<![CDATA[
أساسيات معتقدات شهود يهوه
لتوضيح مفهوم الخلاص لدى شهود يهوه، من الضروري فهم بعض الأساسيات التي يقوم عليها إيمانهم. يعتقدون أن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها، وأن لديه تفسيرًا حرفيًا للعديد من الأحداث والنصوص. يؤمنون بإله واحد، هو يهوه، وأن يسوع المسيح هو ابنه، الذي أُرسل إلى الأرض ليقدم نفسه فدية عن الجنس البشري.
يركز شهود يهوه على أهمية اسم الله، يهوه، ويستخدمونه في صلواتهم وتعاملاتهم اليومية. يؤمنون بأن الخلاص يعتمد على معرفة هذا الاسم واستخدامه. بالإضافة إلى ذلك، يعتقدون بأن الروح القدس هي قوة الله النشطة، التي تستخدم لتوجيه خدامه وتمكينهم.
الخلاص كـ “هبة” من الله
يُشدد شهود يهوه على أن الخلاص هو هبة مجانية من الله، ولا يمكن كسبها بالأعمال الصالحة. يعتقدون أن الإنسان غير قادر على الخلاص بنفسه بسبب طبيعته الخاطئة الموروثة من آدم وحواء. يرى شهود يهوه أن يسوع المسيح دفع ثمن الخطيئة بدمه، مما يتيح للخاطئين فرصة الحصول على الخلاص.
لكنهم يقرون بأن هذه الهبة تتطلب استجابة من جانب الإنسان. يجب على الفرد أن يمارس الإيمان بيسوع المسيح، وأن يتوب عن خطاياه، وأن يتبع تعاليم الله كما وردت في الكتاب المقدس. يعتبر شهود يهوه أن هذه الإجراءات هي دليل على التقدير لهبة الخلاص، وليست وسيلة لكسبها.
الانتماء إلى “منظمة الله”
من الجوانب المميزة لمعتقدات شهود يهوه هو التأكيد على أهمية الانتماء إلى “منظمة الله”. يرون أن هذه المنظمة هي الجماعة المسيحية الحقيقية الوحيدة على الأرض، والتي يقودها الله من خلال هيئة حكامة مركزية. يعتقدون أن الخلاص مرتبط بالانضمام إلى هذه المنظمة، والتعاون معها في عمل التبشير والإعلان عن ملكوت الله.
يعتقد شهود يهوه أن هذه المنظمة هي القناة التي يوصل الله من خلالها الإرشاد الروحي والتعليم. لذلك، يعتبرون أن طاعة تعاليم الهيئة الحاكمة والتعاون معها أمر ضروري للحصول على الخلاص. يرى البعض أن هذا التركيز على المنظمة يمكن أن يؤدي إلى إعطاء الأولوية للطاعة التنظيمية على حساب العلاقات الشخصية مع الله.
الإيمان بيسوع المسيح
يشكل الإيمان بيسوع المسيح ركيزة أساسية في معتقدات شهود يهوه حول الخلاص. يؤمنون بأنه ابن الله، وأنه عاش ومات على الأرض ليدفع ثمن خطايا البشر. يؤمنون أيضًا بقيامته وصعوده إلى السماء.
يعتبر شهود يهوه أن الإيمان بيسوع يشمل الاعتراف به كرب وسيد، والالتزام بتعاليمه. يجب على الفرد أن يبني علاقة شخصية مع يسوع من خلال الصلاة، ودراسة الكتاب المقدس، ومحاولة تطبيق مبادئه في الحياة اليومية. يؤكدون على أهمية اتباع مثال يسوع في المحبة والتسامح والخدمة.
التبشير والتعليم
يلعب التبشير والتعليم دورًا محوريًا في معتقدات شهود يهوه. يعتقدون أن لديهم مسؤولية كبيرة في مشاركة أخبار الملكوت مع الآخرين. يعتبرون أن هذا العمل هو جزء من مساهمتهم في خلاص الآخرين.
يقوم شهود يهوه بالتبشير من الباب إلى الباب، وفي الأماكن العامة، وعبر وسائل الإعلام المختلفة. يركزون على تعليم الناس عن الله، ويسوع المسيح، وعن الأمل في الحياة الأبدية في الجنة على الأرض. يعتبرون أن هذا العمل هو بمثابة إعلان عن الأخبار السارة، وفرصة للآخرين لقبول الخلاص.
الخلاص والحياة الأبدية
يرتبط مفهوم الخلاص ارتباطًا وثيقًا بالحياة الأبدية في معتقدات شهود يهوه. يعتقدون أن الله سيوفر فرصة للحياة الأبدية لجميع المؤمنين. يؤمنون بوجود فئتين من المؤمنين: “الممسوحون” الذين سيذهبون إلى السماء ليحكموا مع يسوع المسيح، و”الجموع العظيمة” الذين سيعيشون في الجنة على الأرض.
