التصميم والبناء
بدأ بناء بيتروبافلوفسك في عام 1909 في حوض بناء السفن في سانت بطرسبرغ، ودخلت الخدمة في عام 1914. تميز تصميمها بكونه متطورًا في عصره، مع تركيز كبير على الحماية والقدرة النارية. كانت البارجة مسلحة بـ اثني عشر مدفعًا رئيسيًا عيار 305 ملم موزعة في أربعة أبراج ثلاثية، مما يمنحها قوة نارية هائلة. بالإضافة إلى ذلك، كانت مجهزة بعدد كبير من المدافع الأصغر حجمًا للدفاع ضد الزوارق الطوربيدية والطائرات (التي كانت في مراحلها الأولى من التطور في ذلك الوقت).
تم تصميم الدريدنوت الروسية من طراز “غاندغوت” مع مراعاة الظروف المحلية، وخاصة الحاجة إلى العمل في المياه الضحلة نسبيًا لخليج فنلندا. هذا أثر على شكل بدن السفينة، الذي كان أعرض وأكثر سطحية من تصميمات الدريدنوت البريطانية والألمانية. أدى هذا التصميم إلى بعض القيود في السرعة والمناورة، لكنه سمح للسفينة بالعمل في المياه التي قد تكون غير صالحة لسفن أخرى.
الخدمة في الحرب العالمية الأولى
شهدت بيتروبافلوفسك الخدمة النشطة خلال الحرب العالمية الأولى، حيث عملت في بحر البلطيق. شاركت في عدد من الاشتباكات مع البحرية الألمانية، بما في ذلك المعركة المحتملة في خليج ريغا في عام 1915. ومع ذلك، فإن طبيعة الحرب البحرية في بحر البلطيق، والتي تميزت بالمياه الضيقة والقتال الساحلي، حدت من نطاق العمليات التي يمكن للبارجة المشاركة فيها.
خلال الحرب، قدمت بيتروبافلوفسك دعمًا ناريًا للقوات البرية الروسية، وقامت بدوريات في المنطقة لمنع العمليات البحرية الألمانية. على الرغم من أن السفينة لم تشارك في معارك بحرية واسعة النطاق، إلا أنها أثبتت قيمتها كمنصة مدفعية قوية وقادرة على دعم العمليات الروسية.
التحول والثورة
بعد اندلاع الثورة الروسية في عام 1917، شهدت بيتروبافلوفسك تغييرات كبيرة. انضم طاقم السفينة، مثل العديد من البحارة الروس، إلى صفوف الثوار، وأصبحت السفينة رمزًا للتمرد والاضطرابات. غيرت السفينة اسمها إلى “مارات” في عام 1921 تكريمًا للثوري الفرنسي جان بول مارات.
بعد الثورة، خضعت السفينة لعمليات تحديث وتجديد، وظلت في الخدمة مع البحرية السوفيتية. شاركت في تدريبات وعمليات مختلفة، وأصبحت رمزًا للقوة البحرية السوفيتية في بحر البلطيق.
الحرب العالمية الثانية ومصيرها
خلال الحرب العالمية الثانية، لعبت مارات دورًا حيويًا في الدفاع عن لينينغراد (سانت بطرسبرغ حاليًا) ضد القوات الألمانية. قدمت السفينة دعمًا ناريًا مكثفًا للقوات السوفيتية، وشاركت في قصف المواقع الألمانية. ومع ذلك، في 23 سبتمبر 1941، تعرضت السفينة لهجوم من قبل الطائرات الألمانية، وأصيبت بقنبلة أدت إلى انفجار الذخيرة. أدى الانفجار إلى غرق السفينة على الفور، مما أسفر عن مقتل عدد كبير من أفراد الطاقم.
كان فقدان مارات ضربة قوية للقوات السوفيتية، لكنها أظهرت أيضًا شجاعة وتفاني البحارة السوفيت. على الرغم من تدمير السفينة، إلا أن دورها في الدفاع عن لينينغراد لا يزال يذكر كأحد رموز التضحية في الحرب.
