أصل وتاريخ قانون الإيمان الرسولي
على الرغم من أن قانون الإيمان الرسولي لا يعود مباشرة إلى الرسل الاثني عشر، إلا أنه يُعتقد أنه نشأ من تعاليمهم وممارساتهم. تشير التقاليد إلى أن الرسل، قبل أن ينتشروا للتبشير بالإنجيل، وضعوا معًا ملخصًا للإيمان المسيحي الأساسي ليكون بمثابة دليل للمؤمنين الجدد. هذا الملخص، الذي تطور لاحقًا إلى قانون الإيمان الرسولي، كان يهدف إلى توحيد المؤمنين وحمايتهم من البدع والتعاليم الخاطئة.
يعود أقدم ذكر لقانون إيمان مشابه لقانون الإيمان الرسولي إلى القرن الثاني الميلادي، في كتابات آباء الكنيسة مثل إيريناوس وترتليان. ومع ذلك، فإن الشكل الحالي لقانون الإيمان الرسولي لم يظهر حتى القرنين السابع والثامن الميلاديين. تطور هذا القانون تدريجيًا عبر القرون، حيث أضيفت إليه بعض العبارات لتوضيح بعض الجوانب اللاهوتية أو لمواجهة بعض البدع.
أهمية قانون الإيمان الرسولي
يكتسب قانون الإيمان الرسولي أهمية كبيرة لعدة أسباب:
- ملخص للإيمان المسيحي الأساسي: يقدم قانون الإيمان الرسولي ملخصًا موجزًا وواضحًا للمعتقدات الأساسية للمسيحية، مثل الإيمان بالله الآب، والابن يسوع المسيح، والروح القدس، والكنيسة، وغفران الخطايا، والقيامة، والحياة الأبدية.
- معيار للعقيدة الصحيحة: يُستخدم قانون الإيمان الرسولي كمعيار لتقييم العقيدة المسيحية الصحيحة. أي تعليم يتعارض مع قانون الإيمان الرسولي يُعتبر تعليمًا خاطئًا أو بدعة.
- أداة للتعليم المسيحي: يُستخدم قانون الإيمان الرسولي كأداة لتعليم المسيحيين الجدد والبالغين عن الإيمان المسيحي. يساعد هذا القانون على فهم المعتقدات الأساسية للمسيحية وتعميق الإيمان.
- رمز للوحدة المسيحية: يُعتبر قانون الإيمان الرسولي رمزًا للوحدة بين المسيحيين من مختلف الطوائف. على الرغم من وجود اختلافات بين الطوائف المسيحية في بعض الجوانب اللاهوتية، إلا أنها تتفق جميعًا على المعتقدات الأساسية التي يعبر عنها قانون الإيمان الرسولي.
نص قانون الإيمان الرسولي
فيما يلي النص الكامل لقانون الإيمان الرسولي باللغة العربية:
أؤمن بالله، الآب القدير، خالق السماء والأرض،
وبيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا،
الذي حُبل به من الروح القدس، وولد من مريم العذراء،
تألم في عهد بيلاطس البنطي، صُلب ومات ودُفن،
نزل إلى الجحيم، وفي اليوم الثالث قام من بين الأموات،
صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الله الآب القدير،
ومن هناك سيأتي ليدين الأحياء والأموات.
أؤمن بالروح القدس،
وبالكنيسة الجامعة المقدسة،
وبشركة القديسين،
وبغفران الخطايا،
وبقيامة الجسد،
وبالحياة الأبدية. آمين.
شرح مفصل لعبارات قانون الإيمان الرسولي
لفهم قانون الإيمان الرسولي بشكل أفضل، من المهم تحليل كل عبارة من عباراته على حدة:
- “أؤمن بالله، الآب القدير، خالق السماء والأرض”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالله الواحد، الخالق والمدبر لكل شيء. الله هو الآب، وهو مصدر كل الوجود. كلمة “القدير” تشير إلى قدرة الله غير المحدودة.
