نشأته وبداياته الأكاديمية
ولد إيتوري بايس في مدينة بورغو سان دالمازو في إقليم بيدمونت الإيطالي. تلقى تعليمه المبكر في إيطاليا، وأظهر اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ والآثار منذ سن مبكرة. درس في جامعة تورينو، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الآداب. بعد تخرجه، بدأ مسيرته الأكاديمية بالتدريس في عدد من الجامعات الإيطالية، بما في ذلك جامعة باليرمو وجامعة نابولي.
في بداية حياته المهنية، تركزت أبحاث بايس على النقوش اللاتينية. وقد أمضى سنوات عديدة في دراسة هذه النقوش في إيطاليا وخارجها، مما ساعده على تطوير فهم عميق للغة اللاتينية والثقافة الرومانية. جمع بايس عددًا كبيرًا من النقوش، وفهرسها، وحللها، وقدم مساهمات كبيرة في علم النقوش.
أعماله الرئيسية ومساهماته
خلال مسيرته المهنية، كتب بايس عددًا كبيرًا من الكتب والمقالات العلمية التي ساهمت في تقدم المعرفة بالتاريخ القديم. من بين أبرز أعماله:
- “تاريخ روما خلال القرون الأولى” (Storia di Roma durante i primi cinque secoli): وهو عمل ضخم يغطي تاريخ روما من تأسيسها وحتى نهاية الجمهورية.
- “إيطاليا خلال الفترة الرومانية” (Italia durante la dominazione romana): يدرس هذا الكتاب تاريخ إيطاليا وتطورها خلال الفترة الرومانية، ويقدم تحليلًا معمقًا للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
- “أبحاث في التاريخ القديم” (Ricerche sulla storia antica): مجموعة مقالات بحثية تتناول مجموعة متنوعة من الموضوعات المتعلقة بالتاريخ القديم، بما في ذلك الحضارات اليونانية والرومانية.
تميزت أعمال بايس بالدقة العلمية والتحليل النقدي. استخدم بايس مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك النصوص الأدبية والوثائق الرسمية والآثار المادية. وقد أولى اهتمامًا خاصًا للمصادر الأولية، وسعى إلى تحليلها بعناية واستخلاص استنتاجات دقيقة منها. كما كان يتمتع بأسلوب كتابة واضح وجذاب، مما جعل أعماله متاحة للقراء المتخصصين والعامة على حد سواء.
اهتمامه بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي
بالإضافة إلى اهتمامه بالتاريخ السياسي والعسكري، أولى بايس اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي. درس بعمق الهياكل الاقتصادية والاجتماعية في العالم الروماني، وقدم مساهمات قيمة في فهم طبيعة هذه الهياكل وتطورها. وقد اهتم بشكل خاص بالعلاقات بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، ودور العبودية، وتأثير التغيرات الاقتصادية على المجتمع الروماني.
كان بايس من أوائل المؤرخين الذين أدركوا أهمية دراسة العوامل الاقتصادية والاجتماعية لفهم التاريخ بشكل كامل. وقد مهدت أبحاثه الطريق للمؤرخين اللاحقين الذين اهتموا بدراسة هذه الجوانب من التاريخ القديم.
موقعه في التاريخ الأكاديمي
كان لإيتوري بايس تأثير كبير على تطور الدراسات الكلاسيكية في إيطاليا وخارجها. درّس في عدد من الجامعات المرموقة، وأشرف على عدد كبير من الطلاب الذين أصبحوا باحثين وأساتذة بارزين. كما كان عضوًا في العديد من الأكاديميات العلمية، بما في ذلك الأكاديمية الملكية في تورينو والأكاديمية الألمانية للآثار. وقد ساهمت أبحاثه وتعليمه في تشكيل جيل من المؤرخين الذين واصلوا العمل في مجال الدراسات الكلاسيكية.
لم يقتصر تأثير بايس على المجال الأكاديمي. فقد كتب أيضًا مقالات ومقالات عامة لجمهور أوسع، مما ساعد على نشر المعرفة بالتاريخ القديم. كما كان مدافعًا عن أهمية الدراسات الكلاسيكية في التعليم، وأشاد بقيمة تعلم التاريخ والثقافة القديمة في تشكيل المواطنين المتعلمين.