التأثير والتراث
تركت بيتروبافلوفسك، والمعروفة فيما بعد باسم مارات، إرثًا دائمًا في تاريخ البحرية الروسية. كان تصميمها وبنائها بمثابة علامة فارقة في تطور السفن الحربية الروسية. ساهمت مشاركتها في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وخاصة دورها في الدفاع عن لينينغراد، في تعزيز مكانتها كرمز للبطولة والتضحية.
اليوم، لا تزال بقايا السفينة في قاع بحر البلطيق بمثابة نصب تذكاري لآلاف البحارة الذين لقوا حتفهم في الخدمة. إن قصتها هي تذكير دائم بتضحيات أولئك الذين قاتلوا من أجل بلادهم، وقوة التحمل التي أظهرتها البحرية الروسية في مواجهة الشدائد.
يُذكر اسم بيتروبافلوفسك / مارات أيضًا في عدد من النصب التذكارية والآثار في روسيا، تكريمًا لشجاعة طاقمها وتأثيرها على التاريخ البحري. كما ألهمت السفينة عددًا من الأعمال الفنية والأدبية، مما يضمن بقاء ذكراها حية في الذاكرة الجمعية.
الخصائص الرئيسية
- الإزاحة: 23,000 طن
- الطول: 182 مترًا
- العرض: 26.8 مترًا
- السرعة: 23 عقدة (43 كم/ساعة)
- التسليح: 12 مدفعًا عيار 305 ملم، مدافع مضادة للطائرات ومدافع أصغر
- الطاقم: 1100 – 1200 ضابط وبحار
التقييم العام
كانت بيتروبافلوفسك بارجة قوية ومجهزة جيدًا في وقتها. على الرغم من بعض القيود في السرعة والمناورة، إلا أنها أثبتت قيمتها كمنصة مدفعية قوية. لقد تركت بصمة كبيرة على التاريخ البحري الروسي، حيث شاركت في الحربين العالميتين، وأصبحت رمزًا للبطولة والتضحية.
أهمية السفينة
تكمن أهمية بيتروبافلوفسك في عدة جوانب:
- التصميم والهندسة: كانت السفينة تمثل تقدمًا كبيرًا في تصميم السفن الحربية الروسية، مع التركيز على الحماية والقوة النارية.
- المشاركة في الحرب: شهدت السفينة الخدمة النشطة في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وقدمت دعمًا حيويًا للقوات البرية.
- رمزية الثورة: تحول السفينة إلى رمز للثورة الروسية، مما يعكس الاضطرابات السياسية والاجتماعية في ذلك الوقت.
- التراث: أصبحت السفينة رمزًا للتضحية والشجاعة، ولا تزال ذكراها حية في الذاكرة الجمعية الروسية.
الاستنتاجات
بشكل عام، كانت بيتروبافلوفسك، والمعروفة فيما بعد باسم مارات، سفينة حربية مهمة في التاريخ الروسي. لقد لعبت دورًا حيويًا في الحربين العالميتين، وأصبحت رمزًا للبطولة والتضحية. لا يزال إرثها يتردد صداه حتى اليوم، كشهادة على شجاعة طاقمها وتأثيرها على التاريخ البحري.
خاتمة
كانت البارجة الروسية بيتروبافلوفسك (مارات فيما بعد) سفينة حربية مؤثرة في تاريخ روسيا. تميزت بتصميمها المتقدم ومشاركتها في الحربين العالميتين، ولا سيما دورها في الدفاع عن لينينغراد. تحولت إلى رمز للثورة والتضحية، ولا تزال ذكراها تحظى بالتبجيل في روسيا حتى اليوم.
المراجع
- ويكيبيديا – البارجة الروسية بيتروبافلوفسك (1911)
- War History Online – البارجة مارات
- Navypedia – دريدنوت من طراز غانغوت
- موسوعة بريتانيكا – بيتروبافلوفسك
“`