- “وبيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بيسوع المسيح، ابن الله الوحيد، الذي هو الله الظاهر في الجسد. يسوع هو “ربنا”، أي السيد والمخلص.
- “الذي حُبل به من الروح القدس، وولد من مريم العذراء”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالتجسد، أي أن يسوع المسيح أخذ طبيعة بشرية كاملة من مريم العذراء، بقوة الروح القدس.
- “تألم في عهد بيلاطس البنطي، صُلب ومات ودُفن”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بموت يسوع المسيح على الصليب، كفارة عن خطايا البشر. بيلاطس البنطي كان الوالي الروماني الذي حكم على يسوع بالموت.
- “نزل إلى الجحيم، وفي اليوم الثالث قام من بين الأموات”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بانتصار يسوع المسيح على الموت. نزول يسوع إلى الجحيم (أو الهاوية) يشير إلى انتصاره على قوى الشر والموت. قيامته من بين الأموات هي دليل على قوته الإلهية وانتصاره النهائي.
- “صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الله الآب القدير”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بصعود يسوع المسيح إلى السماء، حيث يجلس عن يمين الله الآب، ويشفع في المؤمنين.
- “ومن هناك سيأتي ليدين الأحياء والأموات”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالمجيء الثاني ليسوع المسيح، ليدين العالم ويقيم ملكوته الأبدي.
- “أؤمن بالروح القدس”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالروح القدس، وهو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، الله الواحد في ثلاثة أقانيم.
- “وبالكنيسة الجامعة المقدسة”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالكنيسة، وهي جماعة المؤمنين بالمسيح. الكنيسة “جامعة” أي عالمية، وتشمل جميع المؤمنين في كل مكان وزمان. الكنيسة “مقدسة” لأنها مكرسة لله.
- “وبشركة القديسين”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالشركة بين المؤمنين، الأحياء والأموات، في المسيح. القديسون هم المؤمنون الذين ماتوا في الإيمان، والذين يشفعون في المؤمنين الأحياء.
- “وبغفران الخطايا”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بأن الله يغفر خطايا التائبين، من خلال دم يسوع المسيح.
- “وبقيامة الجسد”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالقيامة الجسدية في نهاية الزمان، حيث سيقوم الأموات بأجساد ممجدة.
- “وبالحياة الأبدية”: هذه العبارة تعبر عن الإيمان بالحياة الأبدية مع الله، في ملكوته السماوي.
استخدامات قانون الإيمان الرسولي
يستخدم قانون الإيمان الرسولي في العديد من المناسبات الدينية، بما في ذلك:
- العبادة الجماعية: يُتلى قانون الإيمان الرسولي في العديد من الكنائس أثناء العبادة الجماعية، كاعتراف بالإيمان وتعبير عن الوحدة بين المؤمنين.
- المعمودية: يُستخدم قانون الإيمان الرسولي في المعمودية، حيث يُطلب من المعمد الجديد أن يعلن إيمانه بهذه المعتقدات الأساسية.
- التعليم المسيحي: يُستخدم قانون الإيمان الرسولي كأداة لتعليم المسيحيين الجدد والبالغين عن الإيمان المسيحي.
- الصلاة الشخصية: يمكن للمؤمنين استخدام قانون الإيمان الرسولي كصلاة شخصية، للتأمل في المعتقدات الأساسية للإيمان المسيحي وتجديد التزامهم بالمسيح.
خاتمة
قانون الإيمان الرسولي هو بيان موجز للإيمان المسيحي الأساسي، ويستخدم على نطاق واسع في الكنائس الغربية. يعود أصله إلى تعاليم الرسل الاثني عشر، ويقدم ملخصًا واضحًا للمعتقدات الأساسية للمسيحية، مثل الإيمان بالله الآب، والابن يسوع المسيح، والروح القدس، والكنيسة، وغفران الخطايا، والقيامة، والحياة الأبدية. يُستخدم هذا القانون كمعيار للعقيدة الصحيحة، وأداة للتعليم المسيحي، ورمز للوحدة المسيحية.