أعماله في علم النقوش
كان بايس خبيرًا في علم النقوش، وساهمت أعماله في هذا المجال في فهم تاريخ روما القديمة وحضارات البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير. قضى سنوات عديدة في البحث عن النقوش اللاتينية، وفهرستها، وتحليلها. ساعدت هذه النقوش في إلقاء الضوء على جوانب مختلفة من الحياة الرومانية، بما في ذلك الدين، والسياسة، والحياة اليومية. وقد نشر بايس عددًا كبيرًا من الدراسات حول النقوش، والتي لا تزال تستخدم حتى اليوم من قبل الباحثين.
ساهمت أبحاثه في علم النقوش في فهم العلاقات بين روما والمناطق الأخرى من الإمبراطورية الرومانية. فقد درس النقوش الموجودة في جميع أنحاء الإمبراطورية، وقدم تحليلًا دقيقًا للعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية التي ربطت روما بالمناطق الأخرى. كما ساعدت أبحاثه في علم النقوش في فهم التطور اللغوي للغة اللاتينية.
إرثه
ترك إيتوري بايس إرثًا دائمًا في مجال الدراسات الكلاسيكية. فقد ساهمت أبحاثه في تقدم المعرفة بالتاريخ القديم، وساعدت في فهم الحضارات اليونانية والرومانية بشكل أفضل. كما كان له تأثير كبير على الطلاب والباحثين الذين عملوا معه، وساهم في تشكيل جيل جديد من المؤرخين.
لا تزال أعمال بايس تدرس وتستخدم من قبل الباحثين حتى اليوم. فقد ساهمت دقته المنهجية وتحليله النقدي واهتمامه بالمصادر الأولية في جعل أبحاثه ذات قيمة دائمة. يعتبر إيتوري بايس واحدًا من أهم المؤرخين في التاريخ، وستبقى مساهماته في مجال الدراسات الكلاسيكية محط تقدير واهتمام دائم.
سمعته وشهرته
اكتسب إيتوري بايس سمعة طيبة كباحث دقيق وموثوق به في مجال الدراسات الكلاسيكية. وقد أشاد به زملاؤه الباحثون لعمله الدؤوب والتزامه بالدقة العلمية. بالإضافة إلى ذلك، كان يتمتع باحترام كبير من قبل طلابه، الذين رأوا فيه معلمًا ملهمًا وموجهًا. ساهمت سمعته الجيدة في شهرته الواسعة في الأوساط الأكاديمية.
لم تقتصر شهرة بايس على إيطاليا. فقد كان معروفًا في جميع أنحاء العالم، وشارك في مؤتمرات علمية دولية، ونشر أبحاثه في مجلات علمية مرموقة. وقد ساعدت شهرته في تعزيز التبادل العلمي والتعاون بين الباحثين في مختلف البلدان.
السنوات الأخيرة
في السنوات الأخيرة من حياته، استمر إيتوري بايس في البحث والكتابة. على الرغم من تقدمه في السن، ظل نشطًا في المجال الأكاديمي، وشارك في المؤتمرات العلمية، ونشر أبحاثًا جديدة. توفي في روما عام 1939، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من الأبحاث والتعليم. لقد أثرت أعماله على أجيال من الباحثين، وساهمت في فهمنا للتاريخ القديم.
خاتمة
كان إيتوري بايس شخصية بارزة في مجال الدراسات الكلاسيكية، حيث قدم مساهمات كبيرة في فهم التاريخ القديم، وخاصة الحضارات الرومانية واليونانية. تميزت أعماله بالدقة المنهجية والتحليل النقدي، وأولى اهتمامًا خاصًا للمصادر الأولية. ترك بايس إرثًا دائمًا في مجال الدراسات الكلاسيكية، ولا تزال أبحاثه تستخدم حتى اليوم من قبل الباحثين.
المراجع
- Ettore Pais – Wikipedia
- PAIS, Ettore – Treccani
- Ettore Pais – Encyclopedia Britannica
- Ettore Pais (1856-1939) et l’épigraphie latine : un siècle d’épigraphie
“`