مقدمة
بينوي كريشنا باسو (بالبنغالية: বিনয় বসু)، المعروف أيضًا باسم بينوي باسو أو بينوي بوز (11 سبتمبر 1908 – 13 ديسمبر 1930)، كان ثوريًا هنديًا بارزًا في النضال من أجل استقلال الهند عن الحكم البريطاني. يُذكر باسو بشكل خاص لدوره الجريء في الهجوم على مبنى الكتابة (Writers’ Building) في كلكتا عام 1930، وهي عملية جريئة هزت أركان الإمبراطورية البريطانية في الهند.
نشأته وحياته المبكرة
ولد بينوي باسو في قرية روهانغونج في منطقة مونشيجانج في ولاية البنغال (الآن بنغلاديش). كان والده، ريباتي موهان باسو، يعمل طبيبًا. تلقى بينوي تعليمه المبكر في مدرسة قريته، ثم التحق بمدرسة ميتفورد الثانوية في دكا. منذ صغره، أظهر بينوي شغفًا بالوطنية ورغبة قوية في رؤية الهند حرة من الحكم الأجنبي.
خلال سنوات دراسته، انجذب بينوي إلى الأفكار الثورية المتنامية في البنغال. تأثر بشكل خاص بكتابات سوبهاش شاندرا بوز وغيره من القادة الوطنيين. انضم إلى “سري سانغا” (Sri Sangha)، وهي منظمة ثورية سرية تهدف إلى الإطاحة بالحكم البريطاني بالقوة. كان سري سانغا يضم مجموعة من الشباب المتحمسين الذين كانوا على استعداد للتضحية بأرواحهم من أجل قضية الاستقلال.
النشاط الثوري
بعد انضمامه إلى سري سانغا، انخرط بينوي باسو بشكل كامل في الأنشطة الثورية. تدرب على استخدام الأسلحة والمتفجرات، وشارك في العديد من العمليات السرية. كان يتميز بشجاعته وإصراره، وسرعان ما أصبح شخصية بارزة في الحركة الثورية في البنغال.
في عام 1930، وضعت سري سانغا خطة طموحة لمهاجمة مبنى الكتابة (Writers’ Building) في كلكتا. كان مبنى الكتابة يضم المقر الرئيسي للحكومة البريطانية في البنغال، وكان يعتبر رمزًا للسلطة البريطانية. كان الهدف من الهجوم هو إظهار قوة الحركة الثورية وإلهام الشعب الهندي لمقاومة الحكم البريطاني.
الهجوم على مبنى الكتابة
تم اختيار بينوي باسو مع اثنين من الثوار الآخرين، بادال غوبتا ودينيش غوبتا، لتنفيذ الهجوم على مبنى الكتابة. في 8 ديسمبر 1930، تنكر الثلاثة في زي أوروبيين ودخلوا مبنى الكتابة مسلحين بمسدسات وقنابل يدوية.
بمجرد دخولهم المبنى، فتح الثوار النار على المسؤولين البريطانيين. أثار الهجوم حالة من الذعر والفوضى في المبنى. تمكن الثوار من قتل المفتش العام للشرطة، العقيد سيمبسون، وإصابة عدد آخر من المسؤولين. استمر إطلاق النار لعدة ساعات، وتعرض مبنى الكتابة لأضرار جسيمة.
بعد الهجوم، حاصر الثوار في مبنى الكتابة من قبل الشرطة البريطانية. رفض الثوار الاستسلام، وفضلوا القتال حتى النهاية. في نهاية المطاف، أطلق بينوي باسو النار على نفسه لتجنب الوقوع في أيدي الشرطة. نُقل إلى المستشفى، لكنه توفي بعد بضعة أيام في 13 ديسمبر 1930.
ترك الهجوم على مبنى الكتابة أثرًا عميقًا على الحركة الوطنية الهندية. أظهر الهجوم أن الثوار الهنود كانوا على استعداد للمخاطرة بكل شيء من أجل قضية الاستقلال. ألهم الهجوم العديد من الشباب الهندي للانضمام إلى الحركة الثورية، وساهم في تسريع عملية الاستقلال.
إرث بينوي باسو
يُذكر بينوي باسو كواحد من أعظم شهداء الحركة الوطنية الهندية. يعتبره الكثيرون رمزًا للشجاعة والتضحية. ألهمت قصته أجيالًا من الهنود، ولا تزال تلهمهم حتى اليوم.
تم تكريم بينوي باسو بعدة طرق. تم تسمية العديد من الشوارع والمدارس والمؤسسات الأخرى باسمه. تم أيضًا إنشاء العديد من التماثيل والنصب التذكارية لتكريمه. تُروى قصته في الكتب والأفلام، ولا تزال تلهم الناس في جميع أنحاء العالم.
تأثيره على الحركة الثورية
- إلهام الشباب: كان بينوي باسو رمزًا للشجاعة والتضحية، وألهم العديد من الشباب الهندي للانضمام إلى الحركة الثورية.
- تصعيد النضال: ساهم الهجوم على مبنى الكتابة في تصعيد النضال ضد الحكم البريطاني، وأظهر أن الثوار الهنود كانوا على استعداد للمخاطرة بكل شيء من أجل قضية الاستقلال.
- توحيد الحركة: ساعدت قصة بينوي باسو في توحيد الحركة الوطنية الهندية، وألهمت الناس من جميع الخلفيات للعمل معًا من أجل تحقيق الاستقلال.
أقوال مأثورة
على الرغم من قلة التسجيلات المباشرة لأقوال بينوي باسو، إلا أن روحه الثورية وأفعاله تتحدث بصوت أعلى من أي كلمات. غالبًا ما يتم الاستشهاد به كرمز للتضحية من أجل الوطن، وقصته تلهم الأجيال. يُقال إنه قبل وفاته، عبّر عن أسفه الوحيد لعدم قدرته على رؤية الهند حرة، ولكنه كان واثقًا من أن تضحيته لن تذهب سدى.
تحليل لشخصيته
كان بينوي باسو شابًا يتمتع بشخصية قوية وإرادة لا تلين. كان يتميز بشجاعته وإصراره وتفانيه في قضية الاستقلال. كان أيضًا يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على إلهام الآخرين.
كان بينوي باسو قائدًا بالفطرة. كان قادرًا على حشد الناس وتنظيمهم وتوجيههم نحو هدف مشترك. كان أيضًا يتمتع بذكاء حاد وقدرة على التفكير الاستراتيجي. كان يدرك تمامًا المخاطر التي تنطوي عليها الأنشطة الثورية، لكنه كان على استعداد لتحمل هذه المخاطر من أجل قضية الاستقلال.
كان بينوي باسو شخصية معقدة ومتعددة الأوجه. كان ثوريًا متطرفًا، لكنه كان أيضًا إنسانًا متعاطفًا ورحيمًا. كان يحب وطنه وشعبه، وكان على استعداد للتضحية بكل شيء من أجلهم.
خاتمة
بينوي باسو، الثائر الهندي الشاب، رمز للشجاعة والتضحية. قادته قناعته الراسخة بالاستقلال إلى القيام بعمل جريء في مبنى الكتابة، مما أثر بشكل كبير على الحركة الوطنية. على الرغم من نهايته المأساوية، إلا أن إرثه لا يزال يلهم الأجيال ويدعو إلى الحرية والتحرر.