت لتجاوز الانقسامات التروتسكية وتوحيد القوى من أجل بناء حركة اشتراكية أقوى.

في عام 1968، دخلت رابطة العمل الاشتراكي في مناقشات مع حزب العمال الاشتراكي حول الاندماج المحتمل. كانت المفاوضات معقدة وصعبة، ولكن في النهاية تم التوصل إلى اتفاق. في عام 1968، تم حل رابطة العمل الاشتراكي، وانضم أعضاؤها إلى حزب العمال الاشتراكي.

لم يكن الاندماج ناجحًا تمامًا. شعر بعض الأعضاء السابقين في رابطة العمل الاشتراكي أن حزب العمال الاشتراكي لم يكن يأخذ مخاوفهم على محمل الجد، وأنهم كانوا مهمشين داخل المنظمة الأكبر. ومع ذلك، بالنسبة للآخرين، كانت خطوة ضرورية نحو بناء حركة اشتراكية أكثر توحيدًا.

الإرث والتأثير

على الرغم من وجودها القصير نسبيًا، تركت رابطة العمل الاشتراكي بصمة على الحركة الاشتراكية البريطانية. لقد لعبوا دورًا في تعزيز الأفكار التروتسكية، وتنظيم العمال، والنضال من أجل العدالة الاجتماعية.

يُذكرون بشكل خاص لدعوتهم إلى الوحدة بين المنظمات الاشتراكية المختلفة. لقد اعتقدوا أنه على الرغم من وجود اختلافات تكتيكية واستراتيجية، فمن الضروري أن يتحد الاشتراكيون من أجل بناء حركة أقوى.

يمكن رؤية تأثير رابطة العمل الاشتراكي في عمل العديد من النشطاء والمنظمات الاشتراكية الذين جاءوا بعدهم. لقد ساهموا في تطوير تقليد تروتسكية بريطانية، وساعدوا في تشكيل مسار اليسار البريطاني.

خاتمة

كانت رابطة العمل الاشتراكي (المملكة المتحدة) منظمة تروتسكية صغيرة ولكنها مؤثرة في بريطانيا. تأسست في عام 1962 من قبل منشقين عن حزب العمال الاشتراكي، وسعت إلى بناء حركة اشتراكية ثورية في بريطانيا. على الرغم من صغر حجمها، انخرطت الرابطة في مجموعة متنوعة من الأنشطة السياسية، بما في ذلك نشر صحيفة، وتنظيم المظاهرات، والمشاركة في الإضرابات العمالية. في عام 1968، تم حل الرابطة وانضم أعضاؤها إلى حزب العمال الاشتراكي. على الرغم من وجودها القصير نسبيًا، تركت رابطة العمل الاشتراكي بصمة على الحركة الاشتراكية البريطانية، ولا سيما لدعوتها إلى الوحدة بين المنظمات الاشتراكية المختلفة.