يعتقد شهود يهوه أن “الممسوحين” هم مجموعة مختارة من المؤمنين الذين اختارهم الله ليحكموا معه في السماء. يبلغ عددهم 144000 شخص. أما “الجموع العظيمة”، فهم المؤمنون الذين سينجون من “هرمجدون”، وسيعيشون في الجنة على الأرض. يعتقدون أن هذه الجنة ستعيد الأرض إلى حالتها الأصلية، وستكون مكانًا مثاليًا للعيش فيه.
“هرمجدون” واليوم الأخير
يشغل مفهوم “هرمجدون” (أو معركة الله العظمى) مكانة مهمة في رؤية شهود يهوه للخلاص. يعتقدون أن “هرمجدون” هو صراع عالمي يقوده يسوع المسيح ضد قوى الشر، وسوف ينهي هذا الصراع الشرور الموجودة على الأرض، ويحقق العدالة.
يعتقد شهود يهوه أن “هرمجدون” سيسبقه فترة من الضيق العظيم، والتي ستشهد أحداثًا عالمية مثل الحروب والمجاعات والزلازل. يؤمنون بأن الناجين من “هرمجدون” هم فقط الذين ينتمون إلى “منظمة الله”. بعد “هرمجدون”، ستبدأ فترة حكم الألف سنة ليسوع المسيح، والتي ستشهد استعادة الجنة على الأرض.
العلاقة مع أفراد العائلة والأصدقاء غير المؤمنين
قد يواجه شهود يهوه تحديات في علاقاتهم مع أفراد العائلة والأصدقاء غير المؤمنين. يعتقدون أن عليهم إظهار المحبة والاحترام للجميع، حتى لو اختلفوا معهم في المعتقدات. ومع ذلك، قد يختارون تقليل الاتصال بأولئك الذين يعارضون معتقداتهم، وذلك لحماية إيمانهم.
يشجع شهود يهوه على محاولة مشاركة إيمانهم مع أحبائهم، على أمل أن يقتنعوا بقبول الخلاص. ومع ذلك، فإنهم يؤمنون بأن قرار قبول الخلاص هو قرار شخصي، وأن الله هو الذي يجذب الناس إليه.
الجدل والانتقادات
واجهت معتقدات شهود يهوه حول الخلاص جدلاً وانتقادات من قبل العديد من الجماعات الدينية والأفراد. تركز هذه الانتقادات بشكل عام على:
- تفسير الكتاب المقدس: يختلف البعض مع تفسير شهود يهوه للكتاب المقدس، ويعتبرونه تفسيرًا حرفيًا بشكل مفرط، ويتجاهل السياقات التاريخية والثقافية.
- التركيز على “منظمة الله”: يعتبر البعض أن التركيز المفرط على “منظمة الله” يمكن أن يؤدي إلى اتباع عمياء وتقليل أهمية العلاقة الشخصية مع الله.
- رفض بعض الممارسات: يواجه شهود يهوه انتقادات بسبب رفضهم لبعض الممارسات الطبية (مثل نقل الدم)، والاحتفال بالأعياد الوطنية (مثل عيد الميلاد ورأس السنة).
على الرغم من هذه الانتقادات، يواصل شهود يهوه الدفاع عن معتقداتهم، ويعتقدون أنها تستند إلى الكتاب المقدس وتعكس إرادة الله.
مقارنة مع وجهات نظر مسيحية أخرى
تختلف وجهات نظر شهود يهوه حول الخلاص بشكل كبير عن وجهات النظر المسيحية الأخرى. على سبيل المثال:
- الثالوث: يرفض شهود يهوه عقيدة الثالوث، ويعتقدون أن الله هو إله واحد فقط، وأن يسوع المسيح ليس هو الله.
- الخلاص بالأعمال: على الرغم من أن شهود يهوه يؤكدون أن الخلاص هو هبة مجانية، فإنهم يشددون على أهمية الأعمال الصالحة والانتماء إلى المنظمة، وهو ما قد يراه البعض بمثابة نوع من “الخلاص بالأعمال”.
- الجنة: يختلف تصورهم عن الجنة عن تصورات المسيحيين الآخرين، حيث يؤمنون بوجود فئتين من المؤمنين: “الممسوحون” في السماء، و”الجموع العظيمة” على الأرض.
هذه الاختلافات تعكس الفروق الأساسية في تفسير الكتاب المقدس والمعتقدات المسيحية.
خاتمة
في الختام، يؤمن شهود يهوه بأن الخلاص هو هبة من الله، ويتحقق من خلال الانتماء إلى “منظمة الله” وإظهار الإيمان بيسوع المسيح. يتضمن هذا الإيمان معرفة اسم الله، وقبول يسوع المسيح كرب وسيد، والتبشير بالآخرين، والعيش وفقًا لتعاليم الكتاب المقدس. تعتبر هذه المعتقدات جزءًا أساسيًا من هويتهم الدينية وتأثيرها على حياتهم اليومية. على الرغم من الجدل والانتقادات، يواصل شهود يهوه التمسك بمعتقداتهم، والسعي لتحقيق الخلاص وفقًا لما يرونه إرادة